يمثل التراث العمراني في المملكة حاضنة تاريخيّة مهمة أولت له الدولة كل اهتمامها، وخلقت له إطاراً تنظيماً واضحاً ممتداً من خلال رؤية المملكة 2030، فهو انعكاس للمجتمع وقيمه ومبادئه، وهو المحقق للتنمية السياحية المستدامة، حيث يتحول ذلك التراث الآن بعد أن أتت به الحاجة في الزمن الماضي للسكن والمأوى إلى منابر ثقافية حضارية تعزز الهوية والانتماء وجودة الحياة في المملكة، ومنها: "قصر العان الأثري" بنجران. وأسهم ترميم وتأهيل القصر الذي يعود بناؤه لأكثر من 340 عامًا، في المحافظة على التراث العمراني للبيوت والقصور الطينية بالمنطقة التي تتزاحم بالخامات المحلية في تشييدها، وتكتسي بمظاهر الجمال والإبداع وترتبط بالتاريخ والأصالة. ويقع "قصر العان الأثري" على جبل العان غرب مدينة نجران في الجزء الشمالي لوادي نجران، ويقابله جنوبًا قلعة رعوم التاريخية وجبل أبو همدان، والعديد من القرى ومزارع النخيل في إطلالة مميزة على المدينة من الجهة الغربية، ويتكون من 4 أدوار مشيدة على طراز معماري فريد للبيوت التراثية التي تعكس هوية وتاريخ المجتمع. وأوضح المشرف على قصر العان الأثري حسين عبدالله المكرمي، أن القصر بني عام 1100هـ، وشهد عدة إصلاحات كان آخرها وأوسعها في عام 1440هـ، وتم بناؤه من الطين بطريقة العروق القائمة على بناء الجدران عبر مراحل متتالية وعلى أساس من الحجر، بينما تتكون أسقفه من خشبٍ وجذوع النخيل وسعفها وأشجار الأثل والسدر، ويتكون من 4 طوابق يُشكّل كل طابق دوراً مستقلاً، ويحيط بالقصر سور به عدة أبراج دائرية ومستطيلة لحمايته وحماية المنطقة المحيطة به. وأشار إلى أن القصر تم تجهيز غرفه بالأدوات والأواني والملبوسات الشعبية التي تشمل الأزياء التراثية والمفروشات الصوفية والأواني المنزلية القديمة؛ لتعريف الزائرين على التراث الشعبي للمنطقة، حيث يستقبل الزوار خلال ثلاثة أيام في الأسبوع، إلى جانب استقباله للوفود الرسمية والعلمية والسياحية التي تزور المنطقة طوال العام ليمثل قيمة أثرية وتاريخية للتعريف بالتراث والفن المعماري بنجران. وأكد حرص ملاك القصر بالتعاون مع هيئة التراث في تحقيق رؤية المملكة 2030 في المحافظة على التراث والاستفادة من المقومات التاريخية للمملكة في تطوير الخدمات السياحية التي يقدمها للزائرين وفتح ساحات وقاعات القصر للفعاليات الوطنية وللبعثات العلمية من الباحثين في التراث والفنون المعمارية.
مشاركة :