اليمن على حافة الهاوية بعد انتهاء الهدنة وضغط أممي للوصول لاتفاق أوسع

  • 10/4/2022
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

عدن - أخفق طرفا الصراع في اليمن في تجديد اتفاق الهدنة الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وانتهى سريانه يوم الأحد، مما بدد آمال بعض اليمنيين في اتفاق أوسع من شأنه تخفيف المشاكل الاقتصادية وإطالة أمد الهدوء النسبي بعد حرب مستمرة منذ أكثر من سبع سنوات. وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص هانس جروندبيرج في وقت متأخر يوم الأحد إنه سيواصل الضغط من أجل اتفاق موسع وممتد بين التحالف الذي تقوده السعودية وبين جماعة الحوثي، وكلاهما يتعرض لضغوط دولية مكثفة للتوصل إلى اتفاق. وقال عبد الله علي (58 عاما) وهو مدرس في العاصمة صنعاء حيث هرع الناس لتخزين الوقود والطعام مساء الأحد، إن هذا يوم حزين للشعب اليمني. وأضاف علي لرويترز عبر الهاتف أن اليمنيين كانوا يأملون في بدء تلقي رواتبهم والتحرك نحو وقف لإطلاق النار، مضيفا أن المواطنين يشعرون بصدمة. واقتراح جروندبيرج هو تمديد الهدنة لمدة ستة أشهر، وآلية لدفع أجور موظفي الخدمة المدنية، وزيادة حركة البضائع والأشخاص في الدولة حيث يعتمد 80 بالمئة من السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة تقريبا على المساعدات. وعبرت الولايات المتحدة في بيان عن قلقها العميق إزاء انتهاء الهدنة وقالت إن اقتراح الأمم المتحدة الموسع سيساعد في بدء مفاوضات بشأن "وقف شامل لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة بقيادة يمنية من شأنها أن تنهي الحرب بشكل دائم". وتم الاتفاق على الهدنة الأولية التي استمرت شهرين في أبريل نيسان، وجددت مرتين على الرغم من شكاوى من الجانبين تتعلق بتنفيذها. وسمحت الهدنة بدخول بعض سفن الوقود إلى ميناء الحديدة وبعض الرحلات الجوية التجارية من صنعاء، وكلاهما تحت سيطرة الحوثيين المتحالفين مع إيران. وقال المبعوث في بيان "سأواصل جهودي الحثيثة للعمل مع الأطراف للتوصل بسرعة إلى اتفاق بشأن سبيل المضي قدما"، وحث الأطراف على الحفاظ على الهدوء. وأدى الصراع، إلى مقتل عشرات الآلاف، كما دمر الاقتصاد، وترك الملايين فريسة للجوع. وتبادل الطرفان أمس الأحد الاتهامات بعرقلة جهود السلام. وألقت الحكومة المدعومة من السعودية باللوم على الحوثيين، الذين يمثلون الحكام الفعليين في الشمال، في رفض الاتفاق. وانتقد المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مقترح الأمم المتحدة ووصفه بأنه غير كاف وهدد بشن هجمات على مطارات وموانئ وشركات نفط تابعة لما وصفها بأنها دول معتدية إذا لم يرفع التحالف بقيادة السعودية قيوده البحرية والجوية. وحثت الولايات المتحدة الحوثيين على مواصلة المفاوضات "بحسن نية" والعمل مع الأمم المتحدة على اتفاق هدنة ممتد. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس في البيان "الولايات المتحدة تؤكد عدم قبول خطاب الحوثي الذي يهدد شركات الشحن التجارية والنفط العاملة في المنطقة". وقد رفض الحوثيون خطة جروندبيرج لتمديد الهدنة، التي تقرّر في البداية أن تستمر لشهرين وتم تجديدها على مرحلتين، إلى فترة ستة أشهر وتوسيعها لتشمل نقاط اتفاق جديدة. وتضمّن اقتراحه دفع رواتب الموظفين الحكوميين، وفتح طرق إلى مدينة تعز التي يحاصرها الحوثيون في جنوب شرق البلاد، وزيادة الرحلات التجارية من العاصمة صنعاء والسماح بدخول المزيد من سفن الوقود إلى ميناء الحديدة. كذلك، شمل التزامات بالإفراج عن المعتقلين واستئناف عملية سياسية "شاملة" ومعالجة القضايا الاقتصادية بما في ذلك الخدمات العامة. لكن الحوثيين الذين استولوا على صنعاء في 2014 ويسيطرون على مساحات شاسعة من أفقر دول شبه الجزيرة العربية، قالوا إن الاقتراحات "لا تلبي طموحات الشعب اليمني"، و"لا تؤسس لعملية السلام". وقال المجلس السياسي الأعلى إن الشعب اليمني "لن ينخدع بالوعود الكاذبة"، مطالبا بعائدات من موارد النفط والغاز اليمنية التي تحصّلها الحكومة، بحسب وكالة الأنباء اليمنية التابعة للحوثيين. رغم ذلك، ترى الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط والباحثة في جامعة كامبريدج إليزابيث كيندال إنه "ربما لا تزال هناك فرصة لإحياء الهدنة". وتوضح "قد يكون الأمر ببساطة هو أنّ الأطراف المتحاربة تحث عن تعزيز مواقعها (السياسية) من خلال السماح بانقضاء الموعد النهائي" للهدنة الأحد. خلال فترة الهدنة، تبادلت الحكومة اليمنية والمتمردون اتهامات بخرق وقف إطلاق النار، ولم يطبّق الاتفاق بالكامل وخصوصا ما يتعلق برفع حصار المتمردين لمدينة تعز، لكنه نجح في خفض مستويات العنف بشكل كبير. وإلى جانب القتال على الأرض، تشهد الحرب في اليمن غارات للتحالف وهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على منشآت نفطية في السعودية وكذلك في الإمارات. وقُتل ثلاثة من عمال النفط في هجوم للحوثيين على أبوظبي في كانون الثاني/يناير. وأدى هجوم في آذار/مارس الماضي إلى تصاعد الدخان بالقرب من مضمار سباق الفورمولا واحد في جدة خلال مرحلة التجارب. ومع انتهاء الهدنة، حذر المتحدث باسم الجناح العسكري للمتمردين يحيى سريع في بيان من احتمال محاولة توجيه ضربات جديدة للسعودية والإمارات. ولم تصدر تعليقات فورية من الرياض أو أبوظبي، لكن الحكومة اليمنية حثّت عبر سفارتها في واشنطن مجلس الأمن الدولي على التعامل "بحزم" مع الحوثيين بشأن "تهديداتهم الأخيرة" ورفضهم تمديد الهدنة. وفي بيانه، قال جروندبيرج إنه "يأسف" لعدم التوصل إلى اتفاق، متحدّثا عن "استمرار المفاوضات". ودعا أطراف الحرب إلى "الحفاظ على الهدوء والامتناع عن أي شكل من أشكال الاستفزازات أو الأعمال التي قد تؤدي الى تصعيد العنف". وفي واشنطن، قال المتحدّث نيد برايس إنّ الولايات المتحدة تشعر بـ"قلق عميق" إزاء انتهاء الهدنة. وأوضح برايس في بيان أنّ هذه الهدنة "هي أفضل فرصة تتاح منذ سنوات أمام اليمنيين للتوصّل إلى سلام". وأضاف أنّ "الخيار أمام الأطراف بسيط: سلام ومستقبل أكثر إشراقاً لليمن، أو عودة إلى دمار ومعاناة عبثيين سيزيدان من انقسام وعزلة بلد يقف أساساً على حافة الهاوية". وقد أفادت مصادر عسكرية حكومية بوقوع هجمات شنها الحوثيون جنوب مدينة مأرب، آخر معقل للحكومة في الشمال ومفتاح موارد اليمن النفطية. كذلك أشارت المصادر إلى قصف الحوثيين لتعز. ودعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان الاثنين "جميع الأطراف إلى إبقاء الحوار مفتوحًا ووضع احتياجات الشعب اليمني في المقام الأول". وتدخل التحالف في مارس آذار 2015 بعد أن أطاح الحوثيون بالحكومة المعترف بها دوليا من صنعاء. وتقول الجماعة إنها تحارب نظاما فاسدا وعدوانا أجنبيا. ويدور النزاع في اليمن منذ العام 2014 بين الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء ومناطق أخرى في شمال البلاد وغربها، وقوات الحكومة المدعومة من تحالف عربي بقيادة السعودية. وتسبّبت الحرب بمقتل مئات آلاف الأشخاص بشكل مباشر أو بسبب تداعياتها، وفق الأمم المتحدة التي تقول إنّ البلد الفقير يعاني من أسوأ أزمة انسانية في العالم. ويتهدّد خطر المجاعة الملايين من سكان اليمن، فيما يحتاج آلاف، بينهم الكثير من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، إلى علاج طبي عاجل غير متوافر في البلد الذي تعرّضت بنيته التحتية للتدمير. ويعتمد نحو 80 بالمئة من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة، على المساعدات للاستمرار.

مشاركة :