النووي الإيراني.. صدق ما تراه لا ما تسمعه

  • 10/6/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

خلال برنامج 60 دقيقة مع المذيعة المخضرمة ليزلي ستال قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي: «ستستخدم إيران الطاقة النووية للأغراض السلمية في الطب والزراعة والنفط والغاز». هل تصدق -عزيزي القارئ- هذا الادعاء الذي يردده جميع قادة طهران؟ وهل الغرب ساذج لكي يتقبل هذا الطرح الذي لا يتوافق بأي شكل من الأشكال مع واقع الملالي؟ أجد عزيزي القارئ أن السياق مناسب للاستشهاد بمقولة العبقري وليم شكسبير الذي قال: «الأفعال دائما أبلغ من الأقوال، ‏صدق ما تراه، وانس ما تسمعه»، وأعتقد جازمًا بأن شكسبير سيصنف هذه المقولة كأصدق ما قاله في الحكمة لو شهد واقع أصحاب العمائم في طهران. نعم، كما قال شكسبير: «صدق ما تراه، وانس ما تسمعه» فالواقع والأحداث شاهدة تصدق أن غطرسة الملالي وعدوانيته أبعد ما تكون عن مفهوم السلام، ابتداءً من الحرب الإيرانية العراقية. وبعد مجيء الحكومة الإيرانية الجديدة بقيادة الخميني قاموا بمساعدة التمرد الكردي في شمال العراق، كما أن حكومة الملالي قامت في الفترة ما بين شهر يونيو إلى سبتمبر 1980 بنحو 187 انتهاكًا واعتداءً عسكريا بالمدفعية عيار 175 واستخدام القوة الجوية لقصف مدينتي خانقين ومندلي، وبذلك فإن الحكومة الإيرانية قد قامت بانتهاك اتفاقية الجزائر لحفظ السلام بين البلدين، وكذلك إلغائها ودخول البلدين في أطول حرب عرفها القرن العشرون وأحد أكثر الصراعات دموية بلغ ضحيتها أكثر من مليون إنسان. بعد هذه الحرب الدموية والتجربة المرة قد يعتقد الإنسان أن إيران -بقيادة الملالي- ستتعلم من هذا الدرس وتعود إلى طاولة السلام وتكرس مقتدراتها في بناء وطن يسهم في تعزيز مفاهيم التعايش السلمي لتحقيق التنمية المستدامة للشعب الإيراني وللعالم، ولكن هيهات هيهات! فعقب الحرب الإيرانية العراقية لم يتوقف تعطش هذا النظام المعوج للدم والخراب! وإنما أخذ يلهث مثل المسعور نحو أسباب تقويض السلام بسبب التدخل في شوؤن الدول واختطاف سيادتها وخلق الصراعات داخل نسيج تلك المجتمعات من خلال الطائفية وتدمير الاقتصاد والتنمية في تلك الدول بالتعاون مع الخونة داخل تلك الدول. تأتي نتائج الشواهد الساخنة على عدوانية الحزب الحاكم في طهران من الأرض الملتهبة في أوكرانيا؛ حيث تتوالى التقارير المؤكدة من داخل أوكرانيا على وجود أدلة تثبت أن إيران تبذل كل جهد لسكب الزيت على النار بإمداد روسيا بالأسلحة الهجومية، وقد كان آخر تلك الأدلة إسقاط القوات الأوكرانية طائرة إيرانية بدون طيار طراز مهاجر -6! كذلك بالأمس القريب تتبجح إيران بنشر مشاهد توثق قصف الحرس الثوري للأراضي العراقية، ضاربة عرض الحائط جميع القوانين والمواثيق الدولية. في هذه المساحة الضيقة لا يمكن -عزيزي القارئ- رصد جميع الشواهد البينة على أن حكومة طهران ومفهوم السلام لا يمكن أن يجتمعا في جملة، ناهيك عن دولة! ولو كتب المؤرخون عن سلوك إيران العدواني في الشرق الأوسط والعالم لما اتسعت لذلك أكبر المكتبات التي عرفها التاريخ، وعلى الرغم من ذلك ما زال العالم الغربي يتعاطى بجهالة مع هذا النظام الذي ليس لديه قدرة التعرف على مفهوم السلام فكيف له العمل بأدواته وتبنيه كمنهج حياة، وعلى من يشك في ذلك الذهاب اليوم إلى شوارع طهران ليشهد على ذبح المواطنين صباح مساء لمجرد مطالبتهم بتحسين الأوضاع المعيشية التي أنهكتها صناعة الأسلحة العدوانية والمفاعلات النووية والتدخل في شؤون دول الجوار. إيران عمليا ملتزمة بخطة تقويض أي مشروع للسلام، والشواهد على ذلك -كما ذكرنا- تعد ولا تحصى؛ لذلك يجب على القوى الغربية أن تتعاطي بذكاء مع هذا المكون الخطير الذي تشير جميع سلوكياته على أن قادته متعطشة للدماء والدمار، وأي ادعاءات مغايرة لذلك كما حدث في برنامج 60 دقيقة مع المذيعة ليزلي ستال هي مجرد ذر الرماد في العيون.

مشاركة :