يرى الشاعر الإماراتي علي الخوار، أحد أبرز شعراء الأغنية الوطنية في الدولة، أن الغناء للوطن بمثابة الخدمة التي لا بد من تأديتها، والواجب الذي لا ينبغي التأخر عن أدائه، فهو عمل لا يحتاج الى تكليف من أحد. ويبين الخوار في حواره مع الخليج، الذي استمر لأكثر من ساعة بمكتبه في دبي، أنه يعمل طوال العام على كتابة وإنتاج الأغاني والأوبريتات الوطنية، لافتاً إلى تراجع اهتمامه بالأغاني العاطفية، وأضحت تتأرجح في قائمة اهتماماته بين المرتبتين الثانية والثالثة. إلى جانب مجموعة من القضايا المتعلقة بالأغنية الإماراتية، نقلب مع الخوار في هذه المساحة مجموعة من المحطات أبرزها أوبريتات أم الإمارات وإخوان شمة، اللذان اختتم بهما العام 2015، كما نقف معه على كواليس الإنتاج والإشراف على مشاريع وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع.. يتكئ علي الخوار على خلفية صحفية وخبرة طويلة، هل ألقت الصحافة ظلالها على شاعريتك؟ - طبعاً كل تجربة في الحياة تترك أثرها علينا، عملت في مجال صحافة الشعر الشعبي، وبدأت مسيرتي من ملحق فجر الشعراء مع سعد الخالدي، في جريدة الفجر، وكنت سكرتير التحرير، كنا ننشر القصائد والدراسات النقدية، بعدها أسست ملحق حبر وورق في جريدة الوحدة، بدأ بصفحتين، وبعد تكريمي من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حوّلته إلى ملحق منفصل تابلويد، وكان مكتبنا في صحيفة الوحدة ملتقى للشعراء، يلتقون فيه يومياً ويثمر أفكاراً وقصائد، ووجدت مساعدة الشعراء، ضاحي خلفان العميمي وعبد الله العمري، كذلك كان هنالك الفنان محمد بندي في الرسم والخط، بعدها تركت الملحق وتوقفت عن الصحافة، إلى أن أشرفت على باب بوح القوافي في مجلة كل الأسرة، من 1996 حتى 2009. كذلك لدي تجارب في الإذاعة والتلفزيون، كل هذا وفر لي فرصة الاختلاط بالشعراء ومتابعة جديدهم، ما أسهم في صقل تجربتي ورفدني بأفكار جديدة، فكل ملحق كان بمثابة المحاضرة، واختلاطي بالشعراء ومجالستهم في ذاتها مدرسة، هذا الأمر أفادني كثير. على الرغم من ذلك، فإن لديك رأياً واضحاً في النقد الصحفي، وابتعدت عن الإعلام لفترة، لماذا؟ - لدي رأي واضح في النقد السائد، أنا مع النقد البناء، لكن هنالك من يتصيد الأخطاء، ودائماً أقول هنالك فرق بين الناقد والحاقد، فالحاقد هو من يترصد السلبيات ويبرزها ويتغاضى عن الجانب الآخر في الأعمال، لكن الناقد الذي يتمتع بضمير يبرز السلبيات والجماليات. ماذا عن منتوج علي الخوار في العامين الماضيين؟ - السنتان الماضيتان حفلتُ فيهما بالكثير، فأنجزت أوبريت وطن السعادة، وأوبريت البيت الكبير في رأس الخيمة، وأوبريت آخر قُدّم في برج العرب، ورابع في جزيرة العلم في الشارقة، ومع بداية هذا العام بدأت الكتابة وقدمت ابن الوطن، وجيشنا الباسل مع محمد سيف والملحن عادل عبد الله، وأغنية لأول مرة للشرطة من ألحان عادل عبدالله وغناء محمد سيف، منتصف العام الماضي، وقدمت مجموعة من الأمسيات الشعرية، بالإضافة لمجموعة من الأعمال عن العلم مع وزارة الثقافة، جزء أشرفت عليه وآخر كتبته، إلى جانب أوبريت إخوان شمة برأس الخيمة، وأم الإمارات، وأوبريت للشرطة من 3 لوحات، وآخر لحنه الفنان فايز السعيد، وهو عبارة عن 3 لوحات، لوحة غناها فيصل الجاسم وأخرى فايز نفسه والثالثة الكورال، وهو أوبريت صغير باسم الإمارات، استعرضنا خلاله إمارات الدولة المختلفة، كذلك قدمت في احتفالية أقيمت بدبي، عملاً آخر للفنان حسين الجسمي، وأغنية اسمها شهيد الدار من ألحان فايز السعيد وأداء المجموعة. بالإضافة إلى 4 أعمال لمجلس أبوظبي للتعليم، من ضمنها شهيد الوطن لحسين الجسمي، وعمل للأطفال بعنوان عيالة وآخر عسكري للأطفال أيضاً، بالإضافة للأعمال التي أهديتها للأصدقاء، وأغنية عاش الملك للبحرين غناها نبيل شعيل، وأغنية مماثلة لدولة قطر، وأغنية رسالة وطن وهي موجهة للمغتربين نوجه لهم عدة رسائل من خلالها، وغناها نبيل شعيل. دعنا نتوقف عند أوبريت أم الإمارات. - أوبريت أم الإمارات هو رسالة شكر لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك أم الإمارات، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، لدورها في دعم ورعاية المرأة الإماراتية، والأوبريت يعبر عن المشاعر التي يحملها الجميع لسموها، واحتفاءً بالإنجازات الباهرة والمستمرة لسموها، ودورها المرموق في مسيرة التنمية الأسرية الناجحة في المجتمع والمنطقة، ويأتي الأوبريت كرسالة شكر من جميع أبناء الإمارات بمختلف فئاتهم الاجتماعية وشارك فيه خالد ناصر، والفنانة ديانا حداد والفنانة عريب حمدان، وكان معنا عبيد علي الذي عملت معه لنحو 20 عاماً، والإعلامية منال أحمد كانت تلقي القصائد ووجد العمل قبولاً كبيراً وأعيد بثه في التلفزيون عدة مرات، مع أننا أنجزناه في مدة وجيزة، وإذا سألتني هل أنا راضٍ أقول لك لا، لأنني كنت أود أن أقدم شيئاً أكبر بكثير، هنالك تفاصيل كنت أود إضافتها إلا أن ضيق الوقت منعنا، ولكن سنكرر التحية لأمنا في المرة القادمة بشكل أجمل. أما بالنسبة لإخوان شمة، فهو امتداد لأوبريت البيت الكبير، مع دائرة السياحة برأس الخيمة، ركزنا فيه على أن الإمارات بيتنا الكبير، وإخوان شمة رمز لرجال الإمارات، الذين يحمون من يطلب مساعداتهم، فيقالفلان أخو شمة، في اللوحة الأولى أبرزت هذه المعاني، وبعدها دخل العازي، ووظف الملحن خالد ناصر، الإيقاعات الإماراتية المختلفة، وفي تلك المرة طرحناه بشكل مختلف عن العام الماضي، وكان هنالك تعاون كبير مع فريق العمل، لكوننا عملنا مع عشرات الأوبريتات. وهنالك طرف ثالث في الأوبريت هو إسماعيل عبد الله، الذي كتب السيناريو، وهنالك تيري المشرف على الإضاءة والصوت، وهنالك عبيد علي المتخصص في اللوحات الشعبية والفنان حميد سمبيج، والفنان أحمد الجسمي، والقديرة سميرة أحمد، وبلقيس وهزاع، وفي النهاية أنجزنا الأوبريت بروح الجماعة، وهو ما أسهم في نجاح العمل. ووجد العمل صدى طيباً، وفي هذا العام كان الأوبريت أطول من العام الماضي، ومنذ الآن لدي تصور للعام المقبل. ماذا عن تعاونك مع وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع؟ - وزارة الثقافة أعطتني الثقة وأتمنى أن أكون عند حسن ظنهم، وأعطت الشركة المنتجة كذلك. ودائماً هنالك لبس لدى كثيرين في هذه العلاقة، فأنا جهة منفذة ولست صاحب قرار في قبول القصائد والألحان، مهمتي تنحصر في تقديم العمل بالشكل اللائق، في النهاية الوزارة لديها لجنة ومعايير، أنا أخدم البلد بمجهودي الخاص أو مع الوزارة، وأسمع في كل عيد وطني انتقادات كبيرة من الذين لا يعملون طوال العام، بل ينتظرون فرص الوزارة، الكتابة للوطن لا تحتاج الى تكليف. هذا يقودنا لنقطة مهمة، هل الأغاني الوطنية موسمية في المناسبات فقط؟ - لا، الأغاني الوطنية بالنسبة لي ليست موسمية، أنا أعمل طول العام، خذ مثلاً أغنية حرام أموت بفراشي وأنا جندي التي انتشرت، كتبتها في سبتمبر خارج موسم الأعياد الوطنية بإحساسي، سمعتها الوزارة وتبنتها، بالنسبة لي الوطن هو الحبيب الأول الذي لا يمكن أن أتخلى عنه، أكتب عنه دائماً، لأنه بلدي، ولا أحتاج أن يطلب مني أحد الكتابة للوطن أو مناسبة تذكرني به، أتعامل مع هذا البلد كأمي لا أحتاج وصية ولا مناسبة لأتذكره. أين الخوار من الأعمال العاطفية ؟ - الأغنية العاطفية أصبحت في المرتبة الثانية أو الثالثة، والوطنية في الأولى والاجتماعية الإنسانية في الثانية، والعاطفية موجودة في كل هذه الأغاني حتى الوطنية، أنظر هذه الأغنيات مثلاً: لا تسألوني وأسالوا قلبي الذي فيها يدوب وفي القلب حبك ترسخ يا بلادي، وهذه على فكرة ثالث قصيدة وطنية أكتبها، وقبلها كتبت لإبراهيم الماس، وبعدها طغى الجانب الوطني بعد أن كان يسير في خط متوازٍ مع العاطفي، وكلما تكبر في السن، تشعر بأن ارتباطك بالأرض صار أقوى.
مشاركة :