أكد والي (محافظ) تونس كمال الفقيه أن الأحزاب المقاطعة للانتخابات التشريعية القادمة تريد العودة إلى المشهد عبر ما وصفه بـ”سياسة الغواصات”، في إشارة إلى نية قوى حزبية دعم بعض المستقلين لدخول البرلمان المقبل، وقال إنه سيتم التصدي لهذه المحاولات وكشفها أمام الشعب التونسي والناخبين. تونس – تشهد تونس جدلا محتدما بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في 17 ديسمبر، وذلك بشأن نوايا القوى المناوئة للرئيس قيس سعيد التي قررت مقاطعة الاستحقاق المقبل، خاصة وأن القانون الانتخابي أقر المشاركة على الأفراد وليس القوائم وهو ما اعتبره مراقبون محاولة لإضعاف القوى الحزبية وتهميشها لصالح الأفراد والمستقلين. وحذر مسؤولون في تونس من سعي بعض الأحزاب المقاطعة لدعم بعض الأشخاص المستقلين للوصول إلى المؤسسة التشريعية ثم وضع عراقيل أمام المنظومة السياسية المقبلة بهدف إسقاطها من خلال اختراق مؤسساتها المنتخبة. وفي هذا الصدد قال والي تونس (محافظ) كمال الفقيه، وهو أحد أكثر المقربين من الرئيس التونسي قيس سعيد وشارك في دعم حملته الانتخابية في الانتخابات الرئاسية 2019، خلال حوار بثته إذاعة “شمس أف.أم” الخاصة الأربعاء إن “الرافضين للمشاركة في الانتخابات غير قادرين على إقناع الناخب التونسي والفوز، وبالتالي يلجأون إلى خيارات أخرى”. ووصف الفقيه تلك الأحزاب المقاطعة بأنها تثير الشفقة، وقال إنها تريد العودة إلى المشهد عبر ما وصفه بـ”سياسة الغواصات”، فيما يبدو أنه اتهام مبطن لها بالسعي للعودة إلى المشهد عبر استغلال منظومة التصويت على الأفراد لدعم بعض المستقلين. تخوّف من أن تلجأ الأحزاب إلى دعم بعض الأشخاص النافذين أو الذين يتمتعون بواجهات قبلية خاصة في الجنوب وقال إنه يعلم جيدا نوايا هذه الأحزاب ولن “تمر”، لكنه أشار إلى أن الشعب إذا اختار المرشحين المدعومين من تلك القوى الحزبية وقرر العودة إلى منظومة ما قبل الخامس والعشرين من يوليو 2021 بانتخابهم فهذا حق مكفول وفق الدستور الجديد، وبالتالي عليه أن يتحمل خياراته. وأضاف والي تونس أن “خطابات المعارضة تعبر عن محاولة لافتكاك تموقع لا غير”، وقال إن تلك القوى الحزبية “أصبحت غير قادرة على مواجهة الشعب لذلك اختارت المقاطعة”. ويرى مراقبون أن والي تونس يعتقد أن القوى الحزبية المقاطعة ستعمل على تقديم دعم لبعض الأشخاص النافذين في جهاتهم، الذين يتمتعون بواجهات قبلية خاصة في الجنوب، أو بعض المرشحين الذين يمتلكون أموالا طائلة سيسخرونها لدعم حظوظهم للدخول إلى البرلمان. ورغم أن القانون الانتخابي الجديد قد وضع فصولا لضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية على غرار وجوب أن يستظهر كل مترشح للانتخابات بشهادة إبراء الذمة لدى المصالح الجبائية (الضرائب) والبلدية، إلى جانب عريضة تزكية ممضاة من قبل 400 مواطن يقطنون بالدائرة الانتخابية، مع وجوب أن تكون الإمضاءات معرفا بها لدى المصالح البلدية أو لدى الهيئة الفرعية للانتخابات المختصة ترابيا وتحديد السقف الأعلى للتمويل، إلا أن هذا القانون لن يكون قادرا على منع الأحزاب من دعم مرشحين مستقلين والترويج لهم في فترة الحملة الانتخابية. kk وقال المدير السابق للمعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية (يتبع الرئاسة التونسية) طارق الكحلاوي في تصريح للأناضول بداية الشهر الجاري إن “الرئيس سعيد يمكن أن يمنع بعض معارضيه المنتمين إلى تنظيمات حزبية من المشاركة في الانتخابات التشريعية المرتقبة في حال كانت لهم قضايا جارية لدى السلطات القضائية”. وتصريح الكحلاوي يشير إلى أنه من الصعب منع الأحزاب المقاطعة من دعم مرشحين مستقلين أو أفراد التزموا بالقانون الانتخابي لكن لديهم انتماءات فكرية قريبة من تلك الأحزاب. ويرى مراقبون أن الكثير من الأحزاب دعمت سابقا المستقلين سواء في الانتخابات التشريعية أو البلدية، حيث صعد بعض المستقلين بدعم من بعض الأحزاب الكبرى. والي تونس يعتقد أن القوى الحزبية المقاطعة ستعمل على تقديم دعم لبعض الأشخاص النافذين في جهاتهم، الذين يتمتعون بواجهات قبلية خاصة في الجنوب وشكل فوز المستقلين في الانتخابات البلدية الماضية صدمة لدى الطبقة السياسية ومختلف الأحزاب، ويبدو أن نفوذ المستقلين سيتعزز في الانتخابات التشريعية في 17 ديسمبر المقبل. ويقول أحمد شفتر، الذي يعرّف نفسه بأنه عضو في الحملة التفسيرية للرئيس، ضمن تصريح لإذاعة ” الديوان أف أم” الأربعاء إن “الأحزاب ستحرم من الامتيازات في البرلمان المقبل ودور الأحزاب قد انتهى والمستقبل سيكون لصالح أفراد الشعب الذين سيمارسون الحكم بمفردهم ودون وسائط”. ويبدو أن بعض الأحزاب المقاطعة لا يمكنها المشاركة في الاستحقاق الانتخابي المقبل خاصة وأنها تعتبر كامل المنظومة بعد الخامس والعشرين من يوليو 2021 غير شرعية ورفضت من قبل المشاركة في استحقاقات هامة مثل الاستفتاء على الدستور، وبالتالي فإن قرار المشاركة سيؤدي إلى ضرب ثقة ما تبقى من القواعد وهو ما ستنتج عنه في النهاية هزيمة كبيرة. وللحفاظ على مصداقيتها وعدم خسارة البعض من قواعدها وللتهرب من مواجهة الناخب الغاضب على العشرية الماضية ستلجأ الأحزاب المقاطعة إلى البحث عن الكثير من الخيارات، بما في ذلك دعم بعض الوجهاء والنافذين. وقرر عدد من الأحزاب من مختلف الحساسيات الفكرية على غرار حزب العمال اليساري أو جبهة الخلاص التي تضم حركة النهضة الإسلامية أو كلّ من الحزب الجمهوري وحزب التيار الديمقراطي وحزب آفاق تونس، وهي أحزاب اجتماعية وسطية، مقاطعة الانتخابات التشريعية المرتقبة التي تفصلنا عنها قرابة الشهرين ونصف الشهر. ويقول مراقبون إن الأحزاب، حتى التي تؤيد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو 2021، ستتلقى هزيمة كبيرة بسبب تراجع ثقة المواطنين في الطبقة السياسية برمتها.
مشاركة :