تسلمت الرئاسة اللبنانية الصيغة النهائية لمقترح ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، مشيرة إلى أنها مرضية للبنان وتلبي مطالبه وتحافظ على حقوقه. وقال مكتب الإعلام في الرئاسة اللبنانية في بيان اليوم (الثلاثاء) إن "الرئاسة تسلمت من نائب البرلمان الياس بو صعب النسخة الرسمية النهائية المعدلة الذي تقدم بها الوسيط الأمريكي اموس هوكشتاين للاتفاق في شأن الحدود البحرية الجنوبية". وأكد البيان أن "الصيغة النهائية للعرض مرضية للبنان وتلبي مطالبه وحافظت على حقوقه في ثروته الطبيعية". وأعربت الرئاسة عن أملها أن يتم الإعلان عن الاتفاق حول الترسيم في أقرب وقت ممكن، مشيرة إلى أن "الرئيس عون سيجري المشاورات اللازمة حول هذه المسألة الوطنية تمهيدا للإعلان رسميا عن الموقف الوطني الموحد". وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد في وقت سابق اليوم التوصل إلى اتفاق مع لبنان لترسيم الحدود البحرية بين البلدين. وقال لابيد في بيان صادر عن مكتبه إنه سيعقد غدا الأربعاء اجتماعا للكابينت (مجلس الوزراء الإسرائيلي)، يليه اجتماع للحكومة للمصادقة على الاتفاق. بدوره، قال نائب رئيس البرلمان الياس بو صعب بعد لقائه الرئيس عون أن "لبنان حصل على مطالبه لأنها محقة". وأوضح بوصعب المكلف من الرئاسة متابعة ملف الترسيم مع الجانب الأمريكي أن "الرئيس عون سيقوم بالاستشارات اللازمة مع رئيسي مجلسي النواب والوزراء للبحث بالصيغة النهائية للاتفاق". وأشار إلى أن "ما تم القيام به الاسبوع الفائت هو أن الفريقين اعتبرا أنهما حصلا على الضمانات المطلوبة وعلى اتفاق عادل". وأضاف "الجو ايجابي جدا (..) لأننا توصلنا اليوم إلى حل يرضي الطرفين وهو أمر صعب للغاية لانهما لا يقيمان علاقات دبلوماسية". وأشار إلى أن "لبنان لا يعترف بالعدو الاسرائيلي، وبالتالي فإن الوصول إلى تفاهم على حدود فيها مصلحة اقتصادية ليس سهلا، بل هو جهد كبير من قبل الادارة الامريكية وتم بشكل عادل ومنصف، والا لما توصلنا إلى ما وصلنا اليه"، على حد تعبيره. وأوضح أنه "في حال وافق لبنان بشكل رسمي على الصيغة النهائية (..) نودع الوسيط الأمريكي رسالة هي نفسها التي ستودع لدى الأمم المتحدة، وهو ما سيقوم به الفريق الآخر أيضا لأن الأمر ليس اتفاقا ولا معاهدة دولية بين بلدين عدوين"، على حد قوله. وأضاف "مهما كانت الصيغة، فإن الاتفاق بين لبنان والأمريكيين من جهة والإسرائيليين والأمريكيين من جهة ثانية، أقل ما يقال عنه أنه يؤمن استقراراً اقتصاديا بالمنطقة ويعطي الأمل". وشدد على أن "لا شراكة بين لبنان وإسرائيل بثروات حقل (قانا) كما ليس هناك من تقاسم أيضا بينهما لأن الحقل يمتد على ناحيتي الخط الذي تم اعتماده، ونحن على علم أن هناك تفاهما حصل بين شركة (توتال) وإسرائيل ولسنا في أجواء تفاصيله لأننا غير معنيين به". وقال "لبنان سيحصل على كامل حقوقه من حقل (قانا)على ناحيتي الخط المعتمد، والاسرائيليون قد يأخذون تعويضات من شركة (توتال) وليس من الحصة اللبنانية". ولفت إلى أن "لبنان كان اتفاق مع شركة (توتال) لاستكشاف الغاز والنفط العام 2017 ببنود واضحة وحصة واضحة، وما تمت اضافته هو أن الحصة اللبنانية لا تقتصر على الرقعة رقم 9 (حيث حقل قانا) بل على امتداد كل الحقل". وأكد أن "ليس هناك من اتفاق لا يعتبر الطرفان فيه أن نتيجته ترضيهما، وفي حال اعتبر أحدهما أنه فائز أو خاسر، لا يمكن الوصول إلى نتيجة" آملا أن "ينظر الاسرائيليون إلى الأمر من هذا المنظار وعدم الدخول في الكلام عن تراجع". وأضاف "نحن كان لدينا ملاحظات وحصلنا عليها، لذلك كانت النسخة معدلة، ووفق الملاحظات الاسرائيلية أيضا تمت معالجة مكامن الخلاف"، مؤكدا "عدم اعتراف لبنان بـ"خط العوامات". وخط العوامات أو الطفافات هو خط بطول 7 كلم يمتد من نقطة رأس الناقورة الحدودية غربا ولا يتعدى طوله 10 % من مساحة الحدود البحرية، وكانت اسرائيل قد وضعت هذا الخط الفاصل مع لبنان العام 2000 مع انسحابها من معظم جنوب لبنان بهدف منع الصيادين من تجاوز الحدود. ويعود عدم الاعتراف اللبناني بهذا الخط، وفق متابعين، إلى أن ذلك سيشكل خطرا مستقبليا على لبنان عند ترسيم الحدود البرية بحيث ستشكل عندها بداية خط الطفافات نقطة انطلاق ترسيم الخط البري عوض الحدود الدولية. ويأتي إعلان الرئاسة اللبنانية حول الترسيم اليوم بالتزامن مع اعلان مسؤول إسرائيلي لـ"هيئة البث الإسرائيلية" أن اسرائيل تنتظر الموافقة اللبنانية، وبعد ذلك ستمضي قدما في عملية الموافقة. ويجيء بعدما كان لبنان وإسرائيل قد أبديا ملاحظات على مسودة اتفاق سابقة أرسلها هوكشتاين إلى الجانبين في شهر أكتوبر الجاري. وكان هوكشتاين أجرى خلال الأشهر الماضية جولات مكوكية بين لبنان إسرائيل للوصول إلى تسوية حول نزاعهما على منطقة بحرية حدودية في مياه البحر الابيض المتوسط يعتقد انها تحوي كميات من الغاز والنفط. يذكر أن المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل كانت انطلقت العام 2020 برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أمريكية، ثم توقفت في مايو 2021 جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.
مشاركة :