قال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لدول شرق المتوسط الدكتور احمد المنظري ، إنه تفصلنا أيام قلائل عن بدء فعاليات الدورة التاسعة والستين للَّجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط ، واللجنة الإقليمية هي الجهاز الرئاسي الرئيسي المنوط به تنظيم أعمال المنظمة على المستوى الإقليمي ، ويدور موضوعها هذا العام حول “بلوغ أهداف التنمية المستدامة بعد كوفيد-19: تسريع وتيرة تحقيق التغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي في إطار الصحة للجميع وبالجميع”، تحت شعار “معًا من أجل غدٍ مستدام وأوفر صحة”.وأضاف ” كما تعلمون، كان العام الماضي حافلًا بالتحديات ، وما برحت جائحة كوفيد-19 تؤثر في إقليم شرق المتوسط الذي يعيش فيه نحو 700 مليون شخص، ويضم بعضًا من أعلى بلدان العالم دخلًا، كما يضم أيضًا عددًا من البلدان الهشة والمتضررة بشدة من الصراعات، وتعاني من الأزمات والنزوح الداخلي ، وإلى جانب الآثار المباشرة الفادحة لمرض فيروس كورونا نفسه -مع ما يقرب من 28 مليون حالة مؤكدة، وأكثر من 348000 وفاة مُبلغ عنها في جميع أنحاء الإقليم حتى أوائل هذا الشهر- حدثَ اضطرابٌ شديد في الخدمات الصحية والاقتصادات والمجتمعات”.وتابع “المنظري” : سوف تستعرض اللجنةُ الإقليمية التقريرَ السنوي عن أعمال منظمة الصحة العالمية في الإقليم خلال عام 2021 ومطلع عام 2022 ، ويسرني أن أقول إن التقرير يورد أمثلة كثيرة على ما أُحرِزَ من تقدُّم، تؤكد أن الجائحة، على الرغم من الاضطراب الذي حدث، قد أتاحت فرصًا أيضًا، وحفَّزت الاستثمارات والابتكار على نطاق واسع ، ورُغم التحديات، فقد أحرزنا جميعًا، بالعمل معًا، تقدُّمًا هائلًا في عدة مجالات، لا سيما في الـمُضي قُدُمًا نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة عن طريق بناء نُظُم صحية أقوى وأفضل تكاملًا وتركيزًا على الناس، والتصدِّي للأمراض السارية وغير السارية، والوصول إلى اللاجئين والمهاجرين والنازحين.وأردف: وقد أصبحنا خبراء في التعامل مع حالات الطوارئ المتعددة الأخطار ، ففي عام 2021، استجابت المنظمة لعشر أزمات إنسانية واسعة النطاق، و31 فاشية كبرى للأمراض، و27 حدثًا آخر من أحداث الصحة العامة، وعملنا دائمًا دون كلل أو ملل من أجل تعزيز استعدادنا للطوارئ الصحية في المستقبل ، وتطبيقًا للدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19 وسائر الطوارئ، ودعمًا لتعزيز النظم الصحية في كل بلد من بُلدان الإقليم، ستناقش اللجنة الإقليمية ورقة تقنية تضع برنامج عمل إقليميًّا لبناء نُظُم صحية قادرة على الصمود، من أجل النهوض بالتغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي. وهو ما يمثل شاغلًا بالغ الأهمية، إذ لا تزال تحديات متعددة تعوق أداءَ النُّظم الصحية في الإقليم، لا سيما النظم الموجودة في المناطق الهشة والـمُتضررة من النزاعات والـمُعرَّضة للخطر.وقال إن ثمة حاجة مُلحَّة إلى تعزيز الصحة والعافية في إطار الاستجابة للتحديات التي لا ترتبط بفاشيات الأمراض فقط، بل ترتبط أيضًا بالمحددات البيئية والسياسية والاقتصادية والرقمية والاجتماعية للصحة وأوجه الجور في مجال الصحة، مثل تغيُّر المناخ، والتلوث، وارتفاع وتيرة التحضر، وأنماط الحياة المتغيرة، والنزاعات، والتغيُّر الديمغرافي، ونزوح السكان، والفقر، والإجحاف المتفشي على نطاق واسع. وسيناقش المشاركون خلال هذه الدورة للَّجنة الإقليمية سُبل تعزيز الصحة والعافية من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة ، ومن القضايا التي ستُناقَش خلال تلك الدورة نهجُ الصحة الواحدة، الذي يسعى إلى حشد القطاعات والتخصصات والأوساط المتعددة، للعمل معًا من أجل تعزيز الرفاه والتصدي للتهديدات المُحدِقة بالصحة والنُّظُم الإيكولوجية في إطار التفاعل بين الإنسان والحيوان والبيئة ، ولا غنى عن نهج الصحة الواحدة في التصدي لأخطار الأمراض الحيوانية المصدر المستجدة، مثل كوفيد-19 وجدري القردة، ومعالجة القضايا الحاسمة الأخرى التي تشمل مقاومة مضادات الميكروبات وسلامة الأغذية.ونوه “المنظري” أن المشاركون سينظرون في استراتيجية إقليمية جديدة تهدف إلى دعم بلدان الإقليم في الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية في مجال الصحة، وسيُعرَض تحليل يقترح سُبُل الاستفادة المثلى من الدعم الذي تقدمه مبادرتان من أهم مبادرات الصحة العالمية، وهما: الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، وتحالف غافي للقاحات ، وقد حرصنا أن تتسم هذه الدورة من دورات اللجنة الإقليمية بأعلى قدر من التفاعل والنقاش والمساهمة بين المشاركين، مع إتاحة فرصة أكبر للتفاعل من خلال تهيئة بيئة اندماجية وجاذبة وزاخرة بالمعلومات. وفي هذا العام، يستطيع الجميع تجربة حضور اللجنة الإقليمية بغضِّ النظر عن المسافة التي تُبعِدهم عن الحدث الواقعي، وذلك من خلال بيئة افتراضية تحاكي المكتب الإقليمي. وانطلاقًا من الجهود المبذولة في العام الماضي وتكللت بالنجاح، ستُيسِّر المنصة الافتراضية الحضور المختلط، وتوسِّع أيضًا نطاق انتشار أعمال اللجنة. وهناك برنامج حافل بمعالم جذب افتراضية، سيتضمن عرضًا مصوَّرًا لقصص النجاح من بلدان الإقليم.وخلص “المنظري” إلى القول:مع البدء في رفع القيود التي فرضتها جائحة كوفيد-19، ستُقام فعالية “الصحة قولٌ وعمل” في حديقة الطفل الواقعة أمام مقر المكتب الإقليمي ، وتؤكِّد الرؤيةُ الإقليمية “الصحة للجميع وبالجميع” الأهميةَ البالغة لإشراك جميع القطاعات وأصحاب المصلحة والمجتمعات المحلية في دعم مختلف تدابير الصحة العامة والتدابير الاجتماعية المُتخذة للتغلب على تلك التحديات ، ومن هنا تتجلى أهمية اللجنة الإقليمية بوصفها الهيئة الأرفع مستوًى لاتخاذ القرارات في إقليم شرق المتوسط، التي تتيح منبرًا فريدًا لتعزيز الروابط الوثيقة بين المنظمة وجميع شركائها، ولتبادُل المعلومات الصحية المسنَدَة بالبيِّنات عن الإقليم.
مشاركة :