يرى المحلل العسكري نائب رئيس مركز ليكسينغتون الأميركي للأبحاث، الدكتور دانيال جوري، أنه بعد فشل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في محاولته الأولية لتحقيق هجوم مفاجئ ضد أوكرانيا، وحملته التالية لضم أراضٍ في شرق البلاد وغربها، قد اكتشف طريقة للانتصار بدلاً من أن يبدو خاسراً. وتعتبر خطوات بوتين الأخيرة، المتمثلة في إعلانه تعبئة جزئية وإجراء استفتاءات لضم الأراضي التي تحت سيطرته إلى روسيا، بوادر لاستخدام الأسلحة النووية ضد أوكرانيا. وقال جوري، في تحليل نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست الأميركية»، إنه إذا واصلت القوات الأوكرانية المزودة بأسلحة غربية هجماتها المضادة، فستمثل تهديداً للوطن الأم الروسي في الأراضي الجديدة التي استحوذت عليها روسيا حديثاً، وسيرد بوتين على ذلك بعمل ما هدد به مراراً وتكراراً، وهو استخدام الأسلحة النووية. تقويض الدعم الغربي وسواء كان مثل هذا الاستخدام ضد هدف في أوكرانيا أو مجرد عمل استعراضي، ستكون التأثيرات واحدة، إذ لا شك أن مثل هذه الخطوة ستقوض الدعم الغربي لكييف، في ضوء ما هو مؤكد تقريباً أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) لن يردا بالمثل، كما أنه من الممكن أن تؤدي هذه الخطوة إلى انهيار «الناتو»، وأساساً قد ينتصر بوتين من خلال خسارة الحلف. ويقول جوري، إن القادة الغربيين والخبراء العسكريين لطالما فكروا في احتمال أنه حال فشل موسكو في حملتها التقليدية ضد أوكرانيا، فستلجأ إلى استخدام الأسلحة النووية، وهو احتمال أصبح الآن شبه مؤكد. لقد ضاعف بوتين جهوده في حرب تقليدية لا يمكنه الانتصار فيها، إذا استمر الارتباط الجاري للقوات، فالغرب بدأ توسعاً صناعياً وعسكرياً يزيد من التوازن العسكري ضد روسيا. واضطرت موسكو بالفعل إلى السعي للحصول على المساعدة من أضعف الحلفاء - إيران وكوريا الشمالية. ولن توفر التعبئة الجزئية للجيش الروسي الوسيلة لتغيير الوضع لصالحه على أرض المعركة، وستؤدي إلى تفاقم المعارضة ضد بوتين في الداخل. خيار التصعيد ولكن بالتصعيد يمكن لبوتين تحقيق الانتصار في الخارج والداخل على السواء. ويوضح جوري أن العقيدة النووية الروسية تنص بوضوح على أنه إذا هدد عدوان تقليدي ضد روسيا وجود الدولة، فإن هذا يبرر استخدام الأسلحة النووية. ولم يتم على الإطلاق إيضاح تعريف المدى الذي يصل إليه أي هجوم تقليدي لتجاوز هذه العتبة. وحدد بوتين مثل هذا الهجوم المهدد لوجود الدولة في خطابه الذي أعلن فيه التعبئة الجزئية، إذ أكد زعمه بأن هدف الغرب من وراء دعمه لأوكرانيا هو تدمير روسيا وتهديد كل الشعب الروسي. وأوضح بوتين أنه مسموح لروسيا باستخدام الأسلحة النووية من أجل حماية سلامة أراضي الدولة، والتي ستشمل الآن الأجزاء التي تم ضمها من أوكرانيا. والسؤال الآن: ما الذي سيفعله «الناتو» والغرب إذا ردت روسيا على الهجوم التقليدي الناجح لأوكرانيا باستخدام سلاح نووي؟ «الناتو» لن يرد نووياً يقول جوري، إنه من شبه المؤكد أن «الناتو» لن يرد بخطوة نووية مماثلة، وأي شخص شهد مناورات حربية عالية المستوى للولايات المتحدة أو «الناتو» خلال العقود الماضية، استخدم فيها الجانب الآخر الأسلحة النووية ضد أحدهما، يدرك أنه من الصعب للغاية أن يرى واشنطن - ناهيك بحلف «الناتو» - ترد بالمثل حتى إذا كانت القوات الأميركية أو قوات «الناتو» هي هدف مثل هذا الهجوم. وما لم يكن الهجوم واسع النطاق، تلجأ الفرق التي تمثل الحكومة الأميركية ودول «الناتو» دائماً إلى خيار حملة تقليدية مكثفة أو تتراجع. وإذا ما استخدم بوتين سلاحاً نووياً ضد أوكرانيا، فستكون الخيارات الغربية أكثر محدودية، فأوكرانيا ليست دولة عضواً في «الناتو» ولا تحظى بحماية المظلة النووية للحلف، وسيجد القادة الغربيون أن الرد باستخدام سلاح نووي أمر لا يمكن تصوره. وكما قال مسؤول سابق محنك في الحكومة الأميركية وأحد المفاوضين السابقين في مجال الحد من الأسلحة النووية، في ما يتعلق بالكيفية التي سترد بها واشنطن على أي تفجير نووي روسي: «لا أعتقد أن الولايات المتحدة ستتخذ خطوة تصعيدية. من المؤكد أنها لن ترد باستخدام أسلحة نووية». ويمكن التأكيد على أن بوتين يعلم ذلك. ويقول جوري إن القادة الغربيين، وأبرزهم الرئيس الأميركي جو بايدن، تعهدوا بالرد على استخدام روسيا للأسلحة النووية بمضاعفة دعمهم لأوكرانيا، وتزويدها بعدد أكثر وأفضل من الأسلحة التقليدية، وتوسيع نطاق العقوبات الاقتصادية على روسيا، ومحاولة حشد المجتمع الدولي لجعل روسيا دولة منبوذة. وكان ذلك هو تحذير بايدن في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وبصفة أساسية، سيسعى الغرب إلى أن يواصل تماماً الاستراتيجية التي أدت إلى استخدام بوتين الأسلحة النووية في المقام الأول، وهذا هو تعريف الجنون: تكرار عمل الشيء نفسه في انتظار نتيجة مختلفة. وأكد جوري أن تزويد أوكرانيا بمعدات عسكرية غربية إضافية، بما في ذلك المزيد من منصات إطلاق صواريخ هيمارس، والصواريخ طويلة المدى، والمسيرات المتقدمة، والمدرعات الثقيلة، وحتى مقاتلات «إف 16»، سيضمن قدرة أوكرانيا على وقف تقدم الجيش الروسي، لكن ذلك لن ينهي الحرب. وفي واقع الأمر، سيكون رد الفعل الغربي المحتمل في صالح بوتين، فبدء الرئيس الروسي باستخدام السلاح النووي سيقابل برد أقل من مناسب، ما يوضح الضعف الغربي، وسيمر استخدام موسكو للسلاح النووي دون مساءلة، ما يظهر أن الردع لا معنى له، وستعد روسيا نفسها لاستخدام الأسلحة النووية مرة أخرى في المستقبل. ومن المؤكد أن رصيد قبول بوتين لدى مواطنيه سيتحسن، وسيعلن أن الزعيم الروسي الذي وقف أمام الغرب، واستخدم سلاحاً نووياً للدفاع عن الوطن دون أن يتصدى له أحد. وقال جوري في ختام تحليله إن بوتين يعتقد أن الحرب في أوكرانيا أساسية لهزيمة تهديد لوجود روسيا يمثله توسع «الناتو»، وجهوده لإيجاد دولة عميلة في أوكرانيا. وفي هذا السياق، يعد استخدام الأسلحة النووية مبرراً، وكذلك يعد خطر التصعيد الغربي أيضاً أمراً مبرراً. إذا واصلت القوات الأوكرانية المزودة بأسلحة غربية هجماتها المضادة، فإنها ستمثل تهديداً للوطن الأم الروسي في شكل الأراضي الجديدة التي استحوذت عليها روسيا حديثاً. إذا ما استخدم بوتين سلاحاً نووياً ضد أوكرانيا، فستكون الخيارات الغربية أكثر محدودية، فأوكرانيا ليست دولة عضواً في «الناتو» ولا تحظى بحماية المظلة النووية للحلف، وسيجد القادة الغربيون أن الرد باستخدام سلاح نووي أمر لا يمكن تصوُّره. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :