دبي – تشهد قاعات السينما في دول عربية وغربية اقبالا جماهيريا على مشاهدة فيلم "الهيبة" الذي يبدو انه نجح في استثمار ست سنوات من النجاح الدرامي التلفزيوني لأجزائه الخمسة، في اول خطوات شركة الصباح، المعروفة بتاريخها السينمائي في لبنان على خارطة سينما الحركة. وفيلم "الهيبة" فيلم حركة جرى تصويره بين تركيا وبلغاريا، ويشكل العمل نقلة لسينما الأكشن العربية. فكان بتغليفته السينمائية وحبكة قصته المثيرة وفريق أبطاله، فيلماً عربياً على المستوى المطلوب في عالم الأكشن والإثارة. وتبدأ أحداث الفيلم عندما يكتشف أهل "الهيبة" من وسائل الإعلام أن قاتل "أبو جبل شيخ الجبل" حي يرزق ويعيش في بلغاريا وأمام هذا الحدث الجلل تطلب "أم جبل" (منى واصف) من ابنها ضرورة استقدام "الختيار" (رفيق علي أحمد) إلى الهيبة لقتله بين ناسه، حرصاً على هيبته. ومن هنا تبدأ رحلة استعادة القاتل من بلغاريا عبر تركيا، من خلال الهجرة غير الشرعية عبر الحدود التركية البلغارية، وقد أضاء المخرج على معاناة هؤلاء المهاجرين من قساوة المغامرة وتعنيف رجال الشرطة إلى الميليشيات التي تنتشر على الحدود. وربما هذه التفصيلة هي الأبرز في الفيلم التي تجاوزها البطل الخارق "جبل شيخ الجبل" عبر معارك "دونكوشوتية" نفذت بأسلوب تقني محترف، ضمن إنتاج سخي، وفر كل المستلزمات لتبدو الصورة محترفة، وتغطي على ضعف السيناريو السينمائي الذي يصيب غير هواة هذا النوع بالملل. ويرى مخرجه سامر برقاوي الذي يسجل مع هذا الفيلم أول تجربة سينمائية له، أن هذا النوع من القصص مرغوب من قبل المشاهد العربي بشكل ملحوظ، وأنه حاول من خلال تراكم تجاربه أن يقول {أكشن} على طريقته. ويوضح: "عمل من نوع الأكشن يجب أن يشمل الرؤية العامة له فتضم مجموعة محاور. ومن بينها مستوى معالجة النص أو السرد البصري. فعندما يتناول مثلاً مسألة عبور الحدود الأوروبية غير الشرعي عبر تركيا أو بلغاريا فهو يروي قصصاً إنسانية حقيقية". ويشير برقاوي إلى أنه دخل تلك المناطق ليس كمراسل أو مخرج أجنبي. فهو عاش في هذه الأماكن كي يلمس عن قرب ما تعانيه نماذج من مجتمعاتنا. "كان يجب أن أدخل وأقوم بالتجربة وأكوّن فكرة واضحة، فأتعرف إلى الأسباب التي دفعت بهؤلاء الناس إلى اللجوء لدول غربية. فمن خلال تجربتي هذه عرفت عدسة كاميرتي كيف تتحرك كي تبدو المشهدية مقنعة بالنسبة للمشاهد. فكانت ترتبط ارتباطاً مباشراً بشخصيات العمل". قبل تصوير الفيلم، قام مخرجه بأبحاث حثيثة ورأى عشرات الفيديوهات المصورة التي تدور حول عمليات التهريب غير الشرعية للناس. ويضيف: "تعرفت إلى مهربين وإلى أشخاص نجحوا بالهروب. حتى أني صرت ملماً بعبارات يستخدمونها في هذه الرحلات الخطيرة التي يقومون بها براً أو بحراً. فالاستغلال المادي والتعب والمعاناة وقسوة هذه الرحلات اطلعت عليها عن كثب". ومن ثم بِين الفيلم عن جهد واضح على المستوى التقني، وقد ظهر ذلك جليا في نوعية الصورة وكذلك في مشاهد القتال وتنفيذها، خاصة تلك التي كانت في حالات الاشتباك اليدوي. واحتوى العمل مشاهد من النزاعات النارية التي غالبا ما يفضلها جمهور الأكشن، ونفذت بطريقة جيدة وإن أصابها التراخي الزمني أحيانا فكانت أطول مما يفرضه وجود إيقاع مونتاجي سريع في الفيلم يشد الجمهور بشكل قوي لمتابعة مجرياته.ترجمتها بعدسة كاميرتي، وإلا لكانت المصداقية في العمل مفقودة". يشار ان ظاهرة "الهيبة" انطلقت من داخل شركة "صباح إخوان" في عام 2017 التي أوكلت إلى الكاتب السوري هوزان عكو كتابة مسلسل "الهيبة" الذي يندرج ضمن الأعمال السورية- اللبنانية المشتركة، وأسندت البطولة لبعض النجوم مثل تيم حسن ومنى واصف ورفيق علي أحمد ونادين نسيب نجيم ومجموعة من الممثلين في سوريا ولبنان، أما الإخراج فتولاه المخرج السوري سامر البرقاوي. وحقق المسلسل نجاحاً كبيراً في لبنان والعالم العربي، وتعلق الجمهور بشخصية "جبل شيخ الجبل" المهرب الوسيم والجذاب وبأهله وأقاربه، وشكل دوره حالة شعبية مميزة ومؤثرة. وارتأى المنتج صادق صباح مع المخرج سامر البرقاوي وفريق العمل تقديم جزء ثان منه، وكان بعنوان "الهيبة- العودة". وهذا الجزء لم يرق لكثيرين لأن المؤلف عاد بالسياق الدرامي للقصة إلى ما قبل بدء الخط الدرامي للجزء الأول ودخول شخصيات جديدة، إنما مع المحافظة على مواقع التصوير التي تعلق بها المشاهدون وتحديداً منزل عائلة "جبل شيخ الجبل" وساحة قرية "الهيبة". وعلى الرغم من ظهور بعض التحفظات على هذا الجزء، قرر المنتج تقديم جزء ثالث بعنوان "الهيبة الحصاد" وكان مليئاً بالحب والغرام إلى جانب الأكشن، ثم تلاه الجزء الرابع، الذي حمل عنوان "الهيبة- الرد" فتبدلت الوجوه وغاب البعض منها، ولكن بقيت أجواء "الهيبة" مسيطرة. وفي عام 2021 عرض الجزء الخامس من المسلسل، وحمل اسم "الهيبة –جبل"، وقد أعلن في وقتها أنه الجزء الأخير مع عدم ختم سيرة عائلة "شيخ الجبل" إلا بفيلم سينمائي.
مشاركة :