الإمارات وروسيا.. شراكة استراتيجية وعلاقات تاريخية

  • 10/11/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تجسد زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، اليوم الثلاثاء، إلى روسيا، حرص الإمارات على ترسيخ دعائم علاقاتها المتوازنة مع مختلف القوى المؤثرة على الساحة الدولية، والتزامها تكريس نهج الحوار البناء، للتعامل مع أي أزمات تهدد الأمن والاستقرار في العالم بأسره. فالزيارة، تندرج في سياق العلاقات المزدهرة بين البلدين، والتي تُوِجَت باتفاق للشراكة الاستراتيجية وُقِعَ بينهما عام 2018، خلال زيارة قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في ذلك الوقت إلى روسيا، والتقى خلالها الرئيس فلاديمير بوتين. ودشن هذا الاتفاق مرحلة جديدة في العلاقات الإماراتية الروسية المتنامية، وشَكَلَّ إطاراً مؤسسياً لتفعيل هذه الروابط على شتى الأصعدة، بدءاً من المجال السياسي، وصولاً إلى القطاعات التقنية والثقافية والإنسانية، مروراً بالمجالات الاقتصادية والتجارية والمالية والاستثمارية. وفي السنوات التالية، ازداد التعاون بين البلدين رسوخاً، وتميز بمرونة مَكَنّته من التعامل بكفاءة مع ملفات معقدة وشائكة طرحت نفسها على الساحتين الإقليمية والدولية، وهو ما يعزوه محللون إلى البعد التاريخي لهذه العلاقات التي تعود إلى أكثر من نصف قرن. فبعد شهر واحد من إعلان تأسيس الدولة في ديسمبر 1971، زار وفد من الاتحاد السوفييتي - وقتذاك - الإمارات، وجرى الاتفاق على إقامة البلدين علاقات دبلوماسية. وفي منتصف ثمانينيات القرن العشرين، اتفق البلدان، على تبادل السفراء، لتُفتتح السفارة السوفيتية في أبوظبي عام 1986، وتتلوها نظيرتها الإماراتية في موسكو بعد عام واحد. وعقب تفكك الاتحاد السوفييتي مطلع تسعينيات القرن الماضي، حرصت دولة الإمارات وجمهورية روسيا الاتحادية، على الإبقاء على أواصر الصداقة والشراكة بينهما وتعزيزها، وهو ما يحظى باهتمام صناع القرار في الكرملين وفي مقدمتهم الرئيس بوتين الذي زار الدولة مرتين، إحداهما في عام 2007 والأخرى عام 2019، بعد توقيع «الشراكة الاستراتيجية» بين البلدين، بعام واحد. وكان لافتاً أن يحرص الرئيس الروسي، في سياق تهنئته لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، بمناسبة انتخابه رئيساً للإمارات منتصف مايو الماضي، على الإعراب عن ثقته في أن ذلك سيسهم في مواصلة تطوير علاقات الصداقة والتعاون متبادل المنفعة في الاتجاهات كافة بين الإمارات وروسيا. وخلال السنوات القليلة الماضية، أبرزت تحديات دولية مشتركة، مثل وباء «كورونا» الذي اجتاح العالم منذ مطلع عام 2020، عمق التعاون الإماراتي الروسي، في المجالات العلمية، خاصة عندما استضافت الإمارات تجارب سريرية، أُجريت على لقاح ابتكرته موسكو لمواجهة الفيروس. أخبار ذات صلة رئيس الدولة والرئيس الصربي يؤكدان دعم جهود السلام والاستقرار والتنمية زيارة محمد بن زايد إلى روسيا تأكيد لنهج الإمارات في دعم الاستقرار والتنمية تزايد التبادل التجاري تشير التقديرات إلى تزايد حجم التبادل التجاري بشكل مطرد منذ عقد أولى دورات اللجنة الحكومية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني بين البلدين، عام 1997. فبحسب التقديرات، وصل حجم التبادل التجاري بين الإمارات وروسيا في عام 2019 قرابة 3.7 مليار دولار، بنسبة زيادة قُدِرَت بـ8%، مقارنة بما كان عليه الحال في العام السابق لذلك. أما على صعيد التبادل السياحي، فقد سبق أن كشف سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، عن أن عام 2019 أيضاً، شهد استقبال دولة الإمارات لـ800 ألف روسي، وذلك في وقت يقيم فيه على أراضيها قرابة 17 ألفاً من مواطنيهم. وفي السياق ذاته، تشير البيانات إلى اتساع مطرد في حجم الاستثمارات الإماراتية في روسيا، واحتضان الإمارات في الوقت نفسه، لمئات العلامات التجارية التي تحمل جنسية هذا البلد، وذلك في ضوء أن موسكو تعتبر الدولة بوابة لاستثماراتها وصناعاتها ومنتجاتها إلى مختلف دول الشرق الأوسط وأفريقيا. وأدى ذلك إلى أن تُصنّف الإمارات كأكبر شريك تجاري لروسيا في منطقة الخليج، وأن تشكل المقصد العربي الأول للاستثمارات الروسية. تعاون مثمر تؤمن الإمارات إيماناً راسخاً بأن النهج الأكثر فاعلية لحل الخلافات هو من خلال الحلول الدبلوماسية والسياسية، والتي تتضمن دعم المفاوضات الجادة من قبل جميع أطراف الأزمة الأوكرانية، وتسعى الدولة للإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار بالمنطقة والعالم، عبر التعاون المثمر والبناء مع القوى الإقليمية والدولية. ومن هذا المنطق، أكدت الإمارات، أمام مجلس الأمن الدولي، أن هناك إجماعاً راجحاً حول مرجعية القانون الدولي وضرورة احترامه، يعود لكونه الفيصل بين ازدهار الحضارة وتراجعها في النظام العالمي. وشددت الإمارات على أن السلام يظل دائماً الهدف الأسمى، والذي تتطلب استدامته مصالحةً شاملةً، مكررة ضرورة اضطلاع المرأة بدورها في حل النزاع وإرساء السَّلام بشكل كامل وفاعل ومتساو، والذي يعكس ليس فقط خصوصية تجربتها، بل ومركزية منظورها في صناعة السلام. وتواصل دولة الإمارات مسلكها الداعي للحوار وخفض التصعيد والتأجيج، وتشجيع التعاون، وصياغة توافق يضمن الاستقرار في الدول وبينها. كما طالبت دائماً جميع الجهات الفاعلة، بالسعي لحل سلمي ينهي الأزمة من خلال حوار جامع بنّاء، والذي يتطلب ترك قنوات الاتصال مفتوحة وطريق العودة مُشْرَعَة، إبقاءً لأفق الحل الدبلوماسي.

مشاركة :