القراء الأعزاء، من أهم المواضيع المتعلقة بالشأن العام والتي تصدرت محور اهتمام الفعاليات البحرينية المختلفة هو موضوع تصريح العمل المرن (الفيزا المرنة)، والتي سبق لي أن تناولتها في مقال سابق، ولكن مستجدات الواقع البحريني تستوجب معاودة طرحها عرفاناً وتقديراً. فقد أثلج صدور المواطنين جميعاً مجموع الأوامر التي أصدرها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة رئيس الوزراء الموقر ولي العهد الأمين خلال زيارته إلى غرفة تجارة وصناعة البحرين ولقائه برئيس وأعضاء مجلس إدارتها، وأهمها الأمر بإلغاء تصريح العمل المرن ورسوم استرداد تكلفة البنية التحتية المرتبطة بإصدار رخص البناء، حيث كان الأمر الأول مطلباً شعبياً قبل أن يكون مطلباً للتجار الذين قاموا بتبني فكرة إلغائه بناء على دراسات وبحوث قامت الغرفة بتنفيذها مع مختصين في هذا الشأن، كما قاموا بطرحها كأحد المبادرات التي عرضتها في سبتمبر الماضي على مجموعة كبيرة من الراغبين في الترشح للمجلس النيابي في (جلسات حاضنة التأثير الاقتصادي) تمهيدا لتمهيد أرضية تعاون بين بيت التجار كممثل للقطاع التجاري والاقتصادي وبين أعضاء السلطة التشريعية المتوقعة، وقد جاء أمر سموّه ليختصر الطريق ويسابق عامل الزمن الذي تتطلبه إصدار التشريعات، فشكراً وامتنانا لسموك لأنك تثبت للجميع بأنك خير من يُنصت ويُقدم بلا تردد على كل ما هو خير وصالح للوطن وللمواطن. ومهما كانت الأسباب التي توصلت إليها الدراسة وتغيّاها بيت التجار منها، فإن هناك أسبابا أخرى مجتمعية ومهمة، تداركها أمر سموّه، ولعل أبرزها كون العامل القادم من أي بقعة في الأرض إلى مملكة البحرين بواسطة تصريح العمل المرن أو سواه، سيأتي محملاً بثقافته المجتمعية التي قد لا تتواءم مع ثقافتنا الوطنية، وأن هذا العامل خلال السنتين التي تتيح له البقاء في البحرين سيكون عنصراً من عناصر نسيجها المجتمعي وهي فترة كافية لكي يترك أثراً قد يكون ذات مردود سلبي على المجتمع الذي هو في غنىً عنه، ناهيك عن أنه ستكون هناك فرصة عمل متاحة لغير البحريني الذي هو أكثر حاجة إليها باعتباره مواطنا يمتلك الأحقية في العمل وفقاً للتشريع الوطني، فجاء أمر سموّه ليفصل في هذا الموضوع وينهي همّا كان يحمله المجتمع البحريني بكل أطيافه، بل إنه كان أحد أهم محاور البرامج الانتخابية لأكثر المترشحين 2022. أما ما يتعلق بالتدابير المتعلقة بالعمالة الموجودة في البحرين والتي تم إقرارها فهي عادلة وكفيلة بأن تحقق الغاية من إلغاء التصريح المرن، ولكني سأتوقف فقط عند المعيار المتعلق بربط رخصة العمل المهنية بالمعايير والمؤهلات، وأقترح أن يضاف إليها ضرورة أن يجتاز العامل امتحانا عمليا في مجال المهنة التي ينتمي إليها وفقاً للتصريح، بعد ما أثير حول صحة المستندات الرسمية والشهادات العلمية التي يتقدم بها الأجانب ضمن مستندات الحصول على الترخيص، في ظل انتشار الحوانيت التي تمتهن تزوير الشهادات في بعض الدول، لا بل إن هذا الشرط يجب أن يطبق على كل عامل أجنبي يحصل على عقد عمل في البحرين في القطاع العام أو الخاص، بعد أن ثبت ومن خلال التجربة بحسب ما يتم تداوله بين الناس من وجود ممرضين أجانب لا يفقهون في أبسط أبجديات التمريض ومهندسين على شاكلتهم وغيرهم كُثر. وبشكل عام، فإن من المواضيع المهمة التي تستوجب الالتفات إليها والتركيز على إيجاد حلول جذرية لها، هي المشاكل التي تصاحب استقدام العمالة الأجنبية بجميع أصنافها، فهي مشاكل كثيرة ومتنوعة، وسأكتفي بالتركيز على مشاكل العمالة المنزلية لتسليط الضوء على الموضوع الذي تعاني منه الكثير من العائلات وهو هروب العمالة المنزلية بعد انقضاء فترة التجربة واختفاؤها إلى حين انتهاء سنوات الخدمة، فإن ظاهرة هروب عاملات المنازل من المواضيع التي تقتضي إجراء دراسات للوقوف على أسبابها ومن يقف وراءها وبيان الآثار المترتبة عليها للكفيل وللمجتمع بأكمله، ومن ثم وضع حلول جذرية تنهي ظاهرة كهذه لا تليق بالمجتمع البحريني ولا بعراقة نظامه، لاسيما أن هذه الفئة من العمالة الأجنبية تُعدّ أكثرها التصاقاً بالخلية الأولى في المجتمع والأكثر قرباً من خصوصية الأسرة وأطفالها وممتلكاتها، ويقتضي الحفاظ على سلامة الأسرة التي تحمي الدولة كيانها وحقوق أفرادها، أن يُولى هذا الموضوع اهتماماً وعناية وبشكل عاجل وحاسم. Hanadi_aljowder@hotmail.com
مشاركة :