ترى المحللة الأميركية جوديث بيرغمان، أن روسيا تسعى جاهدة لتوسيع نطاق نفوذها في أميركا اللاتينية، بصفة خاصة منذ قرر الرئيس، فلاديمير بوتين، شن حرب على أوكرانيا، وما أعقبه من عزلة روسيا على الصعيد العالمي. وقالت بيرغمان، وهي كاتبة صحافية ومحامية، في تحليل نشره معهد جيتستون الأميركي، إن وسيلة روسيا لتوسيع نطاق نفوذها في أميركا اللاتينية مماثلة لأساليبها في إفريقيا، حيث سعت في المقام الأول لممارسة النفوذ من خلال صفقات الأسلحة، واستخدام مرتزقتها، والتدخل في الانتخابات، ونشر المعلومات المضللة. وفي شهر مارس عام 2015، قال الجنرال جون كيلي، قائد سلاح مشاة البحرية، في شهادة أمام لجنة الخدمات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي «إنه رغم أن وجود روسيا في أميركا اللاتينية لا يقارن في الحجم بوجود الصين، فإن روسيا قامت مع ذلك في السنوات الأخيرة بتوسيع نطاق نفوذها في أميركا اللاتينية». مبعث القلق وأضاف أن «مبعث القلق بصفة خاصة، هو أن روسيا لا تعزّز علاقاتها مع شركائها القدامى في أميركا اللاتينية، مثل كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا فحسب، ولكنها تقيم الآن علاقات جديدة وأقوى مع دول كانت تميل تقليدياً تجاه الولايات المتحدة مثل البرازيل والأرجنتين». وقبل وقت قصير من الحرب في أوكرانيا، اجتمع بوتين مع رئيس البرازيل غاير بولسونارو، ورئيس الأرجنتين بينما وقّع على اتفاق للتعاون الأمني مع فنزويلا. وقال مدير برنامج الأميركيتين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ريان سي بيرغ، إنه رغم هذا «أخرجت الولايات المتحدة نصف الكرة الغربي من قائمة أولوياتها، وقلصت حجم استثماراتها هناك طوال عقود». وأضاف أن «الصين وروسيا تدعمان الأنظمة غير الليبرالية في نصف الكرة الأرضية مثل فنزويلا، ما يضاعف من التحديات الأمنية الإقليمية ويكبح التحولات السياسية نحو الديمقراطية». وقال بيرغ في شهر مارس الماضي «إن كل هذا يُذكر بزيارة مفاجئة قام بها الرئيس الروسي آنذاك، ديمتري ميدفيديف، للمنطقة خلال الأزمة في جورجيا عام 2008، وكان كل هدفها إظهار أن روسيا ليست معزولة دولياً». وأضاف «عادة ما يعقب أي عدوان روسي في أوروبا تصعيد عسكري في أميركا اللاتينية مثلما أرسلت روسيا قاذفات عسكرية من طراز (تي يو -160) القادرة على حمل قنابل نووية إلى فنزويلا لإجراء تدريبات في أعوام 2008 و2013 و2018». وقال أستاذ أبحاث الدراسات الخاصة بأميركا اللاتينية في معهد الدراسات الاستراتيجية بكلية الحرب التابعة للجيش الأميركي، الدكتور إيفان إليس، في شهادة أمام اللجنة الفرعية لشؤون السياسة الخارجية التابعة لمجلس النواب الأميركي لقسم الكرة الغربي في يوليو الماضي «بينما كان احتضان الأنشطة العسكرية الروسية قاصراً على الأنظمة الاستبدادية المناهضة للولايات المتحدة، فإن استعداد بعض الدول الأخرى لدعم روسيا والتواصل معها مثير للقلق». وأضاف أن «الأمثلة الرئيسة تشمل الدعم الرمزي والخطابي الذي أعطته حكومتا الرئيس الأرجنتيني البيرتو فيرنانديز، والبرازيلي غايير بولسونارو لبوتين، خلال زيارة قام بها كل منهما لبوتين فيما كان يستعد جيشه لشن حرب في أوكرانيا». وذهب الرئيس الأرجنتيني إلى أبعد من ذلك، وعرض أن تكون حكومته البوابة لدخول روسيا إلى أميركا اللاتينية، ووصف الرئيس المكسيكي، اندرياس مانيول لوبيز، الدعم العسكري من جانب حلف شمال الأطلسي (ناتو) لمساعدة أوكرانيا بأنه «غير أخلاقي». تعزيز الشراكة وفي شهر يونيو الماضي، أكد بوتين والرئيس البرازيلي اعتزامهما تعزيز شراكتهما الاستراتيجية. وفي شهر مارس قالت قائدة القيادة الأميركية الجنوبية، الجنرال لورا جي ريتشاردسون، في شهادة أمام لجنة الخدمات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي، إن الإجراءات الروسية في أميركا اللاتينية تقوض بشكل كبير الوضع الأمني هناك، إضافة إلى تمكين الصين من كسب النفوذ. وأضافت ريتشاردسون «سلامة الولايات المتحدة، مرتبطة على نحو مباشر باستقرار وأمن شركائنا في أميركا اللاتينية والكاريبي». وأشارت بيرغمان إلى أنه يجب النظر إلى نفوذ روسيا المتزايد في أميركا اللاتينية بالتزامن مع نفوذ الصين الهائل في المنطقة، حيث تُعد بالفعل الشريك التجاري الأكبر والمستثمر الأكبر أيضاً بالنسبة لدول المنطقة عدا المكسيك. وبينما وقّعت 21 دولة في أميركا اللاتينية والكاريبي على مبادرة الحزام والطريق الصينية، لم تتزحزح مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن التي يطلق عليها «إعادة بناء عالم أفضل»، التي أعلنها في يونيو عام 2021 كوسيلة للتصدي للصين. وتقول بيرغمان إن عمليات توسيع نطاق النفوذ الصيني والروسي في أميركا اللاتينية معاً ترقى إلى حد تهديد هائل لمصالح الولايات المتحدة في المنطقة. وبينما كان يقوم بايدن بحملته للانتخابات الرئاسية في شهر مارس عام 2020، تعهد باستعادة القيادة الأميركية إلى المنطقة، وذلك رداً على سؤال عما إذا كان نفوذ الصين المستفحل في أميركا اللاتينية يُشكل تهديداً للأمن القومي الأميركي. واختتمت المحللة الأميركية تقريرها بالقول إنه حتى الآن، لم يتخذ بايدن أي إجراء لترجمة أقواله إلى أفعال، بينما تواصل روسيا والصين تعزيز مكاسبهما في المنطقة. • روسيا لا تعزّز علاقاتها مع شركائها القدامى في أميركا اللاتينية، مثل كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا فحسب، ولكنها تقيم الآن علاقات جديدة وأقوى مع دول كانت تميل تقليدياً تجاه الولايات المتحدة مثل البرازيل والأرجنتين. • يجب النظر إلى نفوذ روسيا المتزايد في أميركا اللاتينية بالتزامن مع نفوذ الصين الهائل في المنطقة، حيث تُعد بالفعل الشريك التجاري الأكبر والمستثمر الأكبر أيضاً بالنسبة لدول المنطقة عدا المكسيك. • الصين وروسيا تدعمان الأنظمة غير الليبرالية في نصف الكرة الأرضية مثل فنزويلا، ما يضاعف من التحديات الأمنية الإقليمية ويكبح التحولات السياسية نحو الديمقراطية. • بينما وقّعت 21 دولة في أميركا اللاتينية والكاريبي على مبادرة الحزام والطريق الصينية، لم تتزحزح مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن التي يطلق عليها «إعادة بناء عالم أفضل»، التي أعلنها في يونيو عام 2021 كوسيلة للتصدي للصين. تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news Share طباعة فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :