انهيار الأسهم الصينية مدعاة للاحتفال وليس الذعر

  • 1/6/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ينبغي على الصين أن تحتفل بانهيار سوق الأسهم. كان ذلك ديدن المسؤولين فيها خلال الأزمة الأخيرة الصيف الماضي عندما فقد مؤشر شنغهاي المركب نحو ثلث قيمته خلال أربعة أسابيع. يومها، أطلقت بكين حملة تحريات حول عمليات البيع الفورية الخبيثة وضخت 200 مليار دولار للحفاظ على تماسك الأسواق. ولكي نعطي كل ذي حق حقه نقول إن المسؤولين فيها يقرون بفشل الأدوات التي يستخدمونها عندما يثبت عدم جدواها. وغالباً ما تقوم أكثر اللحظات سعادة في الصين على أزمات من هذا القبيل. وفي نهاية المطاف يتبين أن أربعة عقود من التخطيط الاقتصادي المركزي لم تسفر سوى عن مزيد من التراجع والجوع، ما أجبر الصين على التخلي عن النموذج السوفييتي في إدارة الاقتصاد. ومنذ الثمانينات، تبنت الصين نموذجاً جديداً في النشاط الصناعي نجحت من خلاله في التحول إلى قوة صناعية عالمية، وصار اقتصادها ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد أن كانت دولة زراعية تعيش على الكفاف. ولا شك في أنه تحول هائل رغم استنفاده كثيراً من مواردها الطبيعية وتلويث البيئة وتحقيق معدلات ضعيفة في مجال تحسين مستويات المعيشة مقارنة مع ما كان متوقعاً. لكن حتى تلك الاستراتيجية تحولت في السنوات الأخيرة إلى نهج غير مجد في ظل ارتفاع مديونيات الشركات وتقلص أرباحها. وتزامن ذلك مع ارتفاع مديونيات حكومات الأقاليم إلى مستويات تهدد بالكثير من المخاطر. وبلغت التراكمات ذروتها عام 2014 عندما بدأ المسؤولون يبحثون عن وسائل لإنعاش أسواق الأسهم في ظل غياب أي من المحفزات الافتراضية التي تصاحب عادة مراحل التغيير الجذري في إدارة الاقتصاد. وكان الهدف تحفيز الاقتصاد من دون تحمل عبء الإنفاق الاستهلاكي السخي الذي تتطلبه برامج التحفيز المالي. وكانت المشكلة في أن يتحمل العامة فاتورة التغيير، ليس عبر النظام الضريبي وإنما عبر قنوات إعادة توزيع الثروات داخلياً التي تنتج عن شراء المستثمرين اسهماً بأسعار تضخمية بتأثير القرارات الرسمية. وقد قامت هذه الاستراتيجية منذ البداية على شكوك ذات أرضية أخلاقية. وتزايدت مخاطرها مع الزمن لأنه كلما كانت حركة الأسهم التصاعدية أسرع كلما كان تراجعها أكثر فداحة. وحتى مع الخسارة التي تكبدها مؤشر شنغهاي أمس، لا تزال قيمته تفوق بنسبة 40% قيمته الأساسية عند بدء دورة التحليق قبل عامين. وهذا يعني أن الأسهم مرشحة لمزيد من الهبوط. وهذا أشد إيلاماً للمستثمرين، أما خارج أسواق الأسهم فلا بد أن يتسبب بكارثة جديدة. وانطلاقاً من إدراكها لواقع الأمر تسعى الحكومة الصينية لتغيير المسار، حيث بدأت تؤمن بفضيلة إصلاح جانب الطلب الذي يتجلى في مؤشرات على بلوغها نهاية المطاف في ما يتعلق بالتحفيز المالي والشروع في تبني النظرية الريغانية (نسبة إلى رونالد ريغان) في إدارة الاقتصاد. وتقوم سياسة بكين الجديدة على محورين، أولهما توفير بيئة عمل أكثر سهولة للشركات من خلال القضاء على البيروقراطية. والثاني منح القطاع الخاص دوراً أكبر في تنفيذ المشاريع الحكومية التي كانت في الماضي حكراً على الشركات الحكومية بإداراتها الفاسدة. ولا شك في أن هذا تحول محمود حتى الآن. لكن الحكومة لا تبدي رغبة حتى الآن في تسريع هذا التحرك، وحتى لو فعلت فلن تكون المعايير المذكورة كافية ولا بد من أن تكون عملية إصلاح النظام الضريبي وخصخصة المؤسسات والشركات الحكومية على رأس جدول أعمالها. وحتى اليوم لا يزال الصينيون يؤمنون بأنه عندما تكون جائعاً، نصف رغيف أفضل من لاشيء. فايننشال تايمز

مشاركة :