بحث: الفيروسات قد تكون لها آذان وعيون علينا

  • 9/25/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

وجد بحث جديد أن الفيروسات قد تكون لها «عيون وآذان» علينا؛ كما يمكن ان تكون لقدرة بعض الفيروسات المكتشفة حديثًا على مراقبة بيئتها آثار على تطوير الأدوية المضادة للفيروسات. حيث يقترح بحث جديد بقيادة «UMBC» (جامعة ماريلاند بمقاطعة بالتيمور) نشر بمجلة «Frontiers in Microbiology» أن الفيروسات تستخدم المعلومات من بيئتها «لتقرر» متى تجلس بإحكام داخل مضيفها ومتى تتكاثر وتنفجر، ما يؤدي إلى قتل الخلية المضيفة. وان العمل على هذا الاقتراح له آثار في تطوير الأدوية المضادة للفيروسات. وتضيف قدرة الفيروس على الإحساس ببيئته، بما في ذلك العناصر التي ينتجها مضيفه «طبقة أخرى من التعقيد للتفاعل الفيروسي مع المضيف»، حسب ما يقول الدكتور إيفان إيريل أستاذ العلوم البيولوجية كبير المؤلفين في الورقة البحثية الجديدة «في الوقت الحالي تستغل الفيروسات هذه القدرة لمصلحتها. لكن في المستقبل يمكننا استغلال ذلك لإلحاق الضرر بها». ليس من قبيل الصدفة وركز البحث الجديد على العاثيات (الفيروسات التي تصيب البكتيريا وغالبًا ما يشار إليها ببساطة باسم العاثيات). إذ لا يمكن أن تصيب العاثيات في الدراسة مضيفيها إلا عندما تكون للخلايا البكتيرية زوائد خاصة تسمى «الشعيرة والسوط»، والتي تساعد البكتيريا على الحركة والتزاوج. إذ تنتج البكتيريا بروتينًا يسمى CtrA يتحكم في وقت تكوين هذه الزوائد. وتُظهر الورقة الجديدة أن العديد من العاثيات التي تعتمد على الملاحق لها أنماط في حمضها النووي حيث يمكن لبروتين CtrA أن يلتصق بها تسمى «مواقع الربط». وفق إيريل؛ الذي يؤكد «أن العاثية التي لها موقع ربط لبروتين ينتجه مضيفها أمر غير معتاد». الأكثر إثارة للدهشة أن إيريل والمؤلف الأول للبحث الدكتور إيليا ماسكولو الطالب بمختبر إيريل، وجدا من خلال التحليل الجينومي المفصل أن مواقع الربط هذه لم تكن فريدة من نوعها لعاثة واحدة، أو حتى مجموعة واحدة من العاثيات. وأن العديد من الأنواع المختلفة من العاثيات تحتوي على مواقع ربط CtrA؛ لكنها طلبت جميعًا من مضيفيها أن يكون لديهم شعيرة أو سوط لإصابتها. مؤكدين «أن الأمر لا يمكن أن يكون مصادفة»، وذلك وفق ما نشر موقع «EurekAlert» العلمي المتخصص. ويضيف إيريل «أن القدرة على مراقبة مستويات CtrA تم اختراعها عدة مرات خلال التطور بواسطة عاثيات مختلفة تصيب بكتيريا مختلفة». وتابع «عندما تُظهر الأنواع ذات الصلة البعيدة سمة مماثلة يُطلق عليها (التطور المتقارب)؛ وهي تشير إلى أن السمة مفيدة بالتأكيد». التوقيت هو كل شيء أول فجوة حدد فيها فريق البحث مواقع ارتباط CtrA تصيب مجموعة معينة من البكتيريا تسمى «Caulobacterales»؛ وهي مجموعة من البكتيريا تمت دراستها جيدًا، لأنها توجد في شكلين: شكل «سرب» يسبح بحرية، وشكل «مطارد» يلتصق بالسطح. وان الأسراب لها شعيرة أو سوط، وأن السيقان ليست كذلك. ففي هذه البكتيريا، ينظم CtrA أيضًا دورة الخلية ويحدد ما إذا كانت الخلية ستقسم بالتساوي إلى خليتين أخريين من نفس نوع الخلية أو تنقسم بشكل غير متماثل لإنتاج سرب واحد وخلية ساق واحدة. ونظرًا لأن العاثيات يمكنها إصابة الخلايا الحربية فقط، فمن مصلحتها فقط أن تنفجر خارج مضيفها عندما يكون هناك العديد من الخلايا السربية المتاحة للإصابة. وبشكل عام، تعيش «Caulobacterales» في بيئات فقيرة بالمغذيات، وهي منتشرة بشكل كبير، وفق إيريل، الذي يوضح «لكن عندما تجد جيبًا جيدًا من الموائل الدقيقة فإنها تتحول إلى خلايا مطاردة وتتكاثر مما ينتج عنه في النهاية كميات كبيرة من الخلايا الحاشدة. لذلك نفترض أن العاثيات تراقب مستويات CtrA، التي ترتفع وتنخفض خلال دورة حياة الخلايا لمعرفة متى تصبح خلية السرب خلية ساق وتصبح مصنعًا للأسراب». مبينا «وفي تلك المرحلة تقوم بتفجير الخلية، لأنه سيكون هناك العديد من الأسراب القريبة للإصابة». ولسوء الحظ، إن طريقة إثبات هذه الفرضية تتطلب عمالة مكثفة وصعبة للغاية، لذا لم يكن ذلك جزءًا من هذه الورقة البحثية الأخيرة (على الرغم من أن إيريل وزملاءه يأملون في معالجة هذا السؤال في المستقبل). ومع ذلك، لا يرى فريق البحث أي تفسير آخر معقول لتكاثر مواقع ربط CtrA على العديد من العاثيات المختلفة، وكلها تتطلب الشعيرة أو السوط لإصابة مضيفيها. وأشاروا إلى أن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو الآثار المترتبة على الفيروسات التي تصيب الكائنات الحية الأخرى حتى البشر. كل ما نعرفه عن العاثيات «استراتيجية تطورية» هناك عدد قليل من الأمثلة الموثقة الأخرى على العاثيات التي تراقب بيئتها بطرق مثيرة للاهتمام. لكن لا يوجد منها العديد من العاثيات المختلفة التي تستخدم نفس الاستراتيجية ضد العديد من العوائل البكتيرية. ويشرح إيريل «أن هذا البحث الجديد هو أول عرض واسع النطاق على أن العاثيات تستمع إلى ما يحدث في الخلية (من حيث تطور الخلية)». لكنه يتوقع المزيد من الأمثلة في الطريق. وبالفعل، بدأ أعضاء معمله في البحث عن مستقبلات لجزيئات تنظيمية بكتيرية أخرى في العاثيات، كما يقول «وقد عثروا عليها». طرق علاجية جديدة يقول إيريل إن النتيجة الرئيسية من هذا البحث هي أن «الفيروس يستخدم الذكاء الخلوي لاتخاذ القرارات، وإذا كان يحدث في البكتيريا، فمن شبه المؤكد أنه يحدث في النباتات والحيوانات، لأنه إذا كانت استراتيجية تطورية منطقية، فالتطور سوف يكتشفها ويستغلها». فعلى سبيل المثال، لتحسين استراتيجيته للبقاء والتكاثر، قد يرغب فيروس حيواني في معرفة نوع النسيج الموجود فيه أو مدى قوة الاستجابة المناعية للمضيف للعدوى. وفي حين أنه قد يكون من المقلق التفكير في جميع فيروسات المعلومات التي يمكن أن تجمعها وربما تستخدمها لجعلنا أكثر مرضًا، فإن هذه الاكتشافات تفتح أيضًا طرقًا لعلاجات جديدة. ويبين إيريل «إذا كنت تطور دواءً مضادًا للفيروسات وكنت تعلم أن الفيروس يستمع إلى إشارة معينة، فربما يمكنك خداع الفيروس». مع ذلك، في الوقت الحالي «بدأنا للتو في إدراك مدى فعالية تركيز الفيروسات علينا؛ كيف تراقب ما يجري من حولها وتتخذ قرارات بناءً على ذلك... انها مخلوقات مذهلة».

مشاركة :