جني المال وانت نائم ليس عملا مستحيلا، وإنما قائم به رواد أعمال بحرينيون مشاركون حاليا في معرض جيتكس بدبي، عندما ابتكرت إحداهن منصة إلكترونية توفر خدمة جميع المدرس والمدرب من جهة، مع الطالب والمتدرب من جهة أخرى، بسهولة ويسر وفاعلية وفائدة للطرفين، فيما تتقاضى المنصة رسوما عن كل لقاء بين مدرس وطالب يتم من خلالها، وبشكل تلقائي، كما أن تطبيق لغسل الملابس يولد النقود من تلقاء ذاته، وما على القائمين على المنصة والتطبيق وغيره من المشروعات التقنية سوى التفرغ للتفكير بتطوير نموذج العمل، والدعم التقني، والتسويق. بالطبع يمكن أن تجني المال وأنت نائم إذا كنت تملك عقارا مؤجرا، أو وديعة بنكية، لكنه استثمار تقليدي بالكاد يحافظ على قوة أموالك الشرائية في مواجهة التضخم الحتمي والمتصاعد، لكن الحديث هنا عن مشروعات تقنية يبتكرها شباب بحرينيون لديها قابلية كبيرة للتوسع والنمو وتحقيق عوائد هائلة، إضافة إلى جذب المستثمرين وخلق فرص عمل نوعية وقدرة على المنافسة إقليميا، وتسهم بالوقت ذاته في توفير خدمات تلبي احتياجات المستخدمين في البحرين وتجعل حياتهم أكثر رفاهية وسهولة. وليس ببعيد عن تجمع رواد الأعمال البحرينيين التقنيين، تسير قليلا لتدخل قاعة «زعبيل3» في مركز دبي التجاري العالمي، لتجد شركات تقنية بحرينية تعمل على تقديم خدمات ومنتجات بكفاءة، ربما ليست شركات بحجم مايكروسوفت وأمازون وأوراكل، لكنها تجتهد لاقتناص حيتها من سوق تقنية المعلومات والاتصالات في البحرين أولا والمنطقة ثانيا، وتقوم بدور مهم في تعديل ما أسميه «ميزان الصادرات والواردات الرقمية». أكمل طريقك باتجاه قاعة الشيخ راشد في جيتكس لتجد أيضا شركات تقنية بحرينية بنفس التوجه والأهداف. واللافت في المشاركة البحرينية في جيتكس هو حضور مختلف المشتغلين والمرتبطين بالقطاع التقني مع الجهات الحكومية والخاصة والأهلية، فإضافة إلى 30 شركة تقنية ورائد أعمال صاحب مشروع تقني، يحضر أيضا كل من هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية ومجلس التنمية الاقتصادية وبنك البحرين للتنمية وصندوق الأمل وصادرات البحرين. وفي الواقع إن هذا التجمع البحريني التقني في جيتكس والمستمر منذ 16 عاما حتى الآن يتركز على داعمتين أساسيتين راسختين: صندوق العمل «تمكين» الذي يدعم هذه المشاركة في إطار أهدافه في تنمية القطاع الخاص والنهوض بالكوادر الوطنية، وقد صرحت القائم بأعمال الرئيس التنفيذي لـ«تمكين» السيدة مها مفيز من جناح «تمكين» داخل جيتكس أن دعم «تمكين» المتواصل للمشاركة البحرينية في جيتكس يأتي في إطار الحرص على مساندة شركات القطاع الخاص، وزيادة قدرتها على استكشاف المزيد من فرص النمو والتوسع والترويج في الأسواق الإقليمية والدولية، وبالتالي مساهمتها في خلق المزيد من فرص العمل النوعية للمواطنين البحرينيين، وتنمية الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل. الركيزة الثانية لهذه المشاركة هي جمعية البحرين لشركات التقنية «بتك». لقد استطاعت هذه الجمعية طيلة الفترة الماضية على أن تكون نقطة التقاء مختلف المشتغلين في القطاع التقني من جهات القطاعين العام والخاص في البحرين، وذلك من خلال العديد من اللقاءات والمؤتمرات الدورية التي تنظمها، داخل البحرين، أما جوهرة التاج لعمل الجمعية فهو «الجناح الوطني البحريني في جيتكس»، لأنها تنقل من خلال هذا الجناح القطاع التقني البحريني للعالمية. وفي الواقع لا بد هنا من التنويه بنجاح شركة «وورك سمارت» لتنظيم الفعاليات في توفير كل ما يلزم من دعم ومساندة لنجاح المشاركة البحرينية في جيتكس على مدى الأعوام الـ16 الماضية وحتى الآن. إن المشاركة البحرينية في جيتكس توفر منصة لتسليط الضوء على الأصول أو المرتكزات المهمة التي يستند عليها قطاع التقنية في مملكة البحرين، بما في ذلك وجود شبكة انترنت متقدمة جدا، وجاء معدل انتشار الهاتف المتنقل في البحرين من بين أعلى المعدلات في العالم بنسبة 138% بحسب هيئة تنظيم الاتصالات، وتتصدر المملكة دول الخليج في توافر أفضل سعر «جيجابايت» للبيانات في المنطقة ما يجعلها بيئة جاذبة للاستثمارات في المجال التقني، إضافة إلى الكوادر البشرية، وكثير منها يتقن الإنكليزية والعربية معا، وقد تصدرت مملكة البحرين دول مجلس التعاون الخليجي في مجال توافر الكفاءات المتقدمة في البرمجة الحاسوبية تقرير أصدره الاتحاد الدولي للاتصالات العام الماضي، إضافة إلى وجود كليات أكاديمية ومراكز تدريب تقنية متقدمة. وجولة في جيتكس تقودك أيضا إلى معرفة كيف تنبهت الكثير من دول العالم في فترة مبكرة إلى أهمية قطاع تقنية المعلومات، مثل سنغافورة واستونيا والهند وحتى دول في المنطقة مثل الأردن ومصر، وبعضها انتقل إلى مرحلة أخرى من استثمار هذا القطاع ليس من خلال البرمجيات ونظم المعلومات وغيرها من المنتجات التقليدية، بل اشتقاق منتجات أخرى مثل ألعاب الفيديو التي حققت منها كوريا الجنوبية مثلا سبع مليارات دولار في 2020. لقد وضعت خطة التعافي الاقتصادي التي أطلقتها الحكومة الموقرة في الأول من نوفمبر الماضي خمس أولويات أساسية، نصَّت الرابعة منها على «تنمية القطاعات الواعدة بما يهدف إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 5% في عام 2022»، وحددت الخطة تلك «القطاعات الواعدة» بقطاع السياحة، وقطاع الخدمات اللوجستية، وقطاع الصناعة، وقطاع الخدمات المالية، وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي، وانا اعتقد أن القطاع الأخير يعتبر ركيزة أساسية لنجاح القطاعات الأربعة السابقة، بل لعملية التحول الرقمي وبناء اقتصاد المعرفة في البحرين ككل، ولا شك أن الاطلاع على التجارب العالمية من خلال المشاركة في معارض مثل جيتكس، إضافة إلى عرض التجارب التقنية البحرينية، من شأنه أن يحقق الأهداف المنشودة من القطاع التقني في مملكة البحرين.
مشاركة :