بدا المحلل الاقتصادي والمتخصص في أسواق الطاقة خافيير بلاس متأكدا من أن حوادث تسرب الغاز في خطي نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2 هي "عمل تخريبي"، متهما روسيا بالوقوف وراء تلك الحوادث. وأعلنت السلطات الدنماركية اكتشاف موضعي تسريب في نورد ستريم 1 شمال شرقي جزيرة بورنهولم في بحر البلطيق، وموضع ثالث في نورد ستريم 2 جنوب شرقي الجزيرة، موضحة أن موضعي التسريب في نورد ستريم 1 يقعان في المياه الدنماركية والسويدية، بينما يقع الموضع الثالث في المياه الدنماركية. ورجح بلاس أن ذلك يعني رسالة تحذير من جانب روسيا باستعدادها لفتح جبهة جديدة للمواجهة مع الغرب متمثلة في تخريب البنية التحتية لشبكة إمدادات الغاز الطبيعي في أوروبا الغربية، بعد أن قلصت ضخ الغاز إليها بنسبة كبيرة في البداية. وذكرت الشركة المشغلة لخط نورد ستريم 2 الثلاثاء، أن التدمير الذي لحق بالفروع الثلاثة لخطي نورد ستريم في يوم واحد لم يسبق له مثيل، مضيفة أنه "من المستحيل الآن تقدير الفترة الزمنية اللازمة لاستعادة تشغيل الخط". واستبعد بلاس حدوث انهيار طيني تحت الماء لتفسير ما حدث، موضحا أن المؤسسات الجيوفيزيائية لم ترصد أي نشاط زلزالي بالقرب من أماكن التسريب مؤخرا، وهو ما يشير حسب رأيه إلى أن ما حدث كان عملا بشريا واستبعد أيضا فرضية اصطدام إحدى الغواصات بخط أنابيب والتسبب في كسر فيه، معللا ذلك أنه "من غير المعقول أن يتكرر الأمر ثلاث مرات خلال يوم واحد". وتتعدد الروايات حول المستفيد مما حدث حيث تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع مقطع فيديو يعود لوقت سابق من العام الحالي وعد فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن "بالقضاء" على خط نورد ستريم 2 الذي تعارضه الولايات المتحدة منذ البداية وتفرض عليه عقوبات عديدة. وظهر بايدن في مقطع الفيديو وهو يقول "أعد بأننا سنكون قادرين على هذا". وأكدت الولايات المتحدة الثلاثاء استعدادها لمساعدة حلفائها الأوروبيين بشأن أمن الطاقة، وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة تنظر في تقارير تفيد بأن حالات التسرب "نجمت عن هجوم أو تخريب ما". ويشدد بلاس على أن "المستفيد الأوضح من توقف خطي نورد ستريم هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين". ويهمس المسؤولون في صناعة الطاقة الأوروبية متحدثين عن مخاوفهم من ألا تقتصر مخاطر القطاع خلال الشتاء المقبل على نقص الإمدادات، وإنما قد تشمل التعرض لهجمات إلكترونية وعمليات تخريب تستهدف شبكات توزيع الطاقة، وهو ما سيؤثر بشدة على إمدادات الطاقة الأوروبية ككل. وأدى هجوم إلكتروني في أيار/مايو من العام الماضي إلى توقف خط أنابيب كولونيال الذي ينقل إمدادات البنزين والديزل (السولار) إلى مناطق عديدة في الولايات المتحدة مما أدى إلى اضطراب شديد في الإمدادات للساحل الشرقي الأمريكي. وقال البيت الأبيض آنذاك إن "مجموعة قراصنة تعمل من روسيا كانت وراء الهجوم بهدف الحصول على فدية مالية". وأدت هجمات إلكترونية في وقت سابق من العام الحالي إلى اضطراب العمل في موانئ شحن النفط الأوروبية في أمسترادم وروتردام وأنتويرب، مما تسبب في فوضى كبيرة في سوق المنتجات النفطية الأوروبية. ويقول بلاس "يبدو أن أوروبا الآن على موعد مع فصل جديد من حرب الطاقة"، والذي يمثل برأيه "إشارة جديدة إلى تزايد يأس بوتين في ضوء التطورات العسكرية السلبية لقواته في أوكرانيا". وأضاف أن هذا السلاح غير العسكري يبدو فعالا للغاية حيث ارتفعت أسعار الغاز الأوروبية بمجرد الإعلان عن التسرب الغازي، في حين عدلت الأسواق أسعار العقود الآجلة لصيف 2023 وشتاء 2023- 2024. وأعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الأربعاء، أن الاتحاد يعتبر أن "تسرب الغاز في خطي أنابيب تحت البحر يربطان روسيا بألمانيا هذا الأسبوع ليس مصادفة وسط مؤشرات على عمل متعمد". وحذر في بيان من أن "أي عبث متعمد بمنشآت الطاقة الأوروبية غير مقبول بتاتا وسيُقابل برد قوي وموحد". وأضاف "سندعم أي تحقيق يوضح بشكل كامل ما حدث وأسباب ذلك، وسنتخذ المزيد من الخطوات لزيادة صمودنا في مجال أمن الطاقة". وغرد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال على تويتر "يبدو أن أعمال التخريب في نورد ستريم مسعى لتعطيل إمدادات الطاقة للاتحاد الأوروبي بشكل أكبر"، مضيفا أن "الذين يقفون وراء ذلك سيخضعون للمساءلة وسيحاسَبون". ورصد خبراء الزلازل في السويد "إطلاقين هائلين للطاقة" قبيل وقوع التسرب، وقال أحد الخبراء لوكالة فرانس برس إن "هذا الزخم الهائل لن يسببه أي شيء آخر غير انفجار"، فيما ألمحت بولندا إلى احتمال ضلوع روسيا "بهدف تصعيد الحرب على أوكرانيا."
مشاركة :