«سيرة القاهرة»... رائحة الماضي ممزوجة بحياة المصريين

  • 9/27/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

استحضرت «مبادرة سيرة القاهرة» ضمن احتفاليتها التي أقامتها أمس (الاثنين) بالتعاون مع «مكتبة الإسكندرية» في بيت السناري الأثري بحي السيدة زينب، رائحة حواري المحروسة وتاريخ ملوكها وسلاطينها ورجالها وأمراء جيوشها، ومزجتها بتفاصيل الحياة اليومية للمصريين في أيامهم الحالية. وفي «من دروبها العامرة» الفيلم الوثائقي الذي تم عرضه خلال الفعاليات توالت حكايات المماليك الذين سعوا لتسريبها على ألسنة المصريين مستغلين روحهم الشعبية وإيمانهم بقدراتهم الخارقة، ولم تغب أرواح التجار، وحكايات الدروب والأسبلة والقصور والمساجد والوكالات والحمامات القديمة وحتى قراء الكف والطالع أمثال مشيد بيت السناري «إبراهيم كتخدا السناري» وهو من الذين تحولوا بما لديهم من شهرة وإمكانيات خاصة لمكانة كبيرة وصاروا رموزا ومستشارين يستعين بهم الحكام قبل اتخاذ أي من خطواتهم. وقال عبد العزيز فهمي الباحث في التراث وأحد مؤسسي المبادرة لـ«الشرق الأوسط»: «نسعى لإلقاء الضوء على دور المجتمع المدني في حقل التراث ومجالاته، من هنا يأتي احتفال المبادرة بمرور عامين على انطلاقها لتوثيق تاريخ القاهرة وأثارها التي لا تعد ولا تحصى، وعقدنا ندوات عديدة وقمنا بجولات لاكتشاف وبحث ما وراء سطور قرأناها في كتب قديمة وصفت القاهرة وتحدثت عن عصورها وتاريخ ممالكها». ويضيف: «نحاول أن نرى كيف تجسدت القاهرة في بنايات وأحياء عاش فيها المصريون أيامهم، وكيف انطبعت سيرتهم في دروب وأماكن أغوت كل من مر بها من رحالة وعلماء وحجاج ومستشرقين جاءوا لها من كل البقاع وأسرتهم بعمارتها ومحاسنها ولياليها الملاح فهي كانت وما زالت «أصل التفاريح» بحاراتها وتفاصيلها المعمارية العظيمة». ومزجت الفعاليات التي تنوعت بين عروض الفيديو التوثيقية والتصوير الفوتوغرافي والحكايات بين سنوات مجد المماليك وحياتهم وبين حياة المصريين الحالية، وتحدثت عن فنانيها عادل إمام وشادية وسهير المرشدي الذين عاشوا في حي الحلمية قبل انطلاقهم إلى عالم الفن والشهرة. استعرض الفيلم الوثائقي «من دروبها العامرة» وبمصاحبة موسيقى تعبق برائحة التاريخ مناطق القاهرة النابضة بالتاريخ والأثار والعمران مثل تقاطع شارع الصليبة مع شارع القصبة العظمى، كما وثق لخانقاه الأمير شيخون والذي يعتبر المنشأة الأبرز في الشارع، والذي «يتقاطع أيضاً مع شارع الركبية الذي تخصص لصنع الحدوات الحديد التي يضع فيها ركاب الأحصنة أقدامهم وهو ينطلقون بها»، حسب قول الباحث عبد العزيز فهمي. وتجول الفيلم بين شارع السيوفية والذي كان يشتهر ببيع السيوف، وبين باب الفتوح وحي السيدة نفيسة وسبيل أم عباس، والذي كان مصدر إلهام لكثير من الفنانين وتم توثيقه في العديد من اللوحات والصور الفوتوغرافية من أواخر القرن التاسع عشر وحتى بداية العشرين، ولم يغب عن بال صانعي الفيلم استعراض تاريخ منطقة «بركة الفيل» والتي كانت تضم أجمل قصور أمراء وبيوت المماليك، في حي أرستقراطي يجمع بين أصحاب المال والنفوذ والسلطة. وقد ربط الفيلم كل هذا وما تم تقديمه من أعمال درامية وسينمائية خاصة مسلسل «ليالي الحلمية»، كما أشار إلى رمزية الصراع بين عباس حلمي خديو مصر وبكوات المماليك، حيث أزال العديد من أثارهم وبني قصرا أهداه لابنه ثم ورثته حفيدته، وبعد ذلك تم هدمه في أوائل القرن الماضي، ومحو حدائقه وبيعت أرضه، وتوزعت في بيوت وشوارع شكلت حي الحلمية الجديدة. ولم تتوقف فعاليات الاحتفالية عن حدود التوثيق الفيلمي للقاهرة القديمة والشعر والغناء في محبتها، لكن أقيم أيضاً على هامش كل ذلك معرض فوتوغرافي للوحات الرسام الإسكتلندي روبرت هاي والتي رسمها لمعالم القاهرة في منتصف القرن 19، جاورتها لقطات فوتوغرافية معاصرة لنفس اللوحات للفنانة شيماء فكرى، كان الغرض منها حسب ما قالت لـ«الشرق الأوسط»: «حاولت خلق نوع من التحاور والمقارنة بين الأثر وملامحه التي رعاها الرسام الأسكوتلنديين وهو يرسم لوحاته وبين الصور التي قمت بالتقاطها، وكان همي أن أخلق نوعا من المحاكاة بين النسخ المرسومة والصور الفوتوغرافية التي كانت عبارة عن 9 لقطات فوتوغرافية».

مشاركة :