قالت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني إن الحكومة الإيطالية الجديدة ستواجه "خيارات صعبة" في ظل الركود الاقتصادي في أوروبا، وارتفاع مستوى الدين في البلاد. وذكرت محطة "سكاي تي جي 24" الإخبارية الإيطالية، أن الوكالة ترى أن مساحة المناورة فيما يتعلق بالميزانية "محدودة"، في ظل الديون التي يجب أن تستقر دون 138 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام الجاري، والعجز المتوقع أن يبلغ 6.3 في المائة. وأضافت: "رغم ذلك لا نتوقع مخاطر وشيكة في الميزانية حتى تتولي الحكومة الجديدة مهامها". وتوقعت "ستاندرد آند بورز" حدوث "ركود طفيف" في إيطاليا، وخفضت توقعاتها للنمو الاقتصادي للبلاد من 3.4 في المائة إلى 3.1 في المائة العام الحالي، على أن يتراجع بنسبة 0.1 في المائة العام المقبل. وأضافت الوكالة أنها تتوقع "تباطؤا واضحا" للنمو في منطقة اليورو بأكملها. وخفضت توقعاتها لمعدل النمو في المنطقة، التي تضم 19 دولة، من 1.9 في المائة إلى 0.3 في المائة العام المقبل، بحسب "الألمانية". يأتي ذلك في وقت ارتفع فيه مؤشر مخاطر السندات الإيطالية إلى أعلى مستوى له منذ الشهور الأولى لجائحة فيروس كورونا المستجد، في ظل ارتفاع العائد على السندات نتيجة زيادة أسعار الفائدة المصرفية في منطقة اليورو لكبح جماح التضخم. وذكرت وكالة بلومبيرج للأنباء أن البيع الكثيف لسندات الخزانة الإيطالية أدى إلى ارتفاع الفارق في سعر العائد مع السندات الألمانية القياسية إلى أكثر من 244 نقطة أساس وهو أعلى مستوى له منذ أيار (مايو) 2020. وترتفع أسعار العائد على السندات الإيطالية بوتيرة سريعة مع إنهاء البنك المركزي الأوروبي للسياسة النقدية فائقة المرونة واضطراره إلى زيادة سعر الفائدة الرئيسة في الشهر الماضي بمقدار 75 نقطة أساس مع توقعات بزيادة جديدة خلال الأيام المقبلة بالقدر نفسه للحد من معدل التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوياته منذ إطلاق العملة الأوروبية الموحدة قبل أكثر من 20 عاما. في حين قال لويس دي جويندوز نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي إن أكبر مشكلة تواجه الاقتصاد الأوروبي حاليا هي التضخم القياسي الذي أصبح واسع النطاق ويهدد الإنفاق الاستثماري والاستهلاكي. ونقلت وكالة بلومبيرج للأنباء عن جويندوز قوله خلال مشاركته في مؤتمر بالعاصمة الإسبانية مدريد يوم الإثنين "خفض معدل التضخم هو المساهم الأساسي الذي يمكننا تحقيقه لتحسين الموقف الاقتصادي". ويتفق مسؤولو البنك المركزي الأوروبي على ضرورة استمرار زيادة أسعار الفائدة خلال الشهور المقبلة لمكافحة الارتفاع السريع في الأسعار. في الوقت نفسه ينتظر هؤلاء المسؤولون بيانات التضخم في منطقة اليورو للشهر الحالي قبل الاستقرار على قدر الزيادة المطلوبة في سعر الفائدة. وقال جويندوز إن حجم الزيادة في سعر الفائدة سيتوقف على طبيعة البيانات الاقتصادية المنتظر صدورها قبل اجتماع البنك. وبدأت جورجيا ميلوني زعيمة اليمين المتطرف في إيطاليا وحلفاؤها أمس، عملية يرجح أن تستغرق أسابيع لتشكيل حكومة جديدة وسط أزمات تلوح في الأفق على عدة جبهات. وليس لحزب فراتيلي ديتاليا "إخوة إيطاليا" الذي تتزعمه ميلوني والفائز في انتخابات الأحد أي خبرة في الحكم، لكن يتعين عليه أن يجمع فريقا من مختلف الأحزاب يعالج أزمة الارتفاع الصاروخي للتضخم وأسعار الطاقة، ومشكلة العلاقات مع أوروبا التي تشعر بالقلق. وبحسب "الفرنسية"، تأمل ميلوني البالغة 45 عاما أن تكون أول امرأة على رأس الحكومة الإيطالية، لكنها بحاجة إلى حليفيها حزب الرابطة اليميني المتطرف بزعامة ماتيو سالفيني وحزب فورتسا إيطاليا بزعامة رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلوسكوني لضمان أغلبية في البرلمان. وتوزيع الحقائب الأكثر أهمية، ولا سيما وزارات الاقتصاد والشؤون الخارجية والدفاع والداخلية، سيكون دائما مسألة سياسية، لكنه الآن وأكثر من أي وقت مضى "يجب أن يعكس مجالات الاختصاص" وفق صحيفة لاستامبا. في المرات السابقة كان تولي إدارة جديدة المهام يستغرق ما بين أربعة أسابيع و12 أسبوعا. لكن الاستحقاق الأول يقترب بسرعة، إذ يتعين على إيطاليا المثقلة بالديون أن تقدم لبروكسل مشروع موازنتها للعام المقبل قبل 15 أكتوبر. ولن يبدأ الرئيس سيرجيو ماتاريلا مشاورات تكليف رئيس للحكومة الجديدة إلا بعد انتخاب رئيسي مجلس الشيوخ والنواب من أعضاء البرلمان الذي سيجتمع في 13 أكتوبر. وفيما الأسر والأنشطة التجارية تواجه صعوبات في تسديد الفواتير الباهظة بسبب الحرب في أوكرانيا، فإن إعداد ميزانية سيكون "مثل تسلق جبل إيفرست دون عبوات أكسجين بالنسبة للحكومة الجديدة"، على ما رأت صحيفة كورييري ديلا سيرا. وسعت ميلوني خلال الحملة الانتخابية لطمأنة المستثمرين إلى أنه رغم تاريخها المتطرف يمكن الوثوق بها. لكن فائدة السندات الإيطالية لعشرة أعوام ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ أكتوبر 2013 أمس. ووافقت المفوضية الأوروبية الثلاثاء على ثاني شريحة من أموال الإغاثة لإيطاليا في مرحلة ما بعد الوباء، بقيمة تصل إلى 21 مليار يورو تقريبا، وفق مصدر حكومي. لكن ميلوني قالت إنها تريد إعادة التفاوض على صفقة الإغاثة مع بروكسل، ما قد يعرض باقي المبلغ المقدر بنحو 200 مليار يورو، للخطر. وقال باولو جنتيلوني المفوض الأوروبي لشؤون الاقتصاد إنه حض "الحكومة الإيطالية القادمة على ضمان اغتنام هذه الفرصة" وقال إنها أساسية لوضع إيطاليا على مسار "نمو قوي ودائم". ورأت أنييزي أورتولاني، المحللة لدى وحدة الأبحاث بمجلة إيكونوميست، إنها تتوقع أن تقوم ميلوني "بمواصلة طمأنه الأسواق باختيارها شخصية غير مثيرة للجدل لمنصب وزير المالية". وكتبت في مذكرة "ستريد أيضا تجنب الإضرار بسمعتها بتعيين شخص لا تعده الأسواق ذا مصداقية". ويسعى حلفاء ميلوني للحصول على الوزارات المهمة، فسالفيني يريد حقيبة الداخلية، فيما يطمح برلوسكوني لرئاسة مجلس الشيوخ. لكن نتائجهما المخيبة في الانتخابات وعدم وصول أي منهما إلى عتبة 10 في المائة من الأصوات مقارنة بفراتيلي ديتاليا الذي حصل على 26 في المائة، يعني أن ميلوني قد تعتزم تهميشهما. لا يتفق سالفيني وبرلسكوني مع ميلوني في عديد من الجبهات، ومنها إمداد أوكرانيا بالأسلحة. ووسط كل التجاذبات المحتملة في المستقبل فإن الفوز في الانتخابات "كان الجزء السهل تقريبا"، حسبما كتب لوتشانو فونتانا رئيس تحرير صحيفة كورييري ديلا سيرا. وقلل برلوسكوني من شأن المخاوف من احتمال زعزعة التحالف وقال أمس إن حزبه مستعد لتقديم تنازلات "في مصلحة البلاد". وتشير التكهنات إلى احتمال تعيين حليفه أنتونيو تاجاني، رئيس البرلمان الأوروبي السابق، وزيرا للخارجية، وهو ما يمكن أن يرضي برلوسكوني ويهدئ مخاوف دولية إزاء أن يكون حزب ميلوني الشعبوي المشكك في مؤسسات الاتحاد الأوروبي، يخطط لخوض معركة مع بروكسل. وربما يكون الوضع مع سالفيني "49 عاما" أكثر صعوبة. وهو يحاكم حاليا بتهمة استغلال سلطاته كوزير للداخلية في 2019 لصد المهاجرين في البحر، ما قد يجعل عودته إلى الوزارة مستبعدة. وقالت صحيفة ريبوبليكا إن "نزع فتيل سالفيني" دون إثارة رد فعل عنيف يمكن أن يضعف الوافدة الجديدة إلى السلطة التنفيذية هو "أول اختبار لميلوني". إلى ذلك، كشفت بيانات مكتب الإحصاء الوطني الإيطالي "إيستات" زيادة صادرات البلاد للدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بنسبة 22 في المائة في أغسطس على أساس سنوي. وأفاد "إيستات"، في بيان نشره على موقعه الإلكتروني، أمس، بأن نمو الصادرات تسارع، على أساس سنوي، بفضل زيادة مبيعات السلع الاستهلاكية غير المعمرة. كما سجلت الواردات زيادة بنسبة 70.9 في المائة في أغسطس على أساس سنوي، بسبب ارتفاع مشتريات منتجات الطاقة بنسبة 173.3 في المائة. وفي الشهر الماضي، سجل الميزان التجاري مع الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عجزا قدره 5.79 مليار يورو.
مشاركة :