"أوبك+": تحالف ظنه البعض ظرفيا لكنه بات طويل الأمد بين روسيا والسعودية

  • 10/7/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

فيينا - يعكس قرار تحالف “أوبك+” الأربعاء بخفض إنتاجه لدعم أسعار النفط، خطوة أخرى في إطار التقارب بين السعودية، الزعيم الفعلي للمنظمة، وروسيا. وكان وزير الطاقة السعودي عبدالعزيز بن سلمان قال إن الخفض الحقيقي للإمدادات سيتراوح بين مليون و1.1 مليون برميل يوميا، في رد فعل على ارتفاع أسعار الفائدة العالمية وضعف الاقتصاد العالمي. ووسعت هذه الخطوة الخلاف الدبلوماسي بين المجموعة المدعومة من السعودية وبين الدول الغربية، التي تخشى أن يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة إلى الإضرار بالاقتصاد العالمي الهش ويعرقل جهود حرمان موسكو من عائدات النفط في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. تاماس فارغا: كل الذين توقعوا حياة قصيرة لـ"أوبك+" مخطئون وقفزت العقود الآجلة للنفط الخام العالمي هذا الأسبوع، لتعود إلى أعلى مستوياتها في ثلاثة أسابيع، بعد أن اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، وبينهم روسيا، على خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا قبيل موسم الشتاء. ورجح مشاركون في القطاع أن يؤدي هذا إلى رفع الأسعار الفورية، خاصة بالنسبة إلى نفط الشرق الأوسط، الذي يلبي حوالي ثلثي الطلب في آسيا، مما يزيد من مخاوف التضخم حيث تكافح الحكومات من اليابان إلى الهند ارتفاع تكاليف المعيشة، بينما من المتوقع أن تستهلك أوروبا المزيد من النفط كبديل للغاز الروسي هذا الشتاء. وأثار قرار “أوبك+” حفيظة بعض الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي لم تتوقع خروج التحالف الاقتصادي من أزمة الطاقة أقوى من السابق. ويعود تأسيس التحالف إلى نهاية العام 2016 حين وقع الأعضاء الثلاثة عشر في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، بقيادة الرياض، مع عشر دول أخرى، بينها روسيا، اتفاقية سُميت “أوبك+”. وتَمثَّل الهدف منها في تنظيم السوق الذي تسيطر فيه على 60 في المئة من صادرات الذهب الأسود. وعلى مر السنين، تحوّلت هذه الاتفاقية التي ولدت استجابة للتحديات التي تفرضها المنافسة الأميركية، إلى علاقة طويلة الأمد. ويقول تاماس فارغا الذي يعمل لصالح “بي في إم إنيرجي”، إنّ “كل الذين توقّعوا حياة قصيرة للتحالف، كانوا مخطئين”. ويضيف “لقد نجا التحالف من عدّة حلقات من الاضطرابات”، خصوصاً عندما انهار الطلب في بداية جائحة “كوفيد – 19”. ويبدو أنّ الهجوم الروسي في أوكرانيا يساهم في تعزيز هذا التحالف بدل زعزعته. فقد شكّل “أوبك+” جبهة مشتركة لرفض فتح مضخّات الذهب الأسود على نطاق واسع، على الرغم من دعوات الغربيين الذين يرغبون في وقف ارتفاع الأسعار. كورنيليا ميير: تمديد الاتفاق هو بلا شك بشرى سارة لروسيا ويشير معهد “إنرجي أسبكتس” للأبحاث في لندن إلى أنه رغم أنّ روسيا تبدو معزولة أكثر فأكثر، إلّا أنّ الاجتماع الذي جرى الأربعاء يُظهر أنّ “دول الخليج لا تزال غير راغبة في إبعاد نفسها عن موسكو”. بالإضافة إلى الخفض الصريح في حصص الإنتاج، مدّدت المجموعة في نهاية العام 2023 مدّة “ميثاق التعاون” الموقّع في ربيع العام 2020. إنه تعهّد بـ”التماسك”، وفق تعبير الأمير السعودي ووزير الطاقة عبدالعزيز بن سلمان، الذي قال أمام الصحافة “نتعاون منذ العام 2016 (…)، هذا ليس فقط زواجا ظرفيا”، داعياً المنظمات الدولية الأخرى إلى الاستلهام من “أوبك+”. وتقول كورنيليا ميير، المديرة التنفيذية لشركة الاستشارات “ام ار ال كوربورايشن” إنّ تمديد الاتفاق هو “بلا شك رسالة”، “بشرى سارة لروسيا”. فكيف يفيد هذا القرار روسيا؟ منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا والتي تسببت في ارتفاع الأسعار، كسبت موسكو 116 مليار يورو بفضل صادراتها النفطية، وفقاً لتقرير نشره “مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف” ومقره فنلندا، أوائل سبتمبر الماضي. ولكن إنتاجها يشهد انخفاضاً منذ الصيف، متأثراً بالعقوبات الغربية. ويوضح فارغا أنّ التراجع الأخير للأسعار “يعوق قدرتها على تمويل الحرب على أوكرانيا”. سهيل بن محمد المزروعي: أوبك+ لن تكون سوى منظمة تقنية ويقول غريغ إرلم من “أواندا” إن نفطها يُتداول بحسم كبير، مشيراً إلى أن الهند والصين اللذين يعدّان الزبونين الرئيسيين حالياً، يحصلان على تخفيضات كبيرة. كذلك، تواجه موسكو تنفيذ الحظر الأوروبي على النفط الروسي في بداية ديسمبر، وإمكان تطبيق الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول السبع لآليات تحديد الأسعار. بالتالي، يأتي قرار “أوبك+” الذي سيؤدي إلى “استقرار سوق النفط” وفق الكرملين، في الوقت المناسب. من خلال رفع الأسعار، فإنّ خفض الحصص “سيسمح لروسيا بتوسيع إيراداتها من صادرات النفط الخام”، حسبما يؤكد المحلل لدى “بي في إم إنرجي”. ويرى محللون أن قرار تمديد اتفاق “أوبك+” هو في جانب كبير منه قرار سياسي إن لم يكن كذلك بالكامل، في المقابل ينفي المسؤولون ذلك مؤكدين أن “أوبك+” تحالف تقني لن يتخذ قراراته بناء على توجهات سياسية. وشدد وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي، على أنّ “أوبك+” لن تكون سوى “منظمة تقنية”. لكن إرلم يقول إنّ المجموعة قد تصرّ على أنّ تمديد الاتفاق ليس قراراً سياسياً، لكن من الصعب للغاية عدم إضفاء الطابع السياسي عليه في الوقت الذي ترتفع فيه أسعار النفط بسبب حرب بدأتها إحدى الدول الأعضاء الرئيسية في “أوبك+”. لقد قفزت الأسعار في مارس الماضي إلى ما يقرب من 140 دولاراً، متخطّية أعلى مستوى سجّلته في العام 2008. وردّ البيت الأبيض الأربعاء على قرار “أوبك+”، مندّداً بـ”انحياز” الكارتل إلى روسيا. وفي هذا الإطار، يرى الخبراء أنّ “هذه صفعة حقيقية” للرئيس الأميركي جو بايدن، بعد أقل من ثلاثة أشهر على زيارته المثيرة للجدل إلى السعودية، التي تعد حليفاً تقليدياً للولايات المتحدة، وقبل أسابيع على الانتخابات النصفية الأميركية. وقال تيلاك دوشي العضو المنتدب لشركة دوشي للاستشارات الذي كان يعمل في السابق مع أرامكو السعودية “من المرجح أن تضطلع السعودية والإمارات والكويت بمعظم العبء فيما يتعلق بالتخفيضات”. وأضاف “هذه صفعة على وجه بايدن من قبل أوبك+”، موضحا أن العلاقات بين روسيا والسعودية تبدو متينة بشكل متزايد.

مشاركة :