كعادتها في اقتناص الحميم من القول والفعل وكمال الاحتفاء. حضرت جازان سهلا وجبلا وحزونا وسواحل لتحتفي بالشعراء المشاركين في الدورة الرابعة من مهرجان جائزة السنوسي الشعرية ووشحت رؤوس المبدعين بعقود الفل نظير ما ألقوه من نصوص غنت للوطن وتغنت بالإنسان. لم يكن حفل التكريم كثير الكلام. ولم تغرق مفردات المشرفين على الجائزة في الأنا. كانت الـ(نحن) سيدة في ردهات فندق حياة جازان. شارك الشعراء والشاعرات والمثقفون والمثقفات وأسهم الأطفال ببراءة في تقديم باقات الورد وعقود الفل منافسين الكبار في رعاية وتكريم جمهرة الضيوف. بدأ المساء بكلمة للمسرحي أحمد يعقوب استلهم فيها جانبا من سيرة السنوسي الشعرية من خلال سرد مدارسته مع أبيه لدواوين الشاعر محمد علي السنوسي ليضع الحضور أمام صورة حافلة بمعاني العطاء و الوفاء. معددا أغراض الشاعر من خلال قصائده فهو تارة الحكيم إذ يقول: (رب راع كاد يفني عمره، يعلف الإبل ويرعى الغنما صقل العلم حجاه فغدا، بعد رعي الإبل يرعى الأمما) وتارة القنوع الزاهد: (رصيدك في بنك الحياة غرور، إذا لم يغطيه تقى وضمير وفي شركات المال سهمك خاسر، إذا جف إحساس ومات شعور) وهو المفاخر بوطنه: (هذي الجزيرة فاقبس أيه الساري، هدى من البيت أو نورا من الغار) وتناول أمين عام الجائزة الشاعر محمد إبراهيم يعقوب مسيرة الجائزة وتحدياتها وتكاتف القائمين عليها، مشيدا بدور مجلس التنمية السياحية واللجان العاملة التي تمثل الداعم اللوجستي لاستمرار الجائزة وتحقيق غاياتها الوطنية والثقافية والإبداعية. وتم تكريم الشاعر الفائز بالدورة الحالية محمد عبدالبارئ من السودان. لتنطلق الأمسية الأولى التي تنوعت قصائد شعرائها في الأغراض والأشكال الشعرية فالشاعر أحمد عسيري لامس في قصائده القضايا الكبرى للأمة العربية ودور المملكة في جمع الصف العربي وإعادة الاعتبار للعرب عبر عاصفة الحزم. وتناول الشاعر العماني يونس البوسعيدي المشتركات الإنسانية ودورها في إذابة الفوارق والمؤاخاة بين البشر بعيدا عن تصنيفهم أو توصيفيهم عقديا ومذهبيا. وأضاء الشاعر مفرح الشقيقي المساء بالنسيب: (عشقت وقادني قلبي عصيا، ومن يعصى تروضه الصبايا) وحضر حس الأمومة الطاغي بمشاعر الدفء في نصوص الشاعرة لينا عسيري، ووجه الشاعر أحمد الهلالي رسائل إلى حماة الوطن على الحد الجنوبي. وألقى الشاعر حيدر العبدالله نصا ملحميا استعاد من خلاله حصار عكا واستماتة أهلها في الدفاع عنها موظفا الرمزية في إسقاطاته على الواقع. ولم تغب صنعاء ومتاعبها عن الشعر إذ شدا الشاعر اليمني ياسين البكالي بنصوص عدة منها غيهب النهايات ومنه: (وعاد الندى وجها أنا عبرة على، محياه ما زالت بصنعاء مدنفه وحين انتهت مني تلاشيت ثورة، عليها رمى صمت المسافات معطفه) وقدم الشاعر حسن طواشي تجربته الناشئة عبر نصوص لافتة، فيما اختتم المساء الشاعر عبدالمجيد الفيفي بأكثر من مقطوعة جيدة.
مشاركة :