موجة شراءات الأجانب للعقارات في تركيا تفاقم فوضى الأسعار

  • 10/8/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

موجة شراءات الأجانب للعقارات في تركيا تفاقم فوضى الأسعار أنقرة - يثير اغتنام الأجانب فرصة انهيار الليرة التركية لشراء العقارات القلق من أن تتعمق المشاكل ليس بالنسبة للمطورين المحليين الذين تحاصرهم الديون وارتفاع التكاليف فحسب، بل أيضا بالنسبة للمواطنين، خاصة مع تدهور قدراتهم المعيشية. وتظهر الأرقام الرسمية الصادرة عن مكتب الإحصاء الحكومي أن مبيعات العقارات في البلاد حققت نموا بنسبة 31 في المئة خلال النصف الأول من العام الحالي، وربما زادت في الربع الثالث من هذا العام، فيما شهدت تراجعا كبيرا في أغلب دول العالم. ويتوقع العديد من الخبراء الاقتصاديين والعقاريين ارتفاع سعر العقارات في السوق التركية سنويا بنسبة قد تبلغ 8 في المئة خلال الأعوام من 2022 وحتى 2027. وتحاول أنقرة الاستفادة من الأزمة في شرق أوروبا لاستقطاب المزيد من المستثمرين الذين يبحثون عن امتلاك عقارات في تركيا، في ضوء ما توفره الحكومة من امتيازات لتعزيز الاحتياطات النقدية، وبالتالي دفع نمو الناتج المحلي الإجمالي. وقبل الحرب في أوكرانيا جرفت تداعيات الإغلاق الاقتصادي قطاع العقارات التركي إلى دوامة من الخسائر، وتسبب تراجع الطلب في تقويض أدائه نظرا للتكاليف الإضافية وبطء تنفيذ المشاريع، بسبب تقلبات أسعار السلع والركود العالمي. وشهد سوق العقارات منذ بداية 2022 ارتفاعا ملحوظا في الأسعار لأسباب كثيرة، من بينها الطلب المتنامي، لاسيما في إسطنبول أكثر مدن البلاد ازدحاما وحركية اقتصادية، بسبب انخفاض قيمة الليرة أمام الدولار الأميركي. وثمة عوامل أخرى قد تبدو سلبية مثل التضخم العالمي والحرب بين روسيا وأوكرانيا التي شجعت على شراء العقارات في تركيا. وبحسب الخبير العقاري غزوان المصري، فإن تركيا قدمت الكثير من التسهيلات لتملك العقارات، منها منح الجنسية مقابل شراء عقار بقيمة معينة. كما أنها دعت الكثيرين من المقيمين في الدول العربية وأوروبا وروسيا وألمانيا وكندا والولايات المتحدة إلى شراء وتملك عقار يكون لهم مكان استقرار في تركيا. ونسب إلى المسؤول في جمعية رجال الأعمال والصناعيين الأتراك قوله إن “مبيعات العقارات في هذا العام تجاوزت في الربع الأول من هذا العام 14 ألف عقار، وهو ارتفاع يقدر بنحو 45 في المئة بمقارنة سنوية”. ويأتي الإيرانيون في المركز الأول لشراء العقارات في تركيا، يليهم العراقيون ثم الروس، لاسيما بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، إذ تملك الكثيرون من رجال الأعمال الروس عقارات. وتؤكد شركات عقارية محلية أن الأثرياء الروس يضخون الأموال في العقارات في تركيا والإمارات، سعيا وراء ملاذ مالي في أعقاب العقوبات الغربية التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على بلدهم. أما بقية المواطنين العرب فيستثمرون بالدرجة الأولى في إسطنبول ثم تأتي المدن الأخرى، ومنها أنطاليا السياحية الساحلية، التي تأتي في المرتبة الثانية. ويؤكد المصري أن أنطاليا تمتاز بأنها جاذبة للروس والأوكرانيين والألمان، في حين تأتي أنقرة في المرتبة الثالثة ومرسين في المرتبة الرابعة. ويفضل الخليجيون، ومن بينهم الكويتيون، تملك العقار في منطقة صبنجة التي يسهل الوصول إليها من مطار صبيحة القريب منها. كما أن صبنجة تمتلك الكثير من الأماكن السياحية المتنوعة والكبيرة، من بحيرات وجبال للتزلج، علاوة على قربها من مدينة أزميت للتسوق والبحر الأسود ومدينتي بورصة ويالوا. وقفزت أسعار المساكن على مدار الخمسة عشر شهرا الماضية، يغذيها تضخم وصل إلى حدود 83 في المئة، وهو أعلى مستوى له منذ قرابة ربع قرن، وأيضا تزايد السكان المحليين، بالإضافة إلى تدفق مطرد للمهاجرين. وتجلب المبيعات للأجانب العملات الأجنبية إلى الاقتصاد التركي، مما يساعد على دعم الليرة المنهارة، التي تعرضت لسلسلة طويلة من الضغوط أفقدتها أكثر من 45 في المئة من قيمتها منذ بداية هذا العام. لكن في المقابل يؤثر نشاط السوق بسبب هجمة الشراءات الأجنبية على الأسعار، حيث من المتوقع أن تزيد مع مرور الوقت حتى نهاية 2022، مما يؤثر على شركات التطوير العقاري التي تعاني أصلا منذ أشهر جراء التكاليف الباهظة. وتقول الخبيرة العقارية ميلدا تشنار إن عملية شراء مواد البناء واستيرادها بالعملة الصعبة والارتفاع غير المسبوق في سعر الصرف ونزول قيمة الليرة مقابل العملات الأخرى المستخدمة في عملية الشراء، من أكبر الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار المواد. وقالت في تصريح إن “أسعار العقارات ظلت في مسار صعودي منذ بداية العام الماضي، وبالتالي تسببت في غلاء كبير”. وأكدت أن ثمة طلبا متزايدا من الأجانب المقيمين في تركيا من ذوي الوضع المادي الجيد للحصول على الجنسية التركية. وكان شرط الحصول عليها شراء عقار تقدر قيمته بحوالي 250 ألف دولار خلال الأعوام الماضية، لكن بسبب نسبة التضخم العالية الحاصلة في تركيا ارتفعت هذه القيمة في بداية يونيو الماضي إلى ما يقدر بواقع 400 ألف دولار. وتقول تشنار إن هذا الأمر أدى إلى زيادة أسعار العقارات بشكل ملحوظ وكبير. وذكرت أن بعد انتهاء الحظر الدولي بسبب الجائحة وعودة حركة الطيران الجوي إلى طبيعتها، توافد المستثمرون الأجانب من جميع الدول للاستثمار من خلال شراء العقارات في تركيا، مما أدى إلى زيادة أسعارها لأن زيادة الطلب على السلعة يرفع سعرها تدريجيا. ويرغب الكثير من الزوار في الإقامة بتركيا بسبب السياحة العلاجية، التي تتطلب من المريض البقاء فترات طويلة، الأمر الذي يدفعهم إلى تملك عقار قريب من المستشفيات للتنقل بحرية إليها، وليسهل عليهم متابعة العلاج.

مشاركة :