صدر عن دار سما للنشر والتوزيع بالقاهرة كتاب ( مكة المكرمة .. في صفحات الكتب ومذكرات الرحالة ) ، للأستاذ / أحمد صالح حلبي ، ويتناول الكتاب الذي جاء في نحو مائتي صفحة ، استعراضا لعدد من الكتب والدراسات التي تناولت تاريخ مكة المكرمة ، منذ أن ترك الخليل إبراهيم عليه السلام زوجه وابنه إسماعيل بها ودعا ربه قائلا : }رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ { ، مبتدئا بالحديث عن كتاب تاريخ الكعبة المشرفة للأستاذ الدكتور عبدالله بن محمد بن أحمد الطريقي ، والذي تناول في عشر فصول موزعة على مباحث ، تاريخ بناء الكعبة المشرفة وترميمها وكسوتها ، كما يتناول الحلبي في كتابه الحديث عن باب الكعبة المشرفة وتحدث عن أول من وضع باباً على الكعبة فيما رجحه المؤرخون، وهو الملك “تبع”، قبل البعثة النبوية بفترة طويلة، وهذا ما ذكره ابن هشام في سيرته ، مستندا في ذلك لما ذكره الأزرقي في أخبار مكة عن ابن جرير قال: “كان تبع فيما زعموا أول من كسا البيت وأوصى به ولاته من جرهم، أمرهم بتطهيره وجعل له باباً ومفتاحاً”. ومن باب الكعبة المشرفة يأخذنا المؤلف للحديث عن مفتاح الكعبة المشرفة ، معرفا سدانة الكعبة كمهنة قديمة تعني العناية بالكعبة المشرفة والقيام بشؤونها من فتحها وإغلاقها وتنظيفها وغسلها وكسوتها وإصلاح هذه الكسوة إذا تمزقت واستقبال زوّارها وكل ما يتعلق بذلك ، قبل الإسلام وبعده ومنذ أكثر من 16 قرناً مضت ، والتي اختص بها أحفاد قصي بن كلاب بن مرة بسدانة الكعبة المشرفة ، ومنهم نسل أبناء آل الشيبي سدنة الكعبة الحاليين وعن بئر زمزم يقدم المؤلف عرضا تاريخيا منذ نبع ماء زمزم من تحت أقدام إسماعيل عليه السلام ، وما نقله الأزرقي من عمارة الخلفاء والحكام لبئر زمزم ، حتى يصل إلى وصف عبدالله باسلامة لعمارة بئر زمزم في منتصف القرن الرابع عشر الهجري ، واهتمام الدولة السعودية ببئر زمزم والذي تمثل بصدور أمر الملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ عام 1373هــ بتركيب مضخة عام 1373هــ تضخ ماء زمزم إلى خزانين علويين من الزنك ، ووُصِّل بكل خزان اثنا عشر صنبورًا موزعة حول البئر ؛ لاستخدامها إلى جانب الدلاء حسب الرغبة ، ثم أزيلت المباني المقامة على البئر ، وما تلاه من أوامر أصدرها ملوك المملكة العربية السعودية من بعده حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ ، كما استعرض المؤلف جهود شركة الزمازمة في إيصال ماء زمزم للحجاج منذ وصولهم لمكة المكرمة وحتى مغادرتهم لها ، وتوزيعه لهم في مقار سكنهم ، ودخول نظام ، ومشاركة الشركة لأول مره في خدمة ضيوف الرحمن في المشاعر المقدسة من خلال برامج السقيا في مبادرة ” شربة من زمزم ” وفي مسار إثراء تجربة الحاج من خلال معرض عن تاريخ السقيا حمل مسمى ( حكاية الماء والسقيا ) ، وإطلاق جهاز ( بشرى زمزم ) في ١٠ مواقع للخدمة في مساكن الحجاج بمكة المكرمة ، والذي يمكن الحاج من الحصول على ٣ عبوات من ماء زمزم يوميا، من خلال بطاقة الحج الذكية عبر “باركود” مخصص ، ويحفظ جهاز ( بشرى زمزم) العبوات في درجة برودة معتدلة . وتناول الكتاب عرضا لكتاب أعلام وحدود الحرم المكي الشريف ، والأطلـس المصور لمكة المكرمة ، والصحن المحيط بالكعبة ، والأغوات ودورهم في خدمة الحرمين الشريفين ، وتحدث عن الغار المنفرد ذكره في القرآن الكريم ، والكتاتيب في مكة المكرمة ، وبدايات التعليم في مكة المكرمة ، وتاريخ مكتبة الحرم المكي الشريف ، وأسواق مكة المكرمة القديمة ، والحرف التقليدية المندثرة بمكة ، والحياة الاجتماعية في مكة ، إضافة إلى جهود الملك عبدالعزيز في حفظ الأمن في الحجاز ، وموقف الملك عبدالعزيز من أزمة الغذاء في مكة المكرمة ، ورعاية الملك عبدالعزيز للمطوفين ، والنقل البري في المملكة العربية السعودية ، وعناصر النقل في الحج ، والعمل الخيري في مكة المكرمة في عهد الملك فهد . وتحدث المؤلف عن المستشرقين الذين دخلوا مكة المكرمة موزردا سير وتراجم عدد منهم ، ومن أبرزهم برتون ، وفارتيما ، ودوميغو ، وغيرهم . كما يتناول عددا من الكتب والإصدارات التي تناولت الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية بمكة المكرمة ، وما دونه الرحالة من المستشرقين الذين دخلوا مكة المكرمة ، عن الحج وخدمات الحجاج وعادات المكيين ، ويبرز دور حكومة المملكة العربية السعودية في توفير الراحة والاطمئنان لقاصدي البيت الحرام من حجاج ومعتمرين .
مشاركة :