داعمون لقيس سعيد يستعدون لخوض الانتخابات التشريعية ضمن مبادرة "لينتصر الشعب" تونس - يعمل عدد من الشخصيات السياسية والنقابية والحقوقية على دعم مسار الرئيس قيس سعيد وإجراءاته التي اتخذها منذ 25 يوليو 2021 وذلك بطرح مبادرة جديدة تهدف وفق مراقبين إلى تأسيس حزام سياسي مؤيد للرئيس داخل البرلمان المقبل وأطلق نشطاء ونواب سابقون وقيادات حزبية وشخصيات حقوقية مبادرة حملت اسم “لينتصر الشعب”، حيث اعتبر الموقعون عليها أنها “إطار وطني شعبي كفاحي أفقي ومفتوح لعموم الشعب التونسي ولكل قواه المتنوعة المؤمنة بعمق مسار 17 ديسمبر – 25 يوليو والقاطعة كليا مع منظومة ما قبل 2010 وما قبل 2021 لإنجاز التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي والمضي في بناء الجمهورية الجديدة ودعم وتوحيد وتقريب كل مناضلات ومناضلي هذا الخط الوطني السيادي”. وتضم القائمة الداعية إلى المبادرة 25 اسما بينها قيادات سياسية وحقوقية وازنة على غرار عميد المحامين السابق إبراهيم بودربالة وزهير حمدي الأمين لحزب التيار الشعبي ومحمد علي بوغديري ومحمد سعد (أمينان عامان سابقان بالاتحاد العام التونسي للشغل) ومباركة البراهمي أرملة الشهيد محمد البراهمي وكذلك رضا شهاب المكي رفيق درب الرئيس قيس سعيد وداعمه الأساسي في الانتخابات الرئاسية الماضية. ويبدو أن المبادرة تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين عدد من المؤيدين للرئيس من نشطاء المجتمع المدني ومن سياسيين وحقوقيين تمهيدا لدخول البرلمان وخلق جبهة داعمة لقرارات الرئيس سعيد في خضم الاستعدادات لتنظيم الانتخابات التشريعية في السابع عشر ديسمبر المقبل. ويقول القائمون على المبادرة إن الاستحقاق الانتخابي سيكون من بين أهداف مبادرتهم، لكنهم يؤكدون في المقابل أن المشروع السياسي سيكون أوسع. وأضافوا “إنها ليست مجرد أداة انتخابية، بل هي انصهار نضالي على أساس مهمة مرحلية بالغة الأهمية ووحدة مصير مع عموم أبناء الشعب لمواجهة تحديات السابع عشر ديسمبر 2022 وما بعدها وتعبير مكثف عن مشروع وطني متكامل في شتى المجالات”. وتحدث القائمون على المبادرة عن 15 نقطة من أبرزها “تأكيد الحقوق الإنسانية الأساسية وسائر الحقوق والحريات العامة والفردية، واستقلالية القضاء وتكريس المحاسبة القضائية العادلة والناجزة” بالإضافة إلى دعوتهم إلى “العدل بين الأفراد والجهات المهمشة والفئات الهشة”. ويرى مراقبون أن الموقعين على المبادرة يهدفون إلى دخول البرلمان وتشكيل كتلة برلمانية قادرة على مواجهة محاولات اختراق المؤسسة التشريعية لعرقلة جهود الرئيس سعيد للإصلاح. وينص القانون الانتخابي الجديد الذي صدر الشهر الماضي بموجب مرسوم رئاسي على أن “التصويت في الانتخابات التشريعية على الأفراد في دورة واحدة أو دورتين عند الاقتضاء، وذلك في دوائر انتخابية ذات مقعد واحد”، وأنه “إذا تقدم إلى الانتخابات مرشح واحد في الدائرة الانتخابية، فإنه يصرح بفوزه منذ الدور الأول مهما كان عدد الأصوات التي تحصّل عليها”. ورغم أن العديد من الأحزاب الرافضة لمسار 25 يوليو أكدت نيتها مقاطعة الانتخابات التشريعية المقبل بذريعة رفض المسار الذي يصفونه بـ”الانقلابي” وتحكم الرئيس قيس سعيد بكل تفاصيل اللعبة السياسية وعدم تشريك المعارضة في أخذ القرار، إلا أن مسؤولين حذروا من سعي بعض تلك الأحزاب لاختراق البرلمان المقبل من خلال دعم بعض المستقلين أو قيادات من الصف الثاني أو الثالث. وحذر والي (محافظ) تونس العاصمة كمال الفقيه الشهر الماضي من عودة بعض الأحزاب التي سيطرت على السلطة في العشرية الماضية إلى الواجهة عبر ما وصفه بـ”سياسة الغواصات” رغم ادعائها مقاطعة الانتخابات التشريعية في ما يبدو أنه اتهام مبطن لها بالسعي للعودة إلى المشهد عبر استغلال منظومة التصويت على الأفراد لدعم بعض المستقلين. بدورها كشفت النائب السابقة والقيادية في حركة الشعب ليلى الحداد في تصريح لإذاعة “شمس إف.إم” الخاصة الأسبوع الماضي أن جميع الأحزاب التي أعلنت مقاطعتها ترشحت للانتخابات المقبلة وستشارك بطريقة أو بأخرى. وأضافت أن عددا من الأحزاب على غرار حركة النهضة الإسلامية والحزب الدستوري الحر ستشارك بقياداتها من الصفوف الثانية والثالثة وليس بقيادات الصفوف الأولى. وكانت حركة النهضة المنضوية تحت جبهة الخلاص قد أعلنت في بيان الشهر الماضي مقاطعتها للانتخابات التشريعية المقبلة، قائلة إن قرار الرفض يأتي “انسجاماً مع موقفها المبدئي” من إجراءات 25 يوليو 2021. وفي المقابل لم يعلن الدستوري الحر صراحة عن مقاطعة الانتخابات التشريعية المقبلة، لكن رئيسته عبير موسي أشارت إلى أن الحزب ذاهب إلى مقاطعة الاستحقاق المقبل، خاصة وأن قيادته انتقدت خطوات الرئيس قيس سعيد بعد 25 يوليو 2021. ويبدو أن إعلان المبادرة يهدف إلى مواجهة نوايا بعض الأحزاب لاختراق المشهد البرلماني وعرقلة السياسات التي ستتخذها الحكومات المقبلة للقيام بإصلاحات تشمل كل المجالات خاصة منها الاقتصادية، حيث يعتبر الملف الاقتصادي من أكثر الملفات الحارقة. ويرى مراقبون أن المبادرة لم تعلن صراحة عن تشكيل جبهة انتخابية موحدة نظرا إلى أن الرئيس سعيد يرفض الوسائط الحزبية ويدعو دائما إلى أن تكون السلطة باسم الشعب القادر على سحب الوكالة من نوابه، وبالتالي فإن المبادرة ستكون أخلاقية بالأساس تجتمع حول مجموعة من الأفكار والرؤى التي يتبناها قيس سعيد. وشددت المبادرة على البعد الاقتصادي، حيث طالبت بالاعتماد “على الاقتصاد المتنوع والمتوازن والعادل والمدمج والقائم على التكافؤ والتشارك بين القطاعين العام والخاص والعناية بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني والتعاضدي والأهلي كأساس للتقدم والتطور”. ويرى مراقبون أن القوى المقاطعة للانتخابات تستغل الأزمة الاقتصادية وخاصة غياب بعض المواد الأساسية وكذلك ارتفاع أسعار مواد أخرى للتحريض على الرئيس سعيد والدعوة إلى الخروج للاحتجاج ضده. ورغم أن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس من تداعيات حكم حركة النهضة الإسلامية والقوى المتحالفة معها طيلة عشر سنوات لكن الحركة دعت إلى التظاهر والاحتجاج يوم الخامس عشر أكتوبر المقبل رفضا للانتخابات ولتدهور الوضع الاقتصادي. وتصر الحركة على اللجوء إلى التظاهر والاحتجاج رغم فشلها في مرات سابقة في تحشيد الشارع، فيما سعى رئيس الحركة راشد الغنوشي للضغط على الرئيس سعيد بالحديث في حوار على موقع “الجزيرة نت” الأسبوع الماضي عن رفض الجيش إطلاق النار على أي احتجاجات تخرج ضد الرئيس. ويظهر جليا من تلك المواقف والبيانات أن الرئيس سعيد بحاجة إلى دعم من قبل عدد ممّن يؤمنون بفكره ويعتقدون بضرورة إكمال مسار الإصلاح وحماية مؤسسات الدولة من لوبيات الفساد.
مشاركة :