شاعرات يشكين من قلة الدعم وبعضهن ينفي ويؤكد وجوده وكفايته

  • 1/10/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

برزت في سماء الشعر الشعبي أسماء عديدة لشاعرات خليجيات. وبالرغم من إبداع هذه الكفاءات إلا أن انتشارها بدا وكأنه بطيء جداً. فقد شكى عدد من الشاعرات من إقصاء المجتمع بشكل عام وسائل الإعلام تحديدا لتجربتهن الشعرية. وذكر عدد منهن أن الساحة الشعرية محتكرة من قبل الرجال الذين لا يرغبون بمزاحمة الشاعرات لهم، بينما نفت الأخريات ذلك في تحقيقنا عندما قابلنا عدداً من الشاعرات لتتكلم كل واحدة منهن عن تجربتها الشعرية وما تعانيه من عراقيل لاثبات وجودها في هذا المجال وفي الجانب المقابل حرصنا على الالتقاء بعدد من الشعراء لقياس صحة الاتهام الموجه إليهن بالرغبة باحتكار الصفة الشعرية للرجال واقتصارها عليهم. في البداية ذكرت الشاعرة البحرينية ظما الوجدان أن المرأة بطبيعتها عاطفية وحساسة وبحكم تجاربها الثرية منذ طفولتها ومرورا بمراهقتها وصباها وشبابها فهي وبلا شك قد صقلتها التجارب وأصبح لديها مخزون ثري من الأحداث والمواقف وقد تكوّن لديها مخزون لفظي ولغوي بحكم ثقافتها واطلاعها، وظروف بيئتها ومظاهرها خلقت بداخلها أفقا واسعة للخيال. وجميع ما ذكر، يعتبر عناصر أساسية تسهم بشكل كبير في كتابة القصيدة، فلا بد من الاهتمام بهذه الثروة وتيسير إبراز انتاجها وفتح مجال التعبير عنها من خلال القنوات الإعلامية المختلفة ولا شك أن الأسرة هي نقطة الاهتمام الأولى للشاعرة فإذا وجدت الاهتمام والتشجيع من أهلها ثم صديقاتها والمقربات من حولها ستقف على أرض صلبة من الثقة بالنفس والاهتمام بتطوير الذات والاستمرار في الكتابة، بل والابداع فيها. أما النقطة الثانية فهي بلدها. فإذا وجدت التشجيع والمساندة والتقدير من قيادات بلادها ومن رموز الثقافة فيها والمهتمين بالشعر والشعراء إضافة إلى شرائح متنوعة من المجتمع وباختلاف فئاته فبلا شك سوف يساعدها ذلك على الاجتهاد والإبداع أكثر، والنقطة الثالثة قنوات بلدها الإعلامية القادرة على إيصال صوتها وإبداعها كشاعرة. وأما نجمة شاعر المليون الشاعرة السعودية عيدة الجهني فقد أكدت إيمانها التام بشاعرية المرأة بل وأنها ترى المرأة كثيراً ما تتفوق بالشاعرية على الشاعر الرجل ولكن ما ينقصها هو صقل الموهبة فقط، والمراة الشاعرة تستحق الاهتمام فهي ثروة شعرية كامنة قد لا تمتلك القدرة على التباهي بالثراء الشعري كما يفعل بعض المفلسين لخصوصية وضع الأنثى في مجتمعنا الخليجي. وعن تقييمها لاهتمام المجتمع بالمرأة الشاعرة قالت انه أقل بكثير من تطلعات المرأة الشاعرة وبالنسبة للدعم فهو معدوم وما نراه هو نجاحات شخصية لبعض الشاعرات فقط. أما بالنسبة للإيمان بهذا الدعم فلا أراه إنما أرى الكفر البواح بهذه الشاعرية الشفيفة لدى المرأة ومهما تشدق البعض بحقوقها الأدبية فمازلنا منذ تماضرنا الخنساء وحتى يومنا هذا تُمارس ضدنا اقسى أنواع العنصرية. فمن تجربتي الشخصية قاتلت بشراسة لأحصل عليه ولم تأتني هبة من هذا المجتمع الذي يحاول سلبي الحق في الكتابة والوجود، وأجمل تجاربي هي شاعر المليون الذي أعاد لوجود المرأة الشاعرة بريقه وأعاد للناس الإيمان بموهبتها حيث ساواها بالرجل في حق المشاركة والقتال في سبيل بيرق الشعر حلم الشعراء. وقالت الشاعرة والإعلامية الإماراتية مريم النقبي ان المرأة شاعرة بالفطرة لما تمتلكه من رقة مشاعر ورهافة حس، وأكدت أنها تؤمن جدًا بشاعرية المرأة وتميزها وجدارتها في هذا المجال الأدبي بالتحديد لما يرتبط به من حس ومشاعر ووجدان، وأن المسيرة الشعرية النسائية على مر الأزمنة والعصور قدمت تجارب جديرة بالاحترام والفخر والتقدير، كما أشارت إلى أن ما تركه الرعيل الأول من الشاعرات وما ستتركه الشاعرة يعتبر إضافة كبيرة ومميزة للمكتبة الشعرية، ووصفت مجتمعنا بأنه مجتمع يشجع المرأة على العطاء والإبداع والابتكار، فقد تغيرت ولله الحمد نظرة المجتمع القاسية للمرأة الشاعرة وذلك بفضل قادتنا الأوفياء ودعمهم المستمر وأعطت أمثلة من خلال تجربتها وقالت: أستطيع القول بأن موهبتي الشعرية لاقت اهتماما ودعما ورعاية من قبل المقربين، وشخصياً في مجلة جواهر أولي اهتمامي للمواهب بقدر المستطاع لتسليط الضوء على تجاربهم، ولست وحدي من يقوم بذلك فقادتنا وأولياء أمورنا الكرام أعطوا وفتحوا أمامنا أوسع الآفاق من الاهتمام لنتميز أنا وغيري من الشاعرات. الشاعرة والإعلامية العمانية أصيلة السهيلي بدورها شددت على أن المرأة الشاعرة لا تختلف عن الرجل الشاعر من حيث الإبداع فالأدب لا يصنف بحسب النوع البشري الأدب أدب.. ولكن هناك شاعرات حقيقيات وهناك مؤديات شعر!.. والمرأة الخليجية الشاعرة ثروة لا تستحق الاهتمام فقط بل تحتاج إلى الاكتشاف والتدوين، فهناك خارج نطاق الإعلام شاعرات منعتهن العادات الاجتماعية من الحضور العلني وهناك من الشاعرات ممن غيبن عن الإعلام يستحقن الاهتمام الإعلامي، فبعضهن للأمانة مبدعات وأقلام لا يستهان بها. مجتمعنا الخليجي مختلف ومازال يبقي على بعض العادات والتقاليد التي تقنن ظهور المرأة الشاعرة وفي المقابل هناك البعض ممن يؤمن بأن المرأة لا تختلف عن الرجل فأعطاها بعضاً من الحرية وفك عنها بعضاً من المعتقدات المتوارثة فأصبح المجتمع يعي دورها المهم ورسالتها. وأضافت الشاعرة الكويتية حنان العجمي بأن كل أنثى شاعرة بالفطرة وشاعريتها لا ترتبط بقوافي ووزن ولحن بل بكل شيء محسوس قبل الملموس. فما بالك اذا كانت تتقن الوزن؟ وأكملت حديثها بأن المرأة الخليجية هي ثروة الشعر في الحقيقة لذلك تزداد أهميتها وتستحق المزيد من الاهتمام بالرغم من أن كل العوائق القديمة انتهت لأنها استطاعت تخطيها وأصبحت أقرب للناس بحرفها بدون واسطة ولا صحيفة ولا لقاء تلفزيوني أو إذاعي، فهي إن كانت مبدعة ستلمس القبول منهم وإن كان العكس فلن تجد المطبلين إلا ما ندر، فالشعر في وقتنا الحالي أصبح بعيدا عن المجاملة وأصبح اقرب للروح وعن اهتمام المجتمع فقد أقرت بأنه موجود بدليل تواصل الناس وسؤالهم ودعمهم وبدليل الأمسيات والأصبوحات اللي تتم دعوتها لها كشاعرة. وأكدت الشاعرة القطرية مي الحبابي انها مؤمنة بشاعرية المرأة إلى أبعد الحدود، والبراهين هي من يثبت ذلك وعلى حد قولها فالشاعرة الخليجية خرجت بكل ثقة واستحقاق وأن حرفها ليس فضيا بل انه ذهبي وبريقه يسلب الألباب. وأضافت ان المرأة الخليجية تستحق الاهتمام. وقالت الشاعرة ان البعض يتهمها بالتحيز للحرف الأنثوي العذب ولكنها ترى أن هناك مجالا واسعا للاطلاع على عطائها المتدفق حتى ولو من خلال برامج التواصل الاجتماعي. وقد أنكرت أن هناك مستشعرات يحاولن الخروج على أكتاف الشعر بوسيلة أو بأخرى، واكتفت بقولها لا يصح إلا الصحيح، ووصفت اهتمام وإيمان المجتمع ككل بدعم المرأة الشاعرة بأنه كان مؤخرا على استحياء، وتحدثت الحبابي عن تجربتها الشعرية التي طالت حتى وصلت 25 سنة ونيف ولم تحقق سوى جزء بسيط مما كانت تحلم به، قالت: عملت على نفسي جاهدة ولم تثن عزيمتي عثرات الظروف، والتي كادت أن تطيح بها مرات عديدة. وبالإصرار، والتوكل على الله، والإيمان برسالتي، ودعم أسرتي، والأنقياء من أبناء وطني، اجتزتها ولله الحمد، وبالإضافة إلى ذلك وقف إلى جانبي المخضرمون من شعراء وطني ورموزه، ومن أحسبهم أهلاً للإعلام بنقاء وذمة وضمير. لم تختلف وجهة نظر الشعراء الرجال كثيراً فقد أكد الشاعر والإعلامي القطري راضي الهاجري أن الشاعرية صفة إنسانية لا تعتمد على جنس دون آخر ولا على بيئة دون أخرى ولكنها تضافر للثقافات وتعبير عن أحاسيس زرعتها عوامل الشخصيات المختلفة بتوافقاتها وتضاداتها وبالتالي لا يكون للجنس فيها دورٌ إلا أن يصبغها ببعض الرقة أو أن يكسوها ببعض من الشدة والبأس. وأفاد لذلك كله بأن إيمانه عميق بشاعرية المرأة وأنه يتميز غيظاً ممن ينكرونها أو يعملون على تسطيح النظرة تجاهها بناء على بعض الإفرازات الضعيفة التي تتبناها بعض الأبواق الإعلامية هنا وهناك وأكد وجود ثروة شعرية لدى المرأة الشاعرة تستحق التقدير قبل الاهتمام، فمقاومة هذه التحديات التي تواجهها والاستمرار بالعطاء رغم عدم فتح جميع الافاق أمامها بشكل كامل ويتحدث هنا عن الساحات الخليجية بشكل عام وقال أيضاً: من خلال ماكان يصلني عندما كنت أعد سابقاً أحد الملاحق الشعرية فهذه الثروة الشعرية لم يظهر منها أو يستثمر حتى الآن إلا ما يقارب الـ 2% على وجه التقريب وهذه النسبة تقديرياً حساباً لما كان يصلني من مشاركات لا تحرص صاحباتها على الظهور الإعلامي أو مجرد التوثيق الفكري لمنتوجاتهم. ولايزال المجتمع يتعامل بحسابات تفتقد إلى الدعم الكامل ولكنها محاولات لذر الرماد في العيون، فالمرأة وإن بدأت تتلقى بعضاً من الدعم إلا أنها تجد نفسها خاسرة على المدى البعيد إلا ما ندر. وقد أجد لذلك دلالة في توقف واختفاء العديد من الأسماء النسائية التي كانت ملء السمع والبصر، وأقر أن الاهتمام بالمرأة الشاعرة موجود، ولكنه نادراً ما يكون مثمراً، فالعديد من المهتمين يعشقون ممارسة لعبة الأستاذية وكتابة عقود الاحتكار الأدبي ويقترن مدى ما تلقاه هذه الشاعرة أو تلك من الرضى، ولكن على النقيض من ذلك أشار الى أنه رأى العديد من مظاهر الرعاية هنا وهناك في بعض من بؤر الضوء التي تخلى القائمون عليها عن الذاتية وعشق الأنا. أما الشاعر البحريني فهمي التام فقد أشار إلى أنه ومن وجهة نظره يرى أن هناك شاعرات مقنعات ويستحقن مسمى شاعرة ولكن السواد الأعظم هاويات ليس إلا وهو -على حد تعبيره- ليس إلا من جمهور الخنساء إن وجدت ومن هن على شاكلتها ومما لا شك فيه أن هناك أسماء جميلة من الشاعرات اللواتي اقتحمن الساحة الشعرية بقوة وسجلن حضورا قويا حتى أصبح يشار لهن بالبنان وشكلن بتجاربهن رافدا قويا للساحة ومن وجهة نظره فإن الشاعرات أصبحن في ازدياد ولا يمثلن ظاهرة فحسب إنما زخما كبيرا يضاف إلى رصيد الشاعرات الأوائل، وبطبيعة الحال في المجتمعات الشرقية والتي تنتمي إلى العادات والتقاليد التي لم تطحنها المدنية لا يوجد أي دعم البتة باستثناء القليل والقليل جدا أما عند البعض فهناك الكثير من الدعم والتشجيع وهكذا ومن خلال معرفته بالكثير من الشاعرات في الساحة هناك الكثير ممن يساهم الأهل بشكل كبير في دعمهن وتشجيعهن والوقوف إلى جانبهن وإبراز شاعريتهن بثقة وتفاخر وهناك العكس تماما لا يقبل من وجودهن أساسا كشاعرات وإنا كان ولا بد فأن تكون شاعرة تحت الظل وبقصائد حبيسة الأدراج أو النشر بأسماء مستعارة. وذكر الشاعر والإعلامي الكويتي خالد المحسن ان الشعر لا يرتكز على امرأة ورجل. الشعر حالة إبداعية أينما تتواجد إن كان ذلك في الشعر النسائي أو الرجالي، فنحن نتحدث عن شعر ولا نتحدث عن أشخاص، فهناك شاعرات مبدعات وهناك شعراء مبدعون، فلذلك فإيمانه بالشعر والشاعرية هو إيمانه بأن الأنثى والرجل يتساويان في الابداع. أما بالنسبة إلى دعم المرأة الشاعرة، فكل شخص هو من يدعم وينصف نفسه في هذا الوقت، ولكن دعم المراة الشاعرة موجود وأصبح اليوم أكثر حرية وجرأة فلذلك تجد الشاعرة هي من تدعم نفسها وتواجدها. كخلاصة وجدنا أن هناك الكثير والكثير من الأقلام النسائية، ولذلك يجب علينا ان لا نهضم حقوقهن في إبراز شاعرية المرأة وأن نزيد من التركيز على هذه الكفاءات الشعرية، ليس لمجرد توثيق الإنتاجية النسائية بل لإيصال هذه الاقلام التي تكتب بابداع للجمهور، وعلينا أيضاً الاهتمام بها وصقل المواهب الجديدة والتي تحاول إظهار إبداعها أمام الجمهور والمجتمع في هذا المجال عبر برامج متخصصة تتبناها الجهات المختلفة، الحكومية منها والأهلية على حد سواء. المصدر: كتب ـ راشد الشحي

مشاركة :