سامر برقاوي لـ «الشرق الأوسط»: فيلم {الهيبة} يردّ دين التلفزيون للسينما

  • 10/8/2022
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تشهد صالات السينما في دول عربية وغربية كثافة مشاهدين لفيلم {الهيبة} الذي انطلقت عروضه أخيراً. وفي لبنان، كما في كندا وأميركا ودبي والأردن وغيرها، يتهافت هواة سينما الأكشن لمتابعة هذا العمل الذي اختتمت معه 5 أجزاء من مسلسل {الهيبة}. هذا العمل الدرامي الذي حقق نجاحاً واسعاً في العالم العربي رغب مخرجه سامر برقاوي، كما منتجه صادق الصباح، في نقله من التلفزيون إلى السينما بمستوى مشرّف. ففيلم الهيبة الذي جرى تصويره بين تركيا وبلغاريا، شكل نقلة لسينما الأكشن العربية. فكان بتغليفته السينمائية وحبكة قصته المثيرة وفريق أبطاله، فيلماً عربياً على المستوى المطلوب في عالم الأكشن والإثارة. ويرى مخرجه سامر برقاوي الذي يسجل مع هذا الفيلم أول تجربة سينمائية له، أن هذا النوع من القصص مرغوب من قبل المشاهد العربي بشكل ملحوظ، وأنه حاول من خلال تراكم تجاربه أن يقول {أكشن} على طريقته. ويوضح: {عمل من نوع الأكشن يجب أن يشمل الرؤية العامة له فتضم مجموعة محاور. ومن بينها مستوى معالجة النص أو السرد البصري. فعندما يتناول مثلاً مسألة عبور الحدود الأوروبية غير الشرعي عبر تركيا أو بلغاريا فهو يروي قصصاً إنسانية حقيقية}. ويشير برقاوي إلى أنه دخل تلك المناطق ليس كمراسل أو مخرج أجنبي. فهو عاش في هذه الأماكن كي يلمس عن قرب ما تعانيه نماذج من مجتمعاتنا. {كان يجب أن أدخل وأقوم بالتجربة وأكوّن فكرة واضحة، فأتعرف إلى الأسباب التي دفعت بهؤلاء الناس إلى اللجوء لدول غربية. فمن خلال تجربتي هذه عرفت عدسة كاميرتي كيف تتحرك كي تبدو المشهدية مقنعة بالنسبة للمشاهد. فكانت ترتبط ارتباطاً مباشراً بشخصيات العمل}. قبل تصوير الفيلم، قام مخرجه بأبحاث حثيثة ورأى عشرات الفيديوهات المصورة التي تدور حول عمليات التهريب غير الشرعية للناس. ويضيف: {تعرفت إلى مهربين وإلى أشخاص نجحوا بالهروب. حتى أني صرت ملماً بعبارات يستخدمونها في هذه الرحلات الخطيرة التي يقومون بها براً أو بحراً. فالاستغلال المادي والتعب والمعاناة وقسوة هذه الرحلات اطلعت عليها عن كثب. ومن ثم ترجمتها بعدسة كاميرتي، وإلا لكانت المصداقية في العمل مفقودة}. انتقد البعض فيلم {الهيبة}، لأن موضوعاته مرت مرور الكرام على مشكلات أساسية في عالمنا العربي، فلم تقارب مشكلة العبور غير الشرعي للاجئين من بلد إلى آخر بشكل جيد. ويرد برقاوي: {بصراحة، فإن فيلم (الهيبة) لا تدور قصته حول اللجوء، بل يحكي قصة بطله جبل، شيخ الجبل الذي اضطر أن يسلك نفس طريق اللاجئين لينفذ مهمته بناء على استحقاق قديم ضد ناظم العلي (الختيار). ولأنه شخص مطلوب وخارج عن القانون، استغل رحلات اللجوء لينخرط فيها كي ينتقل من بلد إلى آخر. وفي هذه الرحلة تورط بمشاكل الناس، والتقى نماذج من اللاجئين وبينهم زينة (زينة مكي) بطلة الفيلم، فاكتملت عناصر قصة تقاطعت بسردها مع هذه الرحلات. فهو كان يجهل كل ما يحصل فيها وصولاً إلى تلك الاتفاقيات على صعيد مافيا أجنبية تحكمها السياسة}. بالفعل يأخذ فيلم {الهيبة} مشاهده برحلة سينمائية لا يشعر خلالها بالملل لتنوع موضوعاتها. فهي تحمل رسائل سريعة ومختصرة ولكن من دون أن تخرج عن إطار نص محبوك لشخصية جبل. يصف سامر برقاوي فيلم {الهيبة} وهو يشكل تجربته الأولى في عالم السينما، بأنه قد يكون جاء متأخراً، تماماً كمن يتأخر في الارتباط الزوجي. ولكن إصراره على أن يكون على المستوى المطلوب أسهم في ذلك. ويقول في سياق حديثه لـ{الشرق الأوسط}: {شكل لي هذا الفيلم تحديات عدة، بينها الحرص الشديد على أن يكون خير خاتمة لخمسة مواسم درامية. وكذلك دخول مدينة كإسطنبول التي تجمع أوروبا وآسيا. وبالتالي عندي بطل العمل جبل الذي تعودنا أن نراه في بيئته ومجتمعه. فكان عليّ أن أزرعه في مدينة لا تعرفه وأن أخلق معادلة للهيبة فيها. كل هذه التحديات كانت صعبة ولكنني استمتعت فيها. وعملت أيضاً على تقريب الأجواء بين بلد أجنبي و(الهيبة) من ناحية المفهوم البصري. وأعطي مثالاً على ذلك المنزل الذي يعيش فيه أبو نضال السعيد (نقولا دانييل). فكان شبيهاً ببيوت الهيبة، خصوصاً أنه هجرها مع حفيده بعد مقتل ابنه فيها، فحمل حنينه إلى بلدته معه}. هذا الاستحضار بالمشهدية السينمائية التي طبعت الفيلم فسارت بين نقاط الهيبة والغربة، أحدثت الفرق في الفيلم. ففتحت آفاقاً جديدة لقصة {الهيبة} التي تابعها المشاهد العربي على مدى 5 أجزاء. وعن تلوينه بعناصر أجنبية من ممثلين وأحاديث بلغات أجنبية، يقول برقاوي: {كي نقترب من حقيقة الحكايا التي نرويها، كان علينا مد جسور بين النص والمكان والزمان. حتى إننا واجهنا صعوبات بترجمة مشاهد أكشن مع ممثلين أجانب لا يفهمون لغة البلد الذي يمثلون فيه. كل ذلك استغرق وقتاً لبنائه وترجمته مشاعر وأحاسيس}. بعض الممثلين أمثال سعيد سرحان تحدث بلغات البلد الذي يتم التصوير فيه، وهو أمر أراده المخرج كي يبتكر مشهدية سينمائية تمت إلى الواقع. ويقول: {كان من المفروض الذوبان في المكان الذي تدور فيه أحداث الفيلم. فالرحلة تدور في البر بين السجون والمستشفيات والتجمعات وليس في الطائرة. وحاولت تقريبها من واقع تدور فيه من دون أن تترك بثقلها على المشاهد. فكان باستطاعته أن يفهم ما يجري من أحداث حتى لو لم يقرأ شريط الترجمة للحوار الدائر. فالمفاصل الأساسية للقصة بقيت محافظاً عليها مع أبطال العمل}. ويرى المخرج السوري أن هدف الفيلم كان تقديم حصة أكشن بأدواتها المتطورة. فهذا النوع من الأعمال تطور عاماً بعد عام في بلادنا العربية، وهي مرغوبة من قبل المشاهد. وعندما شعروا كصناع سينما بأن الأمور نضجت وباتوا قادرين على تقديم عمل متقن في هذا الصدد، أقدموا على هذه الخطوة. {لم نكن نريد أن نقوم بخطوة خجولة، وفي الوقت نفسه كنا نرغب بإشباع عين المشاهد. فهو صار أكثر اطلاعاً وانفتاحاً على أعمال السينما بشكل عام. فلم يكن من السهل الدخول إلى هذا المكان؛ وأعني شرائط الأكشن. وهي خطوة تسبق أخرى على الطريق وتحمل تحديات من نوع آخر}. وعما إذا هو راضٍ عن الفيلم يرد: {أعتبر نفسي قمت بخطوة تجاه السينما وليس تجاه فيلمي. وقمت بتجربة مع منتج له باع طويل في هذه الصناعة، لا سيما في عملية التوزيع. ومن ناحيتنا كفريق عمل ومع المنتج، نعد الفيلم دعوة لمشاهدي التلفزيون للنزول إلى صالات السينما. فلطالما اجتهدنا كي ندخل السينما إلى الشاشة الصغيرة. فحان الوقت لردّ الدين من التلفزيون إليها. وهو عنوان مشترك اتفقنا عليه مع شركة الصبّاح، ومع كل من شارك في الفيلم}. حالياً ينشغل سامر برقاوي في تصوير المسلسل الرمضاني {عاصي الزند}، وهو من بطولة تيم حسن ودانا مارديني. ويحكي عن قصة مثيرة تدور في عام 1890 في مناطق تقع قرب نهر العاصي. فهذا النهر يمشي عكس السير من الجنوب إلى الشمال. وسنرى شخصيات المسلسل تأثرت ببيئة سكنها قرب النهر ضمن حدوتة معجونة بالأرض. وعلق برقاوي: {المسلسل يتألف من جزأين سيتابعه المشاهد العربي على مدى موسمين من رمضان المقبل وبعده. ويتألف كل جزء من 30 حلقة وطبيعة بطلنا عاصي الزند تعكس طبيعة هذا النهر}. وعما إذا هناك من مشروع لفيلم سينمائي جديد يختم: {هناك مشاريع نعم وليس من المفروض أن تكون على المدى البعيد. ندرس خطواتنا جيداً، ونحن في حالة البحث والبناء فيها}.

مشاركة :