يشير الروائي الكويتي متعب بن ضمنه في روايته الجديدة "عرش من الرمال" حينما تسقى الرخامى بالنبيذ، وهي امتداد لسلسلة من روايته "عرش من الرمال" في جزئها الأول، إلى الصراع الأزلي بين العقل والعاطفة والحكمة والشهوة، واصفة طبيعة الصفات البشرية وتقلباتها بين البيئة والوراثة اللتين تشتركان في بناء النفس الإنسانية. وتختلط أمام الكاتب رمال الصحراء، رائحة الثأر والخديعة، يشتمها بحذر رجال يرفض الماضي أن يغادرهم، يلتئم شمل سطام وجزا وراكان في عرض الصحراء بعدما اقتفى أثرهم جنود عابد، تتصل خيوط الماضي بالحاضر لتكتمل ملامح الأحداث وتكتمل لوحة تعارفهم على بعضهم ليعلموا ما اقترفه عابد بهم وبقبيلتهم وآبائهم، وتشتعل نيران الغضب كمرجل في قلوب الأبناء ثأراً للآباء. وتتفق كلمت الثلاثة على الثأر وقتال عابد لاسترجاع الحقوق لأهلها، ولكن رغبتهم هذه تنتصب أمامها عقبة كؤود أدركوها بعد تجسسهم على القبائل، ومعرفتهم أن عابد أبرم عهدا مع ملك يدعى لسان الثعبان وتجار الهند الذين أمدوه بالرجال والسلاح ثمنا لحماية قوافلهم التجارية. ويتفق سطام وجزا على أن يتجها شطر بلاد أفريقيا ومقايضة جواهر كنز المقبرة القديمة التي عثرا عليها في جوف الصحراء بعبيد من تلك البلاد يكونون لهم عوناً في معركتهم ضد عابد، وخلفوا وراءهم راكان كي يكون عينا لهم تترصد خلفهم أخبار القبائل. يعود الاثنان بعد انقضاء ثلاثة أعوام من رحلة تلونت بصنوف المخاطرة وكادت غير ذي مرة أن تكون حياتهم ثمنا غاليا لها، وهم يجرون خلفهم جيشا من عبيد أفريقيا. وفوق رمال لا ترتوي من دماء المغامرين، تحين مواجهة الجيشين بقيادة عابد وسطام، معركة تطوي في داخلها سنين الانتقام والبطش ومرارة الحيوات المهدورة. يقع عابد صريعا وعلى جثته يغدو سطام ملكا على قبائل الصحراء، ومن بين أنقاض الجثث التي تحرسها عقبان السماء الجائعة يتسلل صقر بن عابد متنكرا بزي خادم من خدم أبيه أبصر بعينيه سطام وهو يزهق روحه. تخبرنا الصحراء بحكايات خرافية عن شخصيات لا تفنى ولا تندثر، فهذا صقر يحتمل وطأة الزمن ويتقرب من سطام بمكر ودهاء كي يكون حاجبا في قصره وحافظا لأسراره، ينسج صقر مكيدته بهدوء وروية كما يصنع البدوي قهوته الثقيلة في ليل طويل يحجب فجر طال انتظاره، ينثر صقر بذور الشك ويسهر على نموها بين جزا وراكان، حتى ينتهي الأمر إلى معركة ترسم نهايته وأفول ملك سطام. ويشارك الروائي ابن ضمنه في روايته الجديدة "عرش من الرمال" في معرض الرياض 2022، حيث لاقت روايته الأولى إقبالا جماهيريا.