الدكتور عبد العزيز أبو زنادة، الرئيس السابق للهيئة السعودية للحياة الفطرية، والمستشار الحالي لمؤسسة (خالد بن سلطان للمحافظة على الحياة البحرية في المحيطات)، بعث لي مشكورا مجلدا ضخما مدعوما بالورق الصقيـل الحاوي على الصور الملونة، والرسومات البيانية والإحصائية والمعلومات العلمية الطبيعية الدقيقة لكل ما يمت لمناطق شاسعة من سواحل المملكة على البحر الأحمر، وقياس ذلك المجلد (45×30) سنتمـر، ووزنه أربعة كيلو ونصف، وقبل أن أبدأ بمناقشة محتواه، لا بد أن أشـير إلى عنوانه وهو: (أطلـس الموائـل البحريـة للبحـر الأحمـر السعودي)، إلى هنا وكل شيء على ما يـرام، فقد استوعبت كل هذه الكلمات، غـير أن معنى كلمة (الموائل) استعصت على فهمي حتى الآن، ولا بد أنني سوف أسـتـعلـم من الدكتور عن فحواها، كما أنني أشكو للدكتور عن (رفالتى)، عندما أمسكت بالمجلد الثقيـل لكي أضعه على سطح مكتبي وإذا بـه ينـزلـق من يدي ويسقط على مشط قدمي التي تلبس الزنوبة، فأخذت أقـفـز وأصيح من شدة الألم، ولازال أثـر السقطة معلما في قدمي، وهذه أيضا من بركات الدكتور، ويحق لي أن أطلب منه بدلا للعلاج. ولكن بعيدا عن كل شيء، فلا شك أن ذلك الأطلس يسهم إسهاما رائعا في رصد وتوثيق وإلقاء الضوء على مناطق كانت شبه مجهولة لدينا. كما أن الأمـير خالد بما له من حس وطني، قد استشعـر أهمية مثـل هذا العمل فبذل كل إمكانياته، إلى جانب الدعم (اللوجستي) الذي قدمته وزارة الدفاع وحرس الحدود كان له دور في تذليل كـثـير من العقبات. وإذا عرفنا أن هناك ستة من العلماء الدوليين في هذا المجال كانوا مجـندين طوال أربعة أعوام كاملة، لكي يخرج في النهاية هذا العمل الجبار للضوء، ويكون مرجعا مهـما للكشف عن الثـروات في المستقبل. وإذا أردتـم أن تعرفوا شيئا عن ذلك الجهـد، فمنه مثـلا: التطور التكويني لحوض البحر الأحمـر، التغيـيرات المناخية الموسمية ونظم دورات الريـاح، خرائط توزيـع (الموائل) الحية، تحليل المكونات، الشعاب المرجانية، أشجار الشورى (المانجروف)، القيعان الكربونية، الجدران المرجانية وغيرها. ودعموا هذا الجهـد جـوا وبحـرا وغوصا، واختاروا أربـعة مواقع، من رأس القصبة عند مدخل خلـيـج العقبة شمالا، إلى جـزر فرسان عند حدود اليمن جنوبا، مـرورا بالوجه وينبـع وضفة فرسان. ولي الآن أكـثر من أسبوع أتصفح ذلك المجلد كل صباح لأستـزيـد من المعلومات، ومن شدة تأثـري وحماستي، قـررت أن أتعلـم فـن الغوص في البحر مثـلما تعلمت فـن الغوص على اليابسة، فلعل وعسى أن يصادفني الحظ واصطاد بعض عرائس البحر، بدلا من قطـط اليابسة اللواتي دبلـن كبدي. وختاما.. لا أملك إلا أن أقول: شكرا لك يا سمو الأمـير خالد، وجزاك اللـه خيرا يا دكتور عبد العزيـز على العطب الذي أصاب قدمي، وهذه لن أنساها.
مشاركة :