لامادي، هي قرية محاصرة بالجبال والأنهار في محافظة فوقونغ بمقاطعة يوننان. في الماضي كان الوصول إليها أو الخروج منها أمرا مجهدا وشاقا على ساكنيها والقادمين إليها. ومتنفسها الوحيد، هو كبل حديدي يشق نهرها الهادر. دنغ تشيان دوي، طبيب تعود زيارة القرية بصفة دورية، فيحمل حقيبة الدواء على ظهره ويتعلق بالكبل ليقطع النهر، ويقدّم الرعاية الطبية لأهالي القرية المعزولة، ولذلك كان الناس يسمّونه "طبيب الكبل". أما اليوم، وبعد أن بنت الحكومة جسرا على النهر، وشقت الطرقات العامة إلى القرية، فقد باتت مهمة الطبيب دنغ أكثر سهولة. قبل 30 سنة، حينما أصبح دنغ تشيان دوي طبيبا في الأرياف، كان في البداية يكشف على سكان قرية لامادي في عيادة صغيرة بنيت على حافة النهر. لكنه سرعان ما انتبه إلى العديد من المرضى وكبار السن والأطفال لايقدرون على عبور النهر على الكبل للحصول على الرعاية الصحية اللازمة. ولذلك، قرر أن يركب هو الكبل، ويعبر إليهم بنفسه. "حينما بدأت تعلّم ركوب الكبل النهري، كنت أشعر بالخوف والرهبة. وفي الليل عندما يغيب القمر، يصبح عبور النهر مليء بالخطر والمجازفة"، يقول الطبيب دنغ مستذكرا. ولذلك، نصحه أحدهم ذات يوم، بترك هذا العمل والبحث عن لقمة عيش أخرى. لكن هذا العمل، لم يكن بالنسبة للطبيب دنغ مجرّد لقمة عيش، فرد قائلا: "من واجبي أن أفعل شيئا لأهل القرية". في عام 2015، عاشت قرية لامادي على وقع حدث مشهود غيّر تاريخها، وأنهى فصول قصة "مائة يوم من العزلة" الطويلة. فقد بنت الحكومة جسرا قويا على النهر، وشقت طريقا حديثا يصل القرية بالمدينة. وحينها فقط، أمكن للطبيب دنغ أن يتنفس الصعداء، ولن يتجشم بعد اليوم عناء وخطر ركوب الكبل النهري. وفي عام 2019، اشترى الطبيب دنغ، لأول مرة في حياته سيارة، وبدأ يقدم عيادة متنقلة إلى سكان القرى الجبلية. "في السابق، كان الوصول إلى أبعد قرية، يستغرق مني أربع إلى خمس ساعات، أما الآن فتكفي نصف ساعة فقط لأصل إلى القرية"، يقول الطبيب دنغ. في نوفمبر من عام 2020، استطاعت محافظة فوقونغ أن تنزع يافطة الفقر نهائيا عن جميع قراها البالغ عددهم 57 قرية. وطبقت نظام طبيب العائلة، وبذلك صار للطبيب دنغ اليوم مسمّى جديدا – طبيب العائلة. حيث بات يزور سكان القرية الذين يعانون أمراضا مزمنة في بيوتهم، ويقدم لهم الرعاية الصحية التي يحتاجونها. "تغيرات مثيرة، شهدتها القرية خلال هذه الأعوام." يقول الطبيب دنغ، واصفا النقلة النوعية التي حققتها قريته. كما زاد عدد الأطباء الذين يقدمون الرعاية في القرية من واحد إلى أربعة أطباء، وصار من الممكن معالجة الأمراض الخفيفة داخلها دون الحاجة إلى نقل المرضى إلى المدينة. وحينما سئل الطبيب دنغ عن سبب تمسكه بالعمل داخل القرية كل هذه السنين الطويلة رغم المصاعب، أجاب: "لدي عاطفة قوية تجاه أهل القرية، وهذه العاطفة والثقة تجعلاني سعيدا كل يوم، وتشعراني بأن لوجودي قيمة ومعنى. ولن أندم أبدا على أنني كرّست حياتي لأكون طبيبا في الأرياف".
مشاركة :