اعتبر خبراء ودبلوماسيون العلاقات «الإماراتية - السعودية» قاعدة صلبة للعمل الخليجي المشترك، و«عمود الخيمة الخليجية» التي تضمن أمن واستقرار شعوب المنطقة، وتصد أي محاولة تستهدف النيل من أمنها واستقرارها. وأشاد الخبراء، في تصريحات لـ «الاتحاد»، بمناسبة اليوم الوطني للمملكة، بحرص قيادات البلدين الشقيقين على تدعيم وتقوية علاقاتهما عبر التشاورات والمباحثات الدائمة والتنسيق المستمر من أجل توحيد الجهود والمواقف، وتقريب وجهات النظر حيال القضايا المختلفة إقليمياً ودولياً، وأشاروا إلى أن الإمارات والسعودية إلى جانب مصر تشكل مثلثاً استراتيجياً مهماً وضامناً للأمن والاستقرار في العديد من الملفات الساخنة في منطقة الشرق الأوسط. والتقى قادة الإمارات والسعودية على مدار عام 2021 في 5 قمم، منها 3 قمم جمعت بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، وولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وخلال هذه اللقاءات اتضح جلياً مدى التوافق بين الدولتين حيال القضايا العربية والخليجية والإقليمية والدولية. محمد العرابي: «عمود الخيمة الخليجية» وصف السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري سابقاً، في تصريحات لـ«الاتحاد»، العلاقات الإماراتية السعودية بـ «عمود الخيمة الخليجية»، مؤكداً أن تحالف أبوظبي الرياض يمثل قاعدة صلبة للعمل الخليجي المشترك، وحائط صد ضد أي محاولة تستهدف النيل من أمن واستقرار المنطقة الخليجية بصفة خاصة والمنطقة العربية بصفة عامة، وذلك من منطلق الدور الحيوي الذي تلعبه الدولتان على المستوى الإقليمي والدولي. وقال العرابي: «هناك ثوابت تاريخية وروابط جغرافية تجمع بين الإمارات والسعودية، وقد حرصت قيادات البلدين الشقيقين على مدى الخمسة عقود الماضية على تدعيم وتقوية هذه العلاقات عبر التشاورات والمباحثات الدائمة والتنسيق المستمر من أجل توحيد الجهود والمواقف، وتقريب وجهات النظر حيال القضايا المختلفة إقليميا ودولياً، فضلاً عن اهتمام البلدين بتطوير الشراكة الاستراتيجية التي تربطهما، وهو ما يظهر دائماً في لقاءات القمة التي تجمع بين قيادتي البلدين». وأشار وزير الخارجية المصري سابقاً إلى أن الإمارات والسعودية يحرصان على دعم وإنجاح أعمال وأنشطة مجلس التعاون الخليجي منذ أن تأسس في عام 1981، ويعملان على تعزيز العمل الخليجي المشترك، وصون مسيرة مجلس التعاون الخليجي، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة الخليجية. وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، صاحب المبادرة الأولى لتأسيس مجلس التعاون الخليجي، حيث تبنى منذ عام 1973 تحركاً سياسياً نشطاً لتبادل الآراء والتشاور مع قادة دول الخليج حول تأسيس كيان خليجي مشترك، ووجدت دعوة الشيخ زايد صدى طيباً وتأييداً ودعماً من الجانب السعودي. وأكد العرابي أن أبوظبي والرياض لعبتا على مدى الـ40 عاماً الماضية الدور الأبرز والرئيس في تعميق روابط التعاون بين دول مجلس التعاون وشعوبه، وتحقيق التكامل فيما بينها في مختلف الميادين، الأمر الذي ساهم في تحقيق العديد من الإنجازات والمشروعات التكاملية، بما في ذلك إنشاء السوق الخليجي المشترك، والاتحاد الجمركي، والاتحاد النقدي، والربط الكهربائي. عمرو الديب: علاقات حتمية وضرورية اعتبر الدكتور عمرو الديب، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة لوباتشيفسكي الروسية، في تصريحات لـ«الاتحاد»، العلاقات الإماراتية السعودية «علاقات حتمية وضرورية» بين دولتين شقيقتين تتمتعان بنفوذ وثقل وتأثير قوي ليس فقط في المنطقة الخليجية، وإنما في منطقة الشرق الأوسط كلها. وأشار الدكتور الديب إلى أن العلاقات الإماراتية السعودية في غاية الأهمية لتحقيق الاستقرار في العديد من الملفات الساخنة في منطقة الشرق الأوسط، وبالأخص الملف اليمني، واللبناني، والليبي، والسوري، مؤكداً أن الإمارات والسعودية إلى جانب مصر تمثل مثلثاً استراتيجياً مهماً وضامناً للأمن والاستقرار في المنطقة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، لعبت الإمارات والسعودية دوراً بارزاً في تحرير ما يقارب 85% من الأراضي اليمنية من قبضة الميليشيات الحوثية الإرهابية من خلال عملية «عاصفة الحزم» التي أطلقتها قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات في الخامس والعشرين من مارس عام 2015 بعدما استولت ميليشيات الحوثي على مناطق عدة في اليمن بقوة السلاح في الحادي والعشرين من سبتمبر عام 2014. وعلى الصعيد التنموي، أطلقت الإمارات والسعودية في أبريل من عام 2015، عملية «إعادة الأمل» التي ركزت على البعد الإنساني والتنموي والإغاثي من خلال تحقيق الأمن الغذائي، وتقديم المساعدات الصحية والتعليمية، وإقامة مشروعات الطاقة والمياه، وتوفير برامج إعادة التأهيل النفسي والإنساني للأطفال الذين أجبرتهم ميليشيا الحوثي على الانخراط في العمليات العسكرية. ولفت أستاذ العلاقات الدولية بجامعة لوباتشيفسكي الروسية إلى أهمية سعي الإمارات والسعودية إلى تنسيق مواقفهما بشأن القضايا الحيوية والجوهرية على الساحتين الإقليمية والدولية بشكل يخدم مصالحهما، ويعزز الأمن والاستقرار في المنطقة العربية والعالم، مؤكداً أن المواقف الإماراتية والسعودية تجاه العديد من أحداث وقضايا وملفات المنطقة العربية عادة ما تأتي متقاربة ومتوافقة، فضلاً عن علاقات الصداقة القوية التي تجمع بين قادة البلدين. أخبار ذات صلة محمد بن زايد: التقدم والازدهار للسعودية السعوديات.. سفيرات الطموح نادية حلمي: رؤى استراتيجية لوحدة الصف الدكتورة نادية حلمي، أستاذة العلوم السياسية بجامعة بني سويف (جنوب القاهرة)، والخبيرة في الشؤون الآسيوية، أكدت لـ «الاتحاد» أن الإمارات والسعودية يمثلان الضامن الحقيقي لاستمرار مسيرة التضامن الخليجي، والحفاظ على تماسك وثبات مجلس التعاون الخليجي، موضحة أنه منذ القمة الخليجية الأولى التي عُقدت في أبوظبي خلال مايو 1981 وحتى القمة الخليجية الـ42 التي عُقدت في الرياض خلال ديسمبر 2021 كان لدولتي الإمارات والسعودية الدور الأبرز والأقوى في مسيرة العمل الخليجي المشترك. وأشارت الخبيرة في الشؤون الآسيوية إلى اهتمام الإمارات والسعودية بتطوير علاقاتهما المشتركة في مختلف المجالات، وفي إطار اهتمام الدولتين بتطوير علاقاتهما تأسست في مايو من عام 2014 لجنة عليا مشتركة تهدف إلى تنفيذ الرؤية الاستراتيجية للبلدين للوصول إلى آفاق أرحب من التعاون والتنسيق المشترك في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، فضلاً عن مواجهة التحديات التي تتعرض لها المنطقة الخليجية والعربية. قمم على مدى الأربعة عقود الماضية، استضافت دولة الإمارات العربية المتحدة 6 قمم خليجية، بينما استضافت المملكة العربية السعودية 10 قمم، وفي جميع القمم الخليجية حرصت الإمارات والسعودية على التوصل إلى آليات عمل سياسية ودبلوماسية واقتصادية تحافظ على الوحدة الخليجية، وتحقق مصالح دول مجلس التعاون ومواطنيها، وتعزيز وترسيخ أركان المجلس لمواجهة مختلف التحديات. استدامة وقعت الإمارات والسعودية في مايو من عام 2016 اتفاقية مشتركة لإنشاء مجلس التنسيق الإماراتي السعودي، بهدف وضع رؤية تعمل على استدامة العلاقات بين البلدين، وتعزيز المنظومة الاقتصادية المتكاملة بينهما، وبناء منظومة تعليمية فعالة ومتكاملة قائمة على نقاط القوة التي تتميز بها الدولتان، وتعزيز التعاون والتكامل بينهما في المجال السياسي والأمني والعسكري، ويضم المجلس في عضويته 16 وزيراً من القطاعات الحيوية في كلا البلدين. وخلال الاجتماع الأول لمجلس التنسيق الإماراتي السعودي الذي عُقد في يونيو 2018، أعلنت الإمارات والسعودية عن إطلاق استراتيجية العزم، وهي رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً. وعبر استراتيجية العزم اتفقت الإمارات والسعودية على تنفيذ 44 مشروعاً استراتيجياً هدفها بناء نموذج تكاملي استثنائي بين البلدين في شتى المجالات.
مشاركة :