أوضحت استشارية طب امراض جلدية والتشريح النسيجي للجلد رئيسة قسم الأمراض الجلدية في مستشفى الملك فهد وقائدة خدمات طب الامراض الجلدية في التجمع الصحي-الاحساء الدكتورة صالحة بنت عبدالرحمن آل فاران الدوسري ، أن مرض الشرى الذي يعُرف طبياً بالارتيكاريا هو نوع شائع من أنواع الحساسية التي تصيب الجلد ، والأسباب كثيرة ومتنوعة لا يمكن حصرها جميعا ، ولكن إذا صح لنا القول فانه يمكن إيجاز الأسباب في العبارة التالية: “إن كل شيء يحيط بالإنسان أو يلامس جسده أو يتنفسه أو يأكله أو يشربه، أو يغزو جسمه، يمكن أن يسبب له حساسية تظهر في عدة صور وأشكال مثل الارتكاريا الحادة أو المزمنة ، حتى الهواء الذي نتنفسه والماء الذي نشربه واللذين بدونهما لا نستطيع أن نحيا” وتابعت د.صالحة : أن أعراض المرض تظهر على شكل بقع حمراء ترتفع قليلا عن سطح الجلد وذات وسط مبيض متورم وحدود غير واضحة المعالم ويكون هذا الطفح غالبا مصحوبا بحكه شديدة مزعجة وتهيج جلدي وعادة ما يحدث الطفح لأول مره بصورة مفاجئة دون إنذار سابق عند وصول المحسس ” الأليرجين ” وهي المادة المسببة للارتكاريا الدم الذي ينقلها إلى الجلد لتترسب هناك وتتفاعل مع المواد المناعية المضادة لمادة المحسس ” الاليرجين ” لتتحرر مواد من خلايا خاصة تدعى الخلايا الصارية تسبب الإحمرار والتهيج والحكة . وأضافت : من خواص طفح الارتكاريا أن البقعة التي تظهر تختفي في أقل من 24 ساعة من ظهورها ولكن تظهر بقع جديدة أخرى وتختفي وهكذا تتكرر عمليه ظهور الطفح والاختفاء ، وقد تكون هذه البقع مصحوبة بتورمات في الأغشية المخاطية للفم والجهاز الهضمي والتنفسي، فتتورم الشفتان واللسان وجدار الحلق”البلعوم”، بحيث يشعر المصاب بحشرجة في الفم وصعوبة في البلع وقد يحدث أيضا تورم في الأغشية المخاطية للجهاز التنفسي والمجاري التنفسية فتتورم الأحبال الصوتية في الحنجرة أو بطانة القصبة الهوائية والشعب الهوائية بحيث يشعر المصاب بصعوبة التنفس ويلاحظ عليه ازرقاق الشفتين وأطراف الأصابع وقد ينسد مجرى التنفس كلية ويؤدي إلى الاختناق وهذهالمضاعفات نادرة في الارتكاريا البسيطة وتسمى بالوذمة وإذا حدث شيء من هذه الأعراض فانه يجب نقل المصاب إلى اقرب مركز طبي لإجراء الإسعافات الأولية لإنقاذ عملية التنفس الحيوية والضرورية لاستمرار الحياة. ونوهت د.صالحة أنه كذلك قد يحدث تورم شديد في جفن العين وقد يحتجب النظر، تورم في الغشاء المخاطي للمصران فإنه يحدث انسداد حاد قد يؤدي إلى آلام حادة في البطن وهو من أحد الأسباب لآلام البطن المتكررة عند الأطفال ، كذلك قد يحدث أحيانا تورم في بطانة محفظة المفاصل مما يؤدي إلى آلام وورم حاد في مفاصل الجسم وتعطيل حركاتها. وأشارت إلى أنه عندما يكون التفاعل التحسسي بين المحسس والأجسام المناعية المضادة شديدة جدا يؤدي ذلك أحيانا إلى حالة خطيرة جدا من الارتكاريا تعرف طبيا بالتأق “الانفيلاكسس”أو الإنهاك الحساسي وهي حالة تحرر مواد مهيجة وموسعة للشرايين بكميات كبيرة تؤدي إلى توارد معظم حجم الدم الموجود في الجسم إلى الجلد نتيجة تمدد جميع الأوعية الدموية في الجلد مما يؤدي إلى حرمان الأعضاء الحيوية مثل المخ والقلب والكليتين من الدم الضروري لاستمرار حياة الأنسجة ويؤدي إلى تعطيل وظائفها وبدون هذه الأعضاء تتوقف الحياة كما يحدث أحيانا للحساسية من إعطاء ابر البنسلين او لدغ حشرة سامة التي قد تؤدي إلى الوفاة إذا لم يسعف المصاب بصورة فوريه وبطرق فعالة . وعن أنوع وأسباب التي تؤدي إلى الشرى مضت د.صالحة قائلة: هناك نوعان وهما : أ) الشري الحاد وهو النوع التي تتكررفيها الأعراض لمدة لا تزيد عن ستةأسابيع. ب) والشري المزمن الذي تتكرر فيه الأعراض لمدة تزيد عن ستة أسابيع وقد تستمر لعدة شهور أو لعدة سنوات . أما الأسباب التي تؤدي إلى الشري (الارتكاريا) فهي: -الارتكاريا الحادة: قد تنتج عن أسباب عابرة و غالبا ما تستجيب للعلاج البسيط مثل الأدوية المضادة للهيستامين والراحة التامة والابتعاد عن الأطعمة المهيجة مثل المقبلات والبهارات والمفلفلات والأصباغ والشوكولاتة وكذلك الأطعمة المعروفة لكثرة تحسسها مثل البروتينات الحيوانية والنباتية والأسماك مثل الروبيان وكذلك تجنب الأدوية التي تساعد على تحرير مادة الهيستامين مثل المسكنات وخاصة الأسبرين والكودئين. وباتباع تلك الإرشادات عادة ما يشفي المصاب ولا تعود إليه الأعراض. -الارتكاريا المزمنة: عادة يكون متواجدا في الجسم بصورة مزمنة مؤديا إلى ظهور الأعراض بصورة مزمنة ايضا والأسباب كثيرة ومتنوعة. وعن تصنيف الارتكاريا واصلت قائلة: تصنيف الارتكاريا حسب مسبباتها إلى نوعين : أ) الإرتكاريا الأولية أو الارتكاريا الطبيعية: وهي التي تحدث نتيجةعوامل طبيعية مثل الارتكاريا الناتجة عن التحسس للضوء أو لأشعة الشمس وتسمى “بالارتكاريا الضيائية” والارتكاريا الناتجة عن التعرض للحرارة وتسمى “بالارتكاريا الحرارية” أو الارتكاريا الناتجة عن التحسس للماء وتعرف” “بالارتكاريا المائية ” وهناك نوع ينتج من التعرض للانفعالات والزعل أو التعرض للحرارة مع الضوء وتسمى “الارتكاريا العصبية أو الارتكاريا الكولينية ” أو الارتكاريا الناتجة عن انضغاط الجلد على سطوح خشنه وتسمى “الارتكاريا الانضغاطية” بحيث يظهر ورم محمر قد يكون مصحوبا بحكة شديدة مكان الجلد المنضغط وقد تحدث الارتكاريا نتيجة التحسس لملامسة مواد باردة مثل الماء أو الأجسام الصلبة الباردة كالثلج ويسمى هذا النوع “بالارتكاريا البردية أو “ارتكاريا البرد” ب) الارتكاريا الثانوية: وهي الناتجة عن وجودمسبب تحسسي يدعى الاليرجين “المحسس” أو “الأليرجين” داخل الجسم يتفاعل مع الأجسام المناعية المضادة له في الجلد نتيجة لهذا التفاعل المناعي تحرر مواد مهيجة تسبب أعراض الارتكاريا التي عرفناها سابقا ويدخل هذا المحسس” الاليرجين ” الجسم من عدة منافذ فهو اما أن يدخل عن طريق الفم مع الأكل أو عن طريق المجاري التنفسية مع الهواء أوعن طريق الجلد بالملامسة كالمعادن والملابس والعطور أو عن طريق الغزو الميكروبي، وذلك من عدة أبواب أيضا والأسباب هنا كثيرة جدا لا يمكن حصرها وقد يكون المسبب بعيدا عن نظر وفكر الطبيب والمريض ، فمثلا قد تكون الحساسية ناتجة عن البنسلين الذي قد لا يتناوله المريض بنفسه عن طريق الحقن أو الفم كعلاج لأنه لا يحتاجه ولكنه يأخذه مجبرا عن طريق آخر لا دخل له فيه وهو لا يدري انه يأخذه مع غذائه المفضل وقد يندهش عندما يخبره طبيبه أن حساسيته قد ترجع إلى دواء البنسلين وهو ينفي باصرار أنه لم يتناول البنسلين لمدة طويلة سابقة ولكنه لابد وانه قد شرب أو يشرب حليب البقر وقد تكون الأبقار المأخوذ منها الحليب مصابة بالتهاب الضرع الذي يعالجه الطبيب البيطري بالبنسلين الذي يفرز في حليب البقر ونحن نشربه ونتناول بنسلينه ولا ندري أننا نتناول دواء ! ، كذلك الحال للجبن المخزن الذي ينمو عليه فطر يصنع البنسلين وقد نكون مغرمين بأكل الجبن المخزن المخلوط بالبنسلين. وأضافت: قد يكون سبب الحساسية كامنا في أجسادنا على شكل خراج صغير لا يتجاوز حجم راس الدبوس موجود في جذر سن منخور لا يسبب لنا أذى أو ألما لأن عصبة الحي قد تلف ولهذا لا نشكو أبدا من ذلك السن ولكن هذا السن قد يكون مصدر أذى من نوع آخر بسبب خراجه الصغير الذي قد يظهر على شكل ارتكاريا أو كالتهاب في القلب أو الكلية أو على شكل ارتفاع حرارة الجسم مجهولة السبب لان هذا الخراج يظل يفرز سموما في الدم باستمرار عل شكل جرعات صغيرة تسبب كما قلنا الارتكاريا وغيرها . ومن تلك الأمثلة يتبين لنا الصعوبة في إيجاد الأسباب الحقيقية للارتكاريا المزمنة إلى وجود الفطريات السطحية أو العميقة، التي لم تكتشف بعد وقد تكون الارتكاريا ناتجة عن اضطرابات نفسية عندما نعجز عن أيجاد مسبب عضوي أو طبيعي في مريض الأرتكاريا المزمنة، يجب أن لا يغيب عن بالنا الأسباب النفسية التي تعبر عن نفسها على شكل أعراض جسمانية ويجب ملاحظة سلوك وتصرفات المريض بدقة وعن قرب لأن حك الجلد قد يكون كمتنفس لهذه الكوامن الضاغطة داخله وقد تظهر هذه الكوامن بشعور الاختناق في النفس أو على شكل ارتكاريا مزمنة وعن علاج الأرتكاريا خلصت د.صالحة إلى القول: يجب قبل وصف أي علاج للارتكاريا المزمنة فانه يجب البحث عن المسبب الحقيقي وهذا يتطلب وقتا وصبرا لان البحث عن السبب أحيانا يكون صعبا ويجب أن يتعاون المريض والطبيب معا في إيجاد السبب الذي قد تصل نسبة الحصول عليه في احسن الظروف لا تتعدى 50%. – أن يسجل ملاحظاته عن ممارساته اليومية في سجل خاص يحمله معه أينما وجد ويقصد بذلك تسجيل كل ما يأكله ويشربه ويلمسه ويستنشقه ويضعه على جسمه وان يسجل ملاحظاته لما يطرأ بعد وقت مما فعله من ذلك خاصة إذا زادت الأعراض أو تحسنت بعد ذلك، ويفضل تسجيل هذه الملاحظات كل نصف ساعة على الأقل ولمدة أربعة أسابيع على الأقل. – اتباع حمية غذائية وان يتقيد فقط بالأغذية المسموح بها، ويتجنب خصوصا البهارات والملونات والمواد الحافظة والمنكهات. ١- الأرتكاريا الأولية أو الطبيعية هي من الأنواع التي يصعب شفاؤها وقد تستمر لعدة سنوات قبل أن تختفي وتشفى من ذاتها وإذا كانت الأعراض شديدة: – فيوصى المريض بالابتعاد عن المسبب إذا أمكن اكتشافه، – وقد تضبط الأعراض بتناول مضادات الحساسية التي تعرف طبيا بمضادات الهيستامين. – أما فقدان التحسس بالتعرض للمسبب على شكل جرعات متدرجة فالنتائج لهذا العلاج غير ثابتة الفائدة دائما، إلا أنه يجب تجريب هذا النوع من العلاج، إذا عرفت نوعية المحسسات، وذلك تحت اشراف طبيب الحساسية المعالج. ٢- أما الارتكاريا الثانوية الحادة فلا خوف على المريض من استمرارها وما يحتاجه المريض هو: – الراحة التامة – و تجنب جميع الأدوية إلا الضروريه منها وخاصة المضادات الحيوية والأسبرين ومضادات الكحة – وقد يحتاج الى كرتزون لفتره قصيرة في الارتكاريا الحادة – ويمكن ضبط الأعراض الحادة والشديدة بواسطة مضادات الهيستامين وغيرها من طرق العلاج . – وقد يحتاج ان يكرر مضادات الهيستامين الى اكثر من مره في اليوم واكثر من نوع في الارتيكاريا المزمنة – يجب الانتباه إلى أن كثير من مضادات الحساسية تسبب النعاس وأحيانا تسبب الإغفاءات والنوم الحقيقي الطويل ولهذا يجب على كل من يتناول هذه الأدوية أن لا يسوق سيارته أو يتعامل مع الآلات المتحركة والجارحة وإلا نتجت حوادث وعواقب وخيمة لا سمح الله، ولذلك يجب التقيد بهذه النصائح. – واخر ماتوصل له الطب هو استخدام احدى انواع الادوية البيولوجية للحالات المزمنة المستعصية غير معروفة الأسباب.
مشاركة :