القاهرة الخليج: ياسر سلطان: نتمنى أن تنتهي الحرب ونعود إلى منازلنا، جملة مكتوبة بخط اليد على ورقة بيضاء تحملها طفلة صغيرة في مكان ما في مدينة عدن اليمنية. إلى جوار الطفلة ثمة طفلة أخرى تبدو أصغر سناً وتمسك أيضاً بورقة كتبت عليها حلمها نتمنى أن نلعب مع أصدقائنا في العيد، هكذا يحلم أطفال اليمن، يحلمون باللعب في أمان كبقية أطفال العالم. الصورة واحدة من مجموعة صور فوتوغرافية عرضت مؤخراً في فندق سفير بالقاهرة ضمن جهود التعريف بالمأساة التي يعيشها اليمن. عرضت الصور على هامش مؤتمر عدن تتحدث الذي نظمته مجموعة عدن تتحدث، وهي مجموعة من الشباب اليمني من أجل توثيق ما حدث في مدينة عدن خلال الصيف الماضي جراء الهجوم والقصف المتواصل الذي تعرضت له المدينة من قبل ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، مما حول أحياء المدينة التي كانت تشتهر بجمالها إلى خرائب، فهجرت بيوتها ودمرت شوارعها، وخربت البنية التحتية فيها. في عدن تبدو الحياة مستحيلة لمن بقي من سكانها، ليس بسبب ما لحق بأحيائها من دمار فقط، بل لشح المياه والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وتوقف مظاهر الحياة العادية. هذا المشهد المأساوي الذي تعيشه مدينة عدن هو ما حاول المجتمعون في هذا المؤتمر توضيحه لوسائل الإعلام بوسائل عدة، فقد عقدت ندوة أدارتها مجموعة من شباب اليمن وتحدث فيها عدد من الصحفيين والمهتمين بالشأن اليمني. ففي كلمته استعرض الصحفي اليمني أحمد الدماني، وهو المنسق الإعلامي لمجموعة عدن تتحدث، أهداف المؤتمر، عارضاً مآسي المواطنين في عدن، والمجازر التي طالت المدينة على أيدي عصابات الحوثي التي لم يسلم منها الأطفال والنساء. وطالب الدماني بضرورة ملاحقة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان في المدينة، بعد المآسي الإنسانية والبنيوية التي رافقت الأعمال الحربية، بسبب القنص والقتل للمواطنين والتدمير للأبنية والمنازل السكنية والمساجد والمستشفيات والمنشآت الخاصة والعامة وغيرها، بالقصف العشوائي اليومي للمناطق المأهولة بالسكان المدنيين. ومن جهتها عرضت المحامية اليمنية أقدار مختار، رئيسة فريق عدن تتحدث مادة فيلمية تصور المأساة التي يعيشها المواطنون في عدن تحت وطأة العدوان الهمجي الحوثي. شملت المادة الفيلمية مجموعة من الصور تجسد مدى فظاعة الاعتداءات التي تمت ضد المدنيين، إضافة إلى إفادات حية عن جرائم وانتهاكات رواها أشخاص طالت أسرهم وذويهم. ولفتت أقدار مختار في كلمتها إلى تدهور الوضع المعيشي والصحي للمواطنين في عدن، بداية من انقطاع المياه والكهرباء بشكل متكرر، ومروراً بانتشار الأوبئة الفتاكة، التي طالت آلاف المواطنين. كما رصدت المحامية إحصاءات القتلى والجرحى والانتهاكات خلال عدوان صيف 2015، حيث تخطى عدد القتلى 1500، وما يقارب 7000 جريح. تظهر الصور الفوتوغرافية التي عرضت على هامش المؤتمر جانباً من الخراب الذي حل بالمدينة ومعاناة الناس في ظل هذه الحرب. بين هذه الصور على سبيل المثال، صورة لمجموعة من الأوعية البلاستيكية التي يتم استخدامها في نقل المياه من الأماكن البعيدة لسد حاجة المواطنين في ظل الانقطاع الدائم للمياه. صورة ثانية لرجل يجلس على أنقاض منزله المتهدم، وهو مشهد يتكرر كثيراً عبر تلك الصور، فالصور تظهر أحياء بكاملها مهدمة وشبه مهجورة، وشوارع قد تحولت منازلها إلى أنقاض، حتى المساجد لم تسلم من هذا القصف، ففي إحدى هذه الصور يطالعنا مشهد مئذنة تنتصب وحيدة بين ركام مسجد مدمر. أما أكثر هذه الصور إيلاماً فهي تلك التي تصور معاناة الأطفال.. أطفال لا ذنب لهم، وجدوا أنفسهم ضحايا لتلك الجرائم، ترصد المشاهد صوراً لأطفال يصرخون من الألم، وآخرين مبتوري الأطراف. هي مشاهد مؤلمة ومروعة يحاول مجموعة من الشباب اليمني توثيقها من أجل أن يدرك العالم حقيقة ما جرى على أرض المدينة خلال الصيف المنصرم في ظل التعتيم الإعلامي والحصار الذي فرضته الميليشيات الحوثية على تلك المدينة.
مشاركة :