لم يسعف الهدوء في الأسواق الصينية نهاية الأسبوع، ولا تقرير الوظائف الأمريكية الممتاز في تخفيف حدة الذعر في الأسواق العالمية التي سجلت الأسبوع الماضي أداء هو الأسوأ منذ خمسة عشر عاماً كبدها 2.3 تريليون دولار. لكن هل بلغت مؤشرات الأسهم العالمية نهاية المطاف؟ هذا السؤال يجد له إجابات متباينة في أوساط المراقبين والمحللين بين من يعتقد بأن الاتجاه التصحيحي للأسهم العالمية بات أمراً مفروغاً منه بعد موجة تضخم التقييمات على مدى أكثر من عامين، وبين من يرى أن الاقتصاد العالمي فقد زخمه بل ودخل في ركود جديد. توحي مسارات المؤشرات العالمية خلال الأيام الخمسة الماضية والتي شهدت وقف التداول في الأسهم الصينية مرتين على خلفية هبوط حاد يتجاوز المسموح به في كل مرة، بأن ارتباط العالم معنوياً ومادياً بالاقتصاد الصيني وأدائه صار أمراً واقعاً. فقد بدأت تداولات الأسبوع الماضي في آسيا على أول موجات التذبذب التي تسبب بها تقرير مشتريات المديرين الصينيين لشهر ديسمبر/ كانون الأول والذي كشف عن 49.7 نقطة وتسبب في تراجع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 7% ومؤشر شينزين بنسبة 8% ما أسفر عن وقف التداول في الأسهم الصينية فوراً ولتعم موجة الذعر أسواق آسيا التي تراجعت بنسب متفاوتة وإن كانت كلها مرتفعة. ولم تسلم الأسهم الأوروبية من الذعر الذي جر مؤشراتها هبوطاً بلغ في يورو ستوكس 600 أكثر من 2.5% لأول مرة منذ أكثر من عام في حين بلغت خسائر داكس الألماني 4%. كما أنهت الأسهم الأمريكية متأثرة بما جرى في بقية مناطق العالم على تراجع. واختلط أداء الأسهم الصينية في الجلسة الصباحية الثلاثاء على وقع تدخل البنك المركزي الذي ضخ عشرين مليار دولار لدعم الأسواق لكن صمود الأسهم لم يطل لتهبط في الجولة المسائية بشكل مريب بلغ في مؤشر شنغهاي أكثر من 3%. ولم يكن أداء الأسهم الأوروبية أفضل وانتهى يومها على تراجع يوازي تراجع نظيراتها الأمريكية التي تأثرت سلباً بسبب هبوط أسعار النفط إضافة لما سبق. وبعد أن فقد مؤشر داو جونز 100 نقطة خلال النهار متأثراً بهبوط سهم شركة آبل 2.5%،تمكن من الإغلاق مرتفعاً 10 نقاط. وأججت تجربة كوريا الشمالية قنبلة هيدروجينية التوتر الجيوسياسي العالمي وزادت من مخاوف المستثمرين الأربعاء لتضيف إلى متاعب الأسهم الآسيوية المنهكة أصلاً وتصبغ المؤشرات الآسيوية كلها باللون الأحمر. فقد تراجع مؤشر نيكاي 225 نقطة، لكن الأسهم الصينية عاكست الاتجاه العام في آسيا وأغلقت على مكاسب بلغت في مؤشر شنغهاي 2%. أما في أوروبا فكان تأثير التوتر السياسي العالمي واضحاً حيث تراجعت الأسهم بنسب لافتة بلغت في مؤشر يورو ستوكس 1.7%. ولم تفلح الأسهم الأمريكية في الإفلات من ضغوط النفط ومخاوف النمو الهش في الاقتصاد العالمي لتنهي على تراجع. وجاء يوم الخميس لتوقف بكين التداول في الأسهم مرة ثانية وتبث موجة ذعر جديدة في أسواق الأسهم العالمية على خلفية الضعف المريب في قيمة العملة الصينية وهبوط أسعار النفط التي لامست مستويات عام 2004، والأداء المتراجع في الاقتصاد الذي انعكس تراجعاً في مختلف المؤشرات الآسيوية. وظهر تأثير تلك العوامل واضحاً في أداء الأسهم الأوروبية التيٍ فقد بعضها 3% ليخرق مؤشر داكس حاجز 10 آلاف نقطة لأول مرة منذ منتصف أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وتقلب أداء الأسهم يوم الجمعة في التداولات الصباحية في آسيا حيث انتعش مؤشر شنغهاي قليلاً بعد أن تراجع بنسبة 3.32% لينهي على ارتفاع بنسبة 1.98% بينما حقق مؤشر سي إس أي مكاسب بلغت 2.04%. إلا أن ذلك لم ينفع الأسهم الأوروبية التي أنهت على تراجع رفع خسائرها الأسبوعية إلى مستويات قياسية وكذلك كان حال نظيرتها الأمريكية التي سجلت أسوأ أداء أسبوعي. وانتهى الأسبوع الكارثي على تسابق المؤشرات نحو مزيد من الخسائر التي سجل أعلاها مؤشر شنغهاي المركب منهياً الأسبوع عند 3186.41 نقطة فاقداً ما يقرب من 10% من قيمته خلال خمسة أيام وفاتحاً باب الرهان على مزيد من التكهنات مطلع الأسبوع المقبل. وفي أوروبا تصدر داكس قائمة الخاسرين مغلقاً على 9849.34 نقطة بخسائر بنسبة 8.32% بينما تصدر مؤشر ناسداك قائمة الخاسرين في وول ستريت مغلقاً على 4643.63 نقطة بخسائر بنسبة 7.26%. وعزز تقرير الوظائف الأمريكي لشهر ديسمبر/ كانون الأول رهانات المستثمرين على رفع جديد لأسعار الفائدة في مارس/ آذار الأمر الذي منح سندات الأسهم الأمريكية والدولار دفعاً جديداً. وقد حققت السندات من فئة السنوات العشر مكاسب لافتة رفعت العائد عليها إلى حدود 2.22% قبل أن يتراجع بعد صدور التقرير بحدود نقطة أساس ويستقر بنهاية الأسبوع على 2.14%. وسجل مؤشر الدولار الذي يقيس قيمته مقابل عدد من العملات الرئيسية قفزة جديدة ليصل إلى 99.18 نقطة ليصل سعر الورقة الخضراء إلى 1.0801 مقابل اليورو الذي تراجع بنسبة 0.04% على مدار الأسبوع. وشكلت أسعار النفط الخام عبئاً ثقيلاً على تداولات الأسهم بعد أن تراجع سعر برميل خام برنت إلى أدنى مستوى له في التداولات اليومية منذ أحد عشر عاماً فاقداً 11% من قيمته يوم الخميس عندما بلغ 32.16 دولار للبرميل قبل أن يغلق على 33.25 دولار. ولم يفوت الذهب موسم هزات الأسهم ليضيف إلى مكاسبه مزيداً من الدولارات بلغت 41 دولاراً حققها سعر الأونصة على مدى أيام التداول الخمسة لتنهي على 1102 دولار أي بمكاسب بنسبة 3.9%. ولاتزال أنظار المستثمرين والمتداولين تتربص بكل شاردة وواردة ربما تعيد الهدوء إلى الأسواق قبل افتتاح جلسة التداول الأولى في آسيا صباح غد الاثنين.
مشاركة :