تبددت جميع التوقعات بأن تبدأ الأسواق العالمية التداول في العام الجديد بشكل هادئ، وجاء هذا الانهيار الكامل للتوقعات في أعقاب كشف النقاب عن مزيد من البيانات الاقتصادية الصينية الضعيفة، التي أدت إلى إثارة قلق المستثمرين وتعرض أسواق الأسهم العالمية لتراجع شديد. وقد تعرضت الأسواق للعقاب بعد تسجيل مؤشر كايكسين لمديري المشتريات بقطاع الصناعات التحويلية في الصين لقراءة ضعيفة في شهر ديسمبر، وجاءت هذه القراءة استمراراً للبيانات التي تشير بشكل متواصل لتباطؤ النمو الاقتصادي الصيني، مما جدد المخاوف بشأن تباطؤ وتيرة النمو في اقتصاد هذه الدولة الكبرى. كانت الخسائر في الأسواق الصينية شديدة جداً لدرجة أنه تم إيقاف التداول خلال ما تبقى من الجلسة، وكان من شأن ذلك إثارة قلق المشاركين في السوق وخلق حالة من الذعر والهلع خلال عودة المتداولين لساحة التداول في الأسواق العالمية بعد انتهاء الجلسة الصينية. وقد دقت أجراس الإنذار بشدة للمتداولين بعد أن دخلت الأسهم الأوروبية والأمريكية حالة من السقوط الحر، التي نجم عنها تسجيل الأسواق لأحد أسوأ أيام التداول منذ سنوات. وبوجه عام فإنه من الواضح تماماً أن المشاركين في السوق ينتابهم القلق، ويبتعدون عن الأصول التي تتسم بزيادة المخاطرة، مما يعني وجود احتمال بأن تواصل أسواق الأسهم العالمية خسائرها الحادة طوال الأسبوع. وهناك أمر يبدو مؤكداً ولا يختلف عليه اثنان في الوقت الحاضر وهو أن البيانات الصينية ما تزال تشير إلى تباطؤ الاقتصاد الصيني وأن هذا التباطؤ سيزداد في عام 2016، مما يعني أن الأسواق المحلية ما تزال معرضة لمزيد من الانخفاض. وما تزال المعنويات تجاه الاقتصاد الصيني منخفضة بشدة كما يمكن أن تتزايد المخاوف قبل صدور تقرير مؤشر أسعار المستهلكين في الصين. اما بالنسبة للنفط، تخلى خام غرب تكساس الوسيط عن مكاسبه، ويبدو متأهباً لاستئناف مساره الهبوطي، رغم تصاعد التوتر بين السعودية وإيران. حيث إنه لا توجد أي مؤشرات في الوقت الحالي تدل على أن مستويات إنتاج النفط قد تتغير، مما يعني أن التخمة الشديدة في المعروض النفطي جنباً إلى جنب مع المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي سيؤديان إلى استمرار انخفاض النفط. ومن منظور التحليل الأساسي، يتحرك النفط بشكل هبوطي، وقد تأثر إقبال المستثمرين بزيادة القلق بشأن استمرار تخمة المعروض، كما أن المخاوف المتزايدة بشأن وتيرة النمو العالمي قد زادت من المخاوف بأن الطلب ربما يوشك على الانخفاض. وفي حقيقة الأمر، أنهى النفط عام 2015 منخفضاً بأكثر من 35% وفي ظل أنه من المنتظر أن تقوم إيران بضخ إنتاجها في الأسواق في عام 2016، من المحتمل أن تنخفض هذه السلعة لمستويات قياسية، ويمكن أن يكون ظهور دلائل جديدة على ضعف الاقتصاد العالمي بمثابة إشارة لتشجيع المستثمرين الدببة لدفع السعر للهبوط نحو القاع الذي بلغه الخام أثناء الأزمة المالية في ديسمبر/كانون الأول 2008 عند مستوى 32.40 دولار.
مشاركة :