أبارك لمعالي وزير التعليم الأستاذ يوسف عبد الله البنيان الثقة الملكية الكريمة من لدن مقام مولاي خادم الحرمين الشريفين، وسيدي ولي العهد الأمين، واستبيح معاليه الكريم وهو الاقتصادي المحنك والخبير المالي بامتياز في أن أدير عجلة التاريخ للوراء سريعًا لأرى نفسي وأنا طالب في المرحلة الابتدائية الصف الأول، قبل خمسين عامًا أو يزيد، وقد منحني والدي -رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته- خمسة ريالات، أدفعها قسط شراكة في مقصف المدرسة، وانتظر حتى نهاية العام حيث أحصل على رأس المال والأرباح التي جنيته من أول مشروع تجاري أجازف بالدخول فيه، وغالبًا ما تكون العوائد المادية من هذه المجازفة البسيطة مغرية ومفرحة. إن مشروع (الجمعيات التعاونية المصغر) هذا، هو في حقيقته تربية اقتصادية داخل أروقة مدارسنا في التعليم العام، ويمكن أن يمتد ليدخل أسوار جامعاتنا فتكون جميع المشاريع الاستثمارية في الحرم الجامعي شركات طلابية تزيد من دخولهم السنوية، وتدربهم وتنمي مهاراتهم الاقتصادية، وتعزز عندهم الشعور بالثقة في خوض غمار تجربة دخول السوق. لقد بحت أصوات أولياء الأمور - طوال السنوات الماضية وما زالت حتى هذا اليوم وستظل - وهم يشتكون من سوء إدارة المقاصف المدرسية المؤجرة للشركات المشغلة، وسوء بضاعتها، وارتفاع أسعارها ارتفاعاً يثقل كاهلهم، ويصعب على ذوي الدخل المحدود خاصة من لديهم أكثر من طفل إعطاءهم المال الكافي كل يوم، ولك أن تتصور انكسار خاطر اليتيم أو الفقير أو حتى العاجز عن الحصول على المبلغ المطلوب كل يوم وهو يرى أترابه وأقرانه وأصدقاءه وزملاء الصف وهم مصطفون للشراء وهو قابع في زاوية من زوايا المدرسة يتوارى عن القوم يخفي حقيقته المؤلمة عن أعين الناس. ومع تعدد التجارب وكثرتها إلا أنني أعتقد أن عودة المقاصف لما كانت عليه وأنا صغير، وفتح باب المساهمة للطلاب، قيمة السهم مثلاً خمسون ريالاً، وعدد الأسهم المتاحة في الاكتتاب لكل طالب عشرة أسهم، ويدار المقصف من مجلس طلابي منتخب من قبل إدارة المدرسة وأساتذتها وطلابها تحت إشراف معلم يتطوع لذلك أو حتى يخفض نصابه التدريسي، هو الحل الناجع والمثالي لسيل الشكاوي التي تتأجج في صدور أولياء الأمور ومن ورائهم أبنائهم الطلاب جراء الواقع التعيس لمقاصفنا المدرسية في غالب محاضننا التربوية للأسف الشديد. دمتم بخير وتقبلوا جميعًا صادق الود والسلام.
مشاركة :