معاناة نفسية كبيرة عاشتها رشا، بين ماض يطاردها، وحاضر يقودها في النهاية إلى ارتكاب الجرائم، ومستقبل معذب قادتها إليه نهاية غير متوقعة في حلقات المسلسل المصري «الليلة واللي فيها»، الذي انتهى عرضه مؤخراً على منصة «شاهد»، وتصدر قوائم «الأكثر مشاهدة». أحداث المسلسل دارت في إطار من الإثارة والتشويق، من خلال مهندسة الديكور التي تحقق نجاحاً في عملها، غير أنها تعاني ظروفاً نفسية معقدة عاشتها منذ الطفولة، وطاردتها في المراهقة، وتسعى طوال والوقت لإخفاء كل شيء عن الجميع، لتبدو مظهرياً زوجة وأماً ناجحة، وعندما يموت الرجل الذي تربطها به علاقة غرامية في بيتها، تجبر الزوجة على إخفاء جثته عن زوجها، واللجوء إلى أساليب تجعلها عرضة للابتزاز، وتدفعها لارتكاب الجرائم. المسلسل كتبه محمد رجاء، ولعبت بطولته كل من زينة، وسماح أنور، ومحمد شاهين، وعلاء مرسي، وآلاء سنان، ومغني الراب أبو يوسف. وعرض على مدى ست حلقات (بمعدل حلقة أسبوعياً) وحظي العمل بإعجاب كبير على مواقع التواصل الاجتماعي. وتعرض المسلسل لفكرة غير تقليدية ونهاية أيضاً غير تقليدية، فمع تعدد جرائم البطلة من خيانة وقتل، لا تكون نهايتها القانونية المعتادة بالسجن أو الإعدام، لكن العمل اختار لها نهاية نفسية تلائمها، وهو ما يبرره المؤلف محمد رجاء، في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «المسلسل قائم على حالة نفسية، ورأيت أن يكون العقاب أيضاً نفسياً، وهذا أصعب عقاب يمكن أن تحصل عليه البطلة (زينة) أن تظل في الدائرة نفسها من المخاوف والقلق، بعدما اعتقدت أنها تخلصت من كل ما يؤرقها بجريمتي قتل، وتصورت أن الجو قد خلى لها، إذا بها تتفاجأ بشخصية جديدة تعرف ما تخبئه (آلاء سنان) لتظل لعنة الخوف تطاردها إلى الأبد». ويرفض رجاء فكرة النهايات التقليدية، قائلاً: «النهاية التقليدية أن يتم القبض عليها، لكنني أسعى عادة وراء الأشياء النفسية لدى شخصيات أبطالي، لأنها التي تحركهم وتجعلهم بين الفعل ورد الفعل دائماً، ويظل العقاب النفسي مرحلة من مراحل العقاب». نهاية الحلقات التي بدت مفتوحة، دفعت بعض المتابعين للمطالبة بتقديم جزء ثانٍ من العمل. ووفق المؤلف، فإن «النهاية بالفعل تحتمل تقديم جزء ثانٍ من المسلسل، لكنني لا أحبذ ذلك، ولا أفضل الأجزاء الثانية، لأنها تكون قائمة على توقعات الجمهور؛ بل أفضل أن أبدأ شخصية جديدة في عمل جديد، وأشعر أن المسلسل بحلقاته الست يمثل وحدة واحدة». حول مدى تحقيق العمل لتوقعاته كمؤلف. يؤكد رجاء أن «المخرج هاني خليفة حقق نسبة كبيرة من تصوراته، وأعمال المنصات، خصوصاً ذات الحلقات القليلة، هي أقرب لتكنيك السينما من التلفزيون». وأشادت الناقدة الفنية ماجدة خير الله، بالمسلسل لـ«تكامل عناصره الفنية». وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «هذا العمل يضع المشاهد في حالة من القلق، لأنه قائم على الإثارة والتشويق، ونجح منذ حلقته الأولى في جذب الانتباه، وجعله شريكاً في كل لحظة توتر تعيشها البطلة، فظل منشغلاً بكيفية خروجها من كل هذه المواقف المثيرة». وترى خير الله أن «أبطال العمل ظهروا بأداء مغاير غير معتاد، مثل زينة، التي قدمت من قبل أعمالاً تنطوي على قدر من الشر، لكنها هنا ليست شراً مطلقاً، فهي تدافع عن نفسها وبيتها، وترتكب جرائم لذلك، وسماح أنور، أول مرة تقدم هذا النوعية، لأن الفكرة مختلفة وطريقة سردها مختلف، وهذا ذكاء من كاتب السيناريو والمخرج، وبرغم أن الأحداث تجري في حيز ضيق؛ لكنه قدم جماليات في الصورة والإضاءة والموسيقى والمونتاج، وقد ظهرت كل العناصر بشكل متفوق». حول النهاية غير التقليدية وإمكانية تقديم جزء آخر للعمل، تقول «نحن أمام عمل درامي مختلف، وقد اختار المؤلف نهاية تليق ببطلته». وأرى أن «تقديم جزء ثان من المسلسل سيفسد الأول، وليس على العمل الدرامي أن يتتبع كل التفاصيل، بل من المهم أن يترك المشاهد يفكر ويضع تصوراته بنفسه».
مشاركة :