كيد النساء في رقته خيط المكر الأنثوي يمتد من الملكة المتجردة إلى شادية ليبدو كيد النساء كما لو أنه هواية تاريخية تطيح بعروش الرجال. أنوثة متمردة “وأحبها وتحبني/ ويحب ناقتها بعيري”، ذلك بيت من قصيدة قصيرة للمنخل اليشكري كتبها عام 597 ميلادي في حب زوجة الملك النعمان بن المنذر “المتجردة”. اسم القصيدة فتاة الخدر. والخدر هو مكان المرأة الذي تتستر به. تلك القصيدة قادت المنخل إلى الموت قتلا. وبذلك يتحقق المثل القائل “ومن الحب ما قتل”. وسواء كانت تلك الحادثة حقيقية أم أنها لُفقت في العصر العباسي من أجل تمرير القصيدة الجميلة، فإن القتل الذي ينتج عن الحب ظاهرة كانت ولا تزال معروفة. وقبل أن ندخل في تفاصيل العلاقة بين فريد الأطرش وهند رستم، لا بد أن نتذكر وضاح اليمن الشاعر الأموي الذي قتله الخليفة الوليد بن عبدالملك بسبب غرامه بزوجته. ومن أجل أن ننسى ذلك الصندوق الذي اختفى فيه وضاح اليمن إلى الأبد سيكون علينا أن نبحر في عالم من لذة بصرية لا تُنسى ونحن نرى هند رستم وهي ترقص كما لو أنها غجرية حقيقية، فيما كان فريد الأطرش يغني “زينة زينة زينة / زينة غالية علينا / زي ضي عنينا” في فيلم “أنت حبيبي” الذي شاركته البطولة فيه شادية التي تدخل الصورة وهي على ظهر بعير لتغني مقطعا من الأغنية. وبالرغم من أن هند رستم، لم تكن البطلة غير أنها تأبى أن تكون بطلة ثانوية. بسحر أنوثتها المتمردة سرقت البطولة من شادية، الشابة الجميلة والرقيقة ذات الصوت الملائكي والماكرة أحيانا مثلما ظهرت حين توجت حياتها الفنية بمسرحية “ريا وسكينة”، الأختان اللتان طافت حكايتهما في خيال المصريين زمنا طويلا. ولأن القتل كان محور تلك الحكاية، فعلينا أن نذكر شادية بمكر أقل وذلك في فيلم الزوجة 13 حين غنت “كنت فين يا علي/ وأمك بتدور عليك”. كان ذلك مشهدا لا يُنسى رقصت فيه شادية وشويكار وزينات علوي. لم تكن تلك الأغنية سوى مونولوغا غنته ثريا حلمي في وقت سابق. ولكن علياً هذا كان قد سبق تلك الأغنية الشهيرة إلى فضاء الأغنية العربية حين غنت صباح “يا كاويني يا علي” عام 1953 وكانت درية أحمد قد سبقتها بعام واحد حين غنت “علي يا علي يا بتاع الزيت فمَن يكون ذلك الـ”علي”؟ سؤال لن يجيب عليه أحد. بالنسبة إلى المصريين قد يكون علي الزيبق أشهر الشطار بحكاياته المسلية هذا الـ”علي” الذي أفقد رشدي أباظة رشده ودفعه إلى الرقص بالعصا حين اكتشف أن زوجته قد هيأت له مكيدة حين جمعت صديقاته في سهرة واحدة. وهكذا يمتد خيط المكر الأنثوي من الملكة المتجردة إلى شادية ليبدو كيد النساء كما لو أنه هواية تاريخية تطيح بعروش الرجال. فاروق يوسف كاتب عراقي
مشاركة :