يقف العالم على مشارف مرحلة مفصلية ستتزايد خلالها تداعيات التغير المناخي ومخاطره على الإنسان، ما لم يتم تبنّي إجراءات فعالة للحد من هذه الظاهرة. ورغم اتخاذ العديد من الخطوات الملموسة خلال السنوات الماضية لمواجهة تأثيرات التغير المناخي، إلا أن هذا التحدي يتطلب توسيع نطاق المبادرات وتعزيز التعاون الدولي وتسريع وتيرة العمل المناخي. وتشير تقديرات الخبراء إلى أن وتيرة ظواهر وحوادث الطقس شهدت زيادة بواقع 400 بالمئة خلال السنوات السبع الماضية. وتواصل انبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن الأنشطة البشرية ارتفاعها، حيث بلغت أعلى مستوياتها تاريخياً وفق ما أعلنته الأمم المتحدة. وأدت هذه العوامل إلى تفاقم التحديات المناخية وتزايد حدة تأثيرها على الكوكب، لا سيما في المناطق الفقيرة والمجتمعات الأكثر عرضةً للمخاطر. وقال معالي سعيد محمد الطاير، نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة في دبي، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي، رئيس المنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر: «يلقي التغير المناخي بظلاله على العالم أجمع، ويفرض تحديات كبيرة على كافة الدول. وتؤدي زيادة الانبعاثات في أي مكان حول العالم إلى تأثيرات سلبية على جميع سكان الكوكب، مما يؤكد ضرورة تضافر الجهود الدولية في تطوير حلول فعالة، والارتقاء بمستوى التنسيق لضمان مضي جميع الدول قدماً في التحول نحو الاقتصاد منخفض الانبعاثات الكربونية». وأضاف معالي الطاير: «تقام القمة العالمية للاقتصاد الأخضر تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وتتولى تنظيمها هيئة كهرباء ومياه دبي والمنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر والمجلس الأعلى للطاقة في دبي. وتواصل القمة، منذ تأسيسها قبل 8 سنوات، توفير منصة استراتيجية لتطوير خطط فعالة واستباقية لمواجهة التغير المناخي وتعزيز التعاون الدولي، وتجاوز التحديات والمخاطر التي يفرضها التغير المناخي». وتعقد القمة في دورتها المقبلة يومي 28 و29 الجاري في مركز دبي التجاري العالمي. وأوضح الطاير: «تشكل القمة العالمية للاقتصاد الأخضر جزءاً من مساهمات دولة الإمارات العربية المتحدة في دعم الجهود المشتركة للمجتمع الدولي في سبيل إطلاق مبادرات مستدامة لتسهيل تحول العالم نحو نموذج الاقتصاد الأخضر. ويمثل هذا الحدث ركيزةً أساسية ضمن تحضيرات الدولة لاستضافة الدورة 28 من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) في نوفمبر عام 2023. كما تعكس القمة جهود الدولة ودورها الريادي في الجمع بين النمو الاقتصادي وضمان الاستدامة وخفض الانبعاثات الكربونية، واستشراف مستقبل أفضل للبشرية جمعاء». وأضاف معالي الطاير: «ما نحتاجه في هذه المرحلة هو إطار عمل عالمي لتسهيل مشاركة المعارف وتعزيز التعاون بما يضمن توسيع نطاق اعتماد هذه الحلول ومضاعفة تأثيرها حتى تشمل فوائدها المرجوَّة المجتمع العالمي بأكمله». كما تم تطوير العديد من الحلول المبتكرة الأخرى، والتي يتم تطبيقها حالياً في مختلف أنحاء العالم للمساعدة في تسريع وتيرة التحول نحو الاقتصادات النظيفة والمستدامة. واختتم الطاير: «سنعمل من خلال هذه القمة على تعزيز مسيرة تبني الطاقات المتجددة من خلال إشراك جميع شرائح المجتمع، ولا سيما الشباب، وتعزيز مساهمتهم الفعالة في بناء مستقبل أكثر استدامة». المبادرات الدولية وفي خطوة عكست حجم التعاون الدولي وأهمية مواجهة تحديات التغير المناخي، تبنَّت العديد من دول العالم اتفاقية باريس للمناخ عام 2015، والتي تدعو الدول الموقّعة إلى العمل على الحد من تزايد درجات الحرارة عالمياً وإبقاء معدلات ارتفاعها ما دون 2 درجة مئوية. وأقيمت الدورة 15 من مؤتمر الأطراف (COP15) في العاصمة الدنماركية كوبنهاغن عام 2009، وشهدت اتفاق الدول المتقدمة على حشد تمويل يبلغ 100 مليار دولار سنوياً بحلول العام 2020 دعماً للعمل المناخي في الدول النامية. وتم اعتماد هذا الهدف رسمياً خلال الدورة 16 من مؤتمر الأطراف (COP16)، والتي أقيمت في مدينة كانكون بالمكسيك. وشهد مؤتمر الأطراف (COP21) في باريس تأكيد هذا الهدف، مع تمديد الموعد النهائي لتنفيذه إلى العام 2025. في عام 2020، أظهر تقرير لمتابعة مدى التقدّم في حشد التمويل الدولي، نشرته «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية»، أنَّ حجم تمويل المبادرات المناخية وصل إلى 83.3 مليار دولار، مع تخصيص الجزء الأكبر من المساعدات الإنمائية للدول الآسيوية والدول متوسطة الدخل، في سبيل تمويل مختلف برامج مواجهة التغير المناخي. وفي المملكة المتحدة، ساهم إصدار قانون التغير المناخي قبل عدة سنوات في خفض الانبعاثات الكربونية محلياً، وتحسين جاهزية المملكة للتعامل مع تأثير التغير المناخي. ويضع هذا القانون أهدافاً ملزمة لمستويات الانبعاثات الواجب تحقيقها بحلول العام 2050، ويدعم المملكة المتحدة في مبادراتها للحد من التغير المناخي، وخفض انبعاثات غازات الدفيئة بصورة مستدامة. بالتزامن مع ذلك، تم تأسيس «مؤسسة تمويل الطاقة النظيفة» (CEFC) في أستراليا خلال عام 2012 للمساعدة في زيادة الاستثمارات المخصصة لمشاريع الطاقة النظيفة بما يدعم مسيرة الدولة للتحول نحو الاقتصاد منخفض الكربون، حيث ساهمت المؤسسة بشكل كبير في حشد الاستثمارات الخاصة وتسخيرها لتطوير التكنولوجيا النظيفة وحلول خفض الانبعاثات الكربونية في أستراليا. مساهمات الإمارات في ديسمبر 2020، سلّمت دولة الإمارات العربية المتحدة مساهماتها المحددة وطنياً (NDC) إلى «أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ»، والتي تلتزم بموجبها بتركيز الجهود لخفض مسببات التغير المناخي وتعزيز قدرات التكيف مع تداعياته، إلى جانب تعهدها بخفض انبعاثاتها من غازات الدفيئة بنسبة 23.5 % بحلول العام 2030. وتماشياً مع هذه المساهمات، أطلقت دولة الإمارات أطر عمل تنظيمية جديدة وعملت على تطوير المزيد من الحلول المبتكرة الداعمة للطموحات الوطنية والتزام الدولة بتحقيق الخفض المطلق للانبعاثات بنحو 70 مليون طن خلال الأعوام الثمانية القادمة. وفي هذا الإطار، استحدثت دولة الإمارات أول شبكة تجارية في المنطقة العربية لاحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، حيث ستلعب هذه التقنية دوراً هاماً في تحقيق أهداف الدولة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة وتخفيف آثار تغير المناخ. كما تلتزم دولة الإمارات بتطوير وزيادة حصة الطاقة النظيفة المحلية، ومن المتوقع أن تصل قدرة الدولة في إنتاج الطاقة النظيفة والتي تجمع بين الطاقة المتجددة والنووية إلى 14 جيجاوات بحلول عام 2030، وقد بلغت استثمارات الدولة في مشاريع الطاقة النظيفة المحلية أكثر من 40 مليار دولار أمريكي. علاوةً على ذلك، أعلنت هيئة كهرباء ومياه دبي أن لديها خططاً لاستثمار 40 مليار درهم في النفقات الرأسمالية خلال خمس سنوات، بما في ذلك التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة والنظيفة، واستكمال مراحل مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، وهو أكبر مجمع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم، وستبلغ قدرته الإنتاجية 5,000 ميجاوات عند اكتماله بحلول عام 2030. كما وضعت دولة الإمارات الخطة الوطنية للتغير المناخي 2017 - 2050 لتحقيق أعلى درجات الاستعداد وإدارة المخاطر، سواء في الوقت الحالي أو المستقبلي، حيث تمثل هذه الخطة الإطار الوطني الشامل لإدارة انبعاثات الغازات الدفيئة، وتحسين القدرة على التكيف مع التغير المناخي، وتطوير الحلول المبتكرة لتعزيز التنوع الاقتصادي بالتعاون مع القطاع الخاص، إلى جانب الالتزام بتطبيق مبادئ الاقتصاد الدائري الذي يمهد الطريق لتحقيق الإدارة المستدامة والاستخدام الفعال للموارد الطبيعية على المستوى المحلي، إلى جانب تعزيز القدرة على مواجهة المخاطر العالمية المستقبلية، وعلى رأسها تغير المناخ. وستجدد دولة الإمارات التزامها بتوفير الدعم الكامل لتسريع وتيرة التحول نحو الاقتصاد الأخضر في إطار فعاليات القمة العالمية للاقتصاد الأخضر من خلال «إعلان دبي» بنسخته الثامنة. 4 ستجمع القمة كبار الشخصيات العالمية وممثلي المؤسسات الحكومية والشخصيات الرائدة في مجال الأعمال والتمويل المستدام، لمشاركة أفضل الممارسات والتباحث في المبادئ النظرية والعملية للاقتصاد الأخضر العادل. وتركز أجندة القمة على 4 محاور رئيسية، وهي: الطاقة (إزالة الكربون من شبكات الطاقة القائمة)، والتمويل (حشد الاستثمارات دعماً للتنمية الخضراء)، والأمن الغذائي (تعزيز المرونة والاستدامة في سلاسل القيمة)، والشباب (تمكين الجيل القادم لدفع التغيير الإيجابي). كما ستبرز القمة الجهود المبذولة في منطقة الشرق الأوسط لتحقيق أهداف الاستدامة والمتمثلة في استراتيجيات الحد من التغير المناخي والتكيف مع تداعياته. وتهدف هذه القمة إلى تمهيد الطريق نحو الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقیة الأمم المتحدة الإطاریة بشأن تغیر المناخ (COP27) التي ستنظم في جمهورية مصر العربية العام الجاري، والدورة الثامنة والعشرین من المؤتمر (COP28) التي ستستضيفها دولة الإمارات العام المقبل، حيث تمثل القمة انطلاقة 18 شهراً من النشاط الإقليمي في المنطقة العربية دعماً للعمل المناخي. لمزيد من المعلومات حول القمة العالمية للاقتصاد الأخضر 2022 وللتسجيل، يرجى زيارة الموقع الإلكتروني www.wges.ae تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :