إيطاليا جنحت إلى اليمين قبل صعود جيورجيا ميلوني

  • 10/2/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حققت السياسية اليمينية الإيطالية، جيورجيا ميلوني، نجاحاً مذهلاً في الانتخابات الإيطالية التي جرت في 25 سبتمبر الماضي، ومن المؤكد أن تصبح رئيسة الحكومة في إيطاليا. وكسب حزبها «أخوة إيطاليا» 26% من أصوات الناخبين، الأمر الذي يجعله أكبر حزب على المستوى الوطني. وفي نهاية المطاف، سيتمكن الائتلاف اليميني الذي تقوده ميلوني من تحقيق الأغلبية الساحقة في غرفتي البرلمان الإيطالي. ويكمن تبرير جزء لهذه النتيجة التي حققها حزب «أخوة إيطاليا» بضعف المعارضة. ولم توحد «حركة النجوم الخمس الانتقائية»، التي حققت 15% من الأصوات، جهودها مع «ديمقراطيي يسار الوسط»، الذين حققوا 19% من الأصوات، وبعد سنوات من الفشل في تحسين مستوى معيشة الطبقة العاملة، لم يتمكن الحزبان من حشد قاعدة يسار الوسط التاريخية في إيطاليا، وكانت المشاركة في الانتخابات هي الأضعف في تاريخ إيطاليا، حيث صوّت 64% من الإيطاليين في الانتخابات. تطبيع حالة الأحزاب اليمينية وهذه ليست قصة إيطاليا التي تقوم باندفاع مفاجئ نحو اليمين، وإنما هي نتاج فترة طويلة من تطبيع حالة الأحزاب اليمينية. ولطالما وصفت وسائل الإعلام الإيطالية رئيس الحكومة السابق، سيلفيو بيرلسكوني، بأنه صاحب تأثير «معتدل»، ولكنه لعب دوراً أساسياً في النجاحات التي حققها اليمين المتطرف في أيامنا هذه، وهو يتفاخر بأنه «ابتكر يسار اليمين» عن طريق التحالف مع «الرابطة والفاشيين»، وقمنا «بإضفاء صفة الشرعية والدستورية عليهما». ومنذ بداية تسلمه الحكم، كان بيرلسكوني يطلق تصريحات قاسية ضد المهاجرين، وكان يقلل بصورة روتينية من أهمية جرائم رئيس الحكومة السابق بينيتو موسيليني، وعيّن أشخاصاً من الفاشيين الجدد في مناصب تستمر مدى حياتهم. وانهارت آخر حكومة لبيرلسكوني نتيجة أزمة الديون السيادية عام 2011، وبعد ذلك قام بدعم حكومة تكنوقراط. وفي عام 2013 تم منعه من الوظائف العامة، بعد إثبات قيامه بالخداع الضريبي، وهذا ما أفسح المجال أمام حزبي «الرابطة» أولاً، و«أخوة إيطاليا» ثانياً، لقيادة الائتلاف اليميني، الأمر الذي سمح لهم بطرح روايتهم عن الانحدار الحضاري والمقاومة القومية. صعود «أخوة إيطاليا» ويرجع الكثير من أسباب صعود حزب «أخوة إيطاليا» في الفترة الأخيرة إلى موقعه باعتباره الحزب المعارض الكبير والوحيد لحكومة ماريو دراجي متعددة الأحزاب، التي انضم إليها كل من السياسي الإيطالي، ماتيو سالفيني، ورئيس الحكومة السابق، بيرلسكوني، لدى تشكيلها في فبراير 2021. وأكدت ميلوني على أنها ستتابع نهجاً «بناءً» إزاء دراجي، وتواصل توزيع التمويل في مرحلة ما بعد الجائحة، ولكن دون أن تعقد أي اتفاقات مع يسار الوسط. وهذا ما رسخها باعتبارها قائدة ائتلاف جناح اليميني، مع الأحزاب الأخرى التي تعد بجعلها رئيسة للحكومة. وإذا كان سيحكم إيطاليا الآن أول رئيس حكومة يميني منذ عام 1945، فهذا لا يعني العودة إلى الماضي، إذ إن حزب «أخوة إيطاليا» متجذر في «حركة إيطاليا الاجتماعية»، وهو حزب الفاشيين الجدد الذي تشكل عام 1946، والذي شارك في الانتخابات، ولكنه حافظ على عداء عميق إزاء الجمهورية التي تشكلت في نهاية المقاومة المناهضة للفاشية. إعادة كتابة التاريخ وخلال حكومة بيرلسكوني، تقبل قادة حزب «حركة إيطاليا الاجتماعية» القيم الليبرالية الديمقراطية، وتخلصوا من الاسم القديم، وأدانوا عداء موسيليني للسامية. ومع ذلك، لايزال كثيرون منهم يدافعون عن إرث الفاشية الجديدة، في ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتشكل حزب «أخوة إيطاليا» عام 2012 كإعادة تأكيد صريحة لتقاليد حزب «حركة إيطاليا الاجتماعية»، ويهدف هذا الحزب إلى إعادة تأليف كتب التاريخ لتسليط الضوء على جرائم المناهضين للفاشية، ولكنه يستفيد أيضاً من المفاهيم الأخرى الأكثر عالمية، مثل «الاستبدال الكبير» للأوروبيين بالمهاجرين، وهي نظرية مؤامرة ألهمت العديد من الهجمات الإرهابية من قبل البيض. ووعد حزب «أخوة إيطاليا» بإجراء تغييرات كبيرة في الإرث السياسي للجمهورية في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ويتمثل أحدها في تهميش البرلمان والأحزاب عن طريق طرح عملية انتخاب الرئيس بصورة مباشرة، ولكن العديد من النقاد يخشون أن تذهب الأمور إلى أبعد من ذلك. وخلال الشهر الجاري، كان حزبا «أخوة إيطاليا» و«الرابطة» هما الحزبان الإيطاليان الوحيدان اللذان صوتا ضد قرار البرلمان الأوروبي، الذي أدان انتخاب رئيس هنغاريا «فكتور اوربان»، ووصفه بأنه «استبداد انتخابي»، وناقش حزب ميلوني فرض حظر دستوري على «آراء الدفاع عن الشيوعية أو التطرف الإسلامي»، تقليداً للإجراءات الشاملة المعمول بها في بودابست لقمع انتقادات جناح اليسار. هجمات ضد المهاجرين وعادة ما يستغرق تشكيل الحكومة نحو شهر على الأقل، حتى عندما تكون هناك أغلبية يمكن تحديدها بوضوح. وأكد قادة حزب «أخوة إيطاليا» على أنهم يتوقعون قيام الحكومة المنصرفة باتخاذ إجراءات أساسية بشأن ارتفاع أسعار الطاقة قبل وصولهم إلى السلطة، ومع ذلك فإن هذه الأزمة، إضافة إلى الحرب في أوكرانيا، يمكن أن تسبب مشكلات كبيرة. وعلى الرغم من تصريحاتها، إلا أن غالبية قاعدة ميلوني الشعبية تعارض العقوبات المفروضة على روسيا، كما أن زعيم حزب «الرابطة» أظهر شكوكه بشأن مستقبل هذه العقوبات. ويمكن أن نتوقع بأن ميلوني وزملاءها من أعضاء البرلمان الجديد سيطلقون هجمات كبيرة ضد المهاجرين، وضد النقابات العمالية والمجموعات الأخرى التي يطلقون عليها لقب «المؤسسة اليسارية»، وتهدف الدعوة إلى فرض «حصار بحري» في البحر الأبيض المتوسط إلى تعزيز أنظمة الحدود الموجودة في الاتحاد الأوروبي. وتخطط الأحزاب اليمينية أيضاً للقيام بخفض كبير في الضرائب، والتخلي عن تقديم المساعدات للباحثين عن عمل. وحتى مع أنهم يتمتعون بالأغلبية الكبيرة في البرلمان، ومع وجود كل هذا القدر من المشكلات في أيامنا هذه، ليس من الواضح ما إذا كان اليمين قادراً على تنفيذ جدول أعماله بالكامل، وتكمن المخاوف الحقيقية في من ستختاره الحكومة كي تلقي عليه تداعيات الأزمة الجارية. • منذ بداية تسلمه الحكم، كان بيرلسكوني يطلق تصريحات قاسية ضد المهاجرين، وكان يقلل بصورة روتينية من أهمية جرائم رئيس الحكومة السابق بينيتو موسيليني، وعيّن أشخاصاً من الفاشيين الجدد في مناصب تستمر مدى حياتهم. • يتوقع أن تطلق ميلوني وزملاؤها من أعضاء البرلمان الجديد هجمات كبيرة ضد المهاجرين، وضد النقابات العمالية والمجموعات الأخرى التي يطلقون عليها لقب «المؤسسة اليسارية». ديفيد برودر ■ كاتب مقيم في روما تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :