صورة الرّجل في الإبداع النسائي مزيجٌ من المعانقة والتفهّم وخيبات الأمل

  • 10/13/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تتأجج عواطف المرأة تجاه الرجل، قد تكون معه أو ضده، تشعر بقيمته أو عبئه، حبه أو كرهه، نعيمه أو شقائه، هي تقلّباتٌ تمر بها أغلب الكاتبات، وتظهر خطوطاً من أحاسيس داخل رواياتهن أو قصصهن، ليضعن بها الرجل في صورة قد تكون عدائية، تميل إلى التظلّم والإحساس بالقهر.. لمَ كل هذا؟ هل هو تعبير عن فكرة قهر المرأة في الشرق، أم مجرد غرض لإثارة ضجة من دون رؤى فنيّة؟ كاتباتٌ وقاصّاتٌ وروائياتٌ وشاعراتٌ من الوطن العربي، يفسرن سبب انحياز أقلام بعض الكاتبات في هذا الاتجاه، ويحكين عن وجهة نظرهنّ.أعدّت الملف | لينا الحوراني Lina Alhorani تصوير | عبد الله رمّال Abdullah Rammal جدّة | فاطمة باخشوين Fatima Bakhashween - بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine المغرب | سميرة مغداد Samira Maghdad - تونس | الطّيب فراد Taieb Frad القاهرة | أيمن خطّاب Ayman Khattab     لفترة زمنية مضت، كانت صورة الرجل نمطيةً تُخْتَزَلُ في الاستبداد والقهر لأسباب اجتماعية فرضتها قيودٌ متشددةٌ وراء هذه الصورة، لكن تجد أمل الحجار، سيناريست والمدير العام لشركة تنوين، من السعودية، أن الصورة اختلفت تماماً، فوجود المرأة إلى جانب الرجل على حدٍ سواء في جميع الأماكن والقطاعات؛ جعل نظرتها إلى الرجل تنافسيةً وتشاركيةً، تتابع أمل: «إسناد مهمات ومناصب لها أزال الغبن الذي كانت تشعر به؛ إذ كان يتم تحجيم دورها في المنزل وفي قطاعات محددة، لذلك فالحدة قد زالت في الأقلام النسائية، وهي تخط سطورها عن الرجل». وفيما يخص السيناريوهات فالأمر يختلف تماماً، كما تجد أمل؛ لأن أبعاد الشخصية المطروحة في أي عمل درامي تُلقي بظلالها على طريقة الكتابة، تعلّق أمل: «على الأغلب تلك الكتابة تكون شفافة وبعيدة عن الآراء الشخصية للكاتبة». تابعي المزيد: غزارة الإنتاج..هل تؤثر على مستوى الإبداع الأدبي؟         الأب الحامي، والأخ المتسلط، والزوج المسيطر، والابن المعبود، هي صور نمطية تجدها هبة قاضي، كاتبة سعودية، في الكتابة العربية النسائية عموماً، تقابلها نماذج الأم المضحية، والأخت الخدومة، والزوجة المطيعة، والابنة الصاغرة. تتابع هبة: «هي سلبية أو إيجابية في سياقها، فالأب الحامي قد يكون مثال الرعاية والمعتمد عليه على الرغم من قسوته، والأم المضحية قد تكون مثال الحب والاحتواء على الرغم من ضعفها وقلة حيلتها، وتغيّر الظروف والتركيبة الاجتماعية، جعل الأسلوب الوصفي للرجل في قلم المرأة يتحول في تيار من الغضب، التنفيس واللوم». تعتقد هبة أنه علينا بوصفنا نساءً وكاتباتٍ كسر دائرة السياق المتكرر والمظلومية المتوارثة في كتاباتنا، سواءً عن الرجل أو المرأة، والنظر ملياً في واقعنا الحياتي الذي اختلفت تراكيبه وشخوصه، تعلق قائلة: «تلك هي مسؤوليتنا الفكرية نحو تشكيل المجتمعات وقناعات أفرادها».         بعض الكاتبات من النساء، كما تجد الدكتورة ولاء الشحي، كاتبة إماراتية، يكتبن انطلاقاً من تجاربهن العاطفية الخاصة، ويؤطرن صورة الرجل بالخائن والظالم، الذي يخذل المرأة، تتابع ولاء: «هذا موجود عندنا للأسف، لكن هناك بعض الأقلام التي تذكر الشوق، وحب السكون لهذا الرجل، وتصوره بأجمل الصور، على الأوراق، وأنا أصدرت في كتابي: «عذراً حبيبي»، هو ليس اعتذاراً للرجل، لكن خواطره كانت عتاباً حنوناً بين حبيبين». تجد د. ولاء، أن هناك قصصاً جميلةً أبدعت لأجله، تعلّق قائلة: «سبق أن كتبت مقالاً بعنوان: «تحيّة إلى الرجال»، لكن الإعلام أحياناً ركّز أكثر على الأدوار السلبية بين الرجل والمرأة، وفشل العلاقات، وجعل الحب محصوراً في الألم والخذلان والحرمان، مع أن الحب لا يمت إلى ذلك بصلة». «الحب مظلّة كبيرة من المشاعر»، كما تقول د. ولاء، و«ما تم تصويره هو سلوك، يعتقد الناس أنه حب، مرت به الكاتبات أنفسهن»، تعلّق: «لا أعمم، فهناك رجال قامة، ومثال للحب». تابعي المزيد: الكاتبات السعوديات وتسلط الرجل في الأدب العربي         يعدّ الرّجل - حسب الدّكتورة والرّوائيّة وأستاذة القانون التونسية حنان جنان - مصدر إلهام لكلّ كاتبة نسائيّة. وهو أحد أبطال حكاياتها، يمنحها الفرصة لتتكلّم، وتحلم، وتعيش... ولا وجود لصورة نمطيّة واحدة للرّجل في الكتابات النسائيّة، فالرّجل محكيٌّ عنه بصيغة «رِجّال» يتنوّع حسب «الحكّاءة»، فتجعل منه محبّاً، وقويّاً، ومانحاً للحياة أحياناً، وتجعل منه خائناً، وضعيفاً، ومدمّراً للمرأة أحياناً أخرى، كما تجعل منه أيضاً جامعاً لكلّ هذه الأضداد. تعترف الرّوائيّة جنان أنّ المرأة تكتب عن رجل تحبّه، وتكتب أيضاً عن رجل تكرهه، وعن رجل تحترمه، وعن رجل تحتقره، وعن رجل تتمناه، وعن رجل تمقته، «فالأدب النّسائي ليس وسيلة المرأة للتشفّي من الرّجل، ووجود هذه النّماذج المتضادّة في الكتابات النّسائيّة هو رسمٌ لشخصيّاتٍ موجودةٍ فعلاً في مجتمعاتنا». وتضيف: «أنّ ما يشغل الكاتبة أوّلاً أن توفّق في إقناع القارئ عندما تحدّثه عن شخصيّاتها وأبطالها، وهذا يتطلّب منّها بحثاً معمّقاً في الجوانب النفسيّة والاجتماعيّة للشخصيّة».     عن سبب الصورة السّلبيّة للرّجل في الكتابات النّسائيّة، تعتقد الروائيّة «أنّ الأمر يعود أحياناً إلى شخصيّة الكاتبة نفسها إذا كانت غير قادرة على التّعامل مع الرّجل في حياتها الشخصيّة بنديّة، أو غير قادرة على إعطاء رأيها بصورة مباشرة في الرّجل، فضلاً عن عدم قدرتها على المطالبة بحقوقها من الأب أو الأخ أو الزوج أو الزميل في العمل... فتتّخذ من الكتابة وسيلة «للثّأر» بكل ما فيه من تصعيد وتجنٍّ أحياناً، فيظهر الرجل في كتاباتها بصورة سلبية». تابعي المزيد: السّرقات الأدبية مؤلفات وأفكار ضائعة.. من يحميها؟     من المغرب أوضحت الكاتبة والشاعرة نجاة رجاح أم سناء أنها خلال ممارستها للكتابة، وقراءاتها لكتابات المرأة عموما والعربية على وجه الخصوص وجدت الصورة التي ترسمها الكاتبة للرجل في شعرها وسردها، كتجربة إبداعية وإنسانية تتفاوت بين كاتبة وأخرى. توضح قائلة: «هناك من تكتفي في كتاباتها على الذات الأنثوية البريئة، وتدين الرجل وتحاصره بصورته الوحشية كبطل شرير، كونه يضطهدها، ولا يعترف بحقوقها. وهناك كاتبات يعترفن بدور الرجل في حياتهن وإبداعه، كداعم ومشجع ورفيق درب وشريك فكر. وضمنياً هي دعوة للرجل لتبني هذه الصورة المثالية لتقدير كيان المرأة وإنسانيتها، استنادا للموروث الديني الإسلامي الذي يدعو إلى احترام وتقدير المرأة وحسن معاشرتها. ومن هنا نستخلص أن ثمة نموذجان لصورة الرجل في الكتابة النسائية: المتشح بثقافة ذكورية مستبدة وهي رمز للتسلط والهيمنة، والرجل الرومانسي، الأمين، المناضل، المحترم لعقل المرأة وإنسانيتها». وتضيف: «حضور وتمثل الرجل في الكتابة النسائية يعكس صورته في المتخيل النسوي؛ فنجد كلما صورت الكاتبة الرجل في تجليات الحنان والتفهم والاحتواء والبر تتكون صورة مثالية ينبغي أن يظهر بها الرجل في الواقع، أباً كان أو أخاً أو زوجاً أو ابناً. وصورة الرجل في الكتابة النسائية تتفاوت وفق العلاقات الشخصية والاجتماعية، فتبدو على عدة أوجه وتخرجها الكاتبة بأكثر من مظهر أو صورة. حيث تنفتح شخصية الرجل على رؤى متعددة. حيث نجد غالباً طغيان الجانب السلبي وبروز محتشم للجانب الإيجابي لصورة الرجل في العديد من الإنتاجات النسائية، علاوة على الصورة النمطية العادية. وهذا في نظري له مرجعية مرتبطة بتكوين وتركيبة المجتمع العربي، ورؤية الكاتبة وموروثها التاريخي والواقع الإنساني».         تعدّ الإعلامية الأديبة الدكتورة ريما نجم في حديثها أن «الكاتبات الإناث اللواتي يتمتعن بانحياز إلى المرأة أو النساء بصورة عامة، قد يجنحن من خلال كتاباتهن إلى اضطهاد الرجل، أو بمعنى آخر توريطه في مواقف وأمور مستقاة من الأمر الواقع. وهي موجودة وكلنا نشاهدها من خلال وسائل الإعلام، أو مواقع التواصل الاجتماعي؛ كتعنيف الرجل لزوجته أو شقيقته أو حتى والدته أحياناً... أي تسليط الضوء على قساوة وظلم الرجل تجاه المرأة من خلال كتاباتهن». وتضيف: «من وجهة نظري أنا أحترم وأقدّر الرجل لأن الرجل المتمثّل في حياتي هو رجل ذو مزايا، كريم النفس، متساهل، مرن، يحترم المرأة... لذلك عندما أكتب ويكون موضوعي عن الرجل فبالتأكيد لن أكون ضده، بل أكتب من زاوية تجاربي في الحياة، أي من خلال تجربتي مع والدي وتعامله مع العائلة، تعامل إخوتي معنا... هذه الأمور أكتب عنها لأنها قدوة في الاحترام والتقدير للآخرين بالإضافة إلى المحافظة على الحرية الشخصية لكل فرد. وهذا الأمر ينطبق على الرجال الذين قابلتهم في حياتي أيضاً، كانوا رجالاً محبين ومقدّرين للمرأة إلى حدّ ما، بالإضافة إلى مرونتهم في التعاطي معها». توضح د. نجم: «كل كاتبة تتمتّع بميزة تجعلها مختلفة عن كاتبة أخرى، وهذ الأمر يتعلق بخصوصيتها بالتطرّق إلى المواضيع ربما لجذب جمهور النساء إلى كتاباتها أو كتبها أو مقالاتها... أو بهدف تسليط الضوء على أمر واقع صعب وموجود في المجتمعات الفقيرة، أو حتى في بعض المجتمعات الراقية، كأن يلعب الرجل دور الديكتاتور تجاه زوجته وفرض أمور عليها القيام بها كبعض الواجبات الاجتماعية. أعود وأقول إنني أكتب عن الإيجابيات ولا أغفل السلبيات؛ لأن القضية قائمة وموجودة في بعض المجتمعات في العالم العربي، ولا أستطيع التغاضي عنها. كتاباتي مستقاة من صميم الواقع، ولكنني أجنح إلى الرجل المتفهّم الذي يساوي نفسه بالمرأة داخل وخارج المنزل. الموضوع ذو حدّين ومع هذا أنا دائماً أتعاطف مع المرأة المظلومة والمغبونة والمقتولة والمعنّفة». تابعي المزيد: أشهر الكاتبات العربيات         تؤكد د. نهاد إبراهيم، شاعرةٌ وقاصّةٌ من مصر، أنّ وسائل التواصل الاجتماعي روّجت لمثل هذه الأفكار عن صورة الرجل النمطية، تستدرك قائلة: «هناك مبدعاتٌ يضعن الرجل وفق رؤية فنية درامية ليس لها علاقة إطلاقاً بفكرة قهر المرأة الشرقية، تتابع: «لي قصة قصيرة بعنوان «الباب الأحمر»، وهي لحبيبَيْن اتفقا على كل اشتراطات الزواج، إلى أن وصلا إلى باب شقتهما التي كانت مدهونة باللون الأحمر، والتي تعشقها الحبيبة، فيهرب الحبيب من تلك المشكلة، ويتخلى عن حبه بالارتباط، وقامت العروس بدهان باب الشقة بالأبيض، ووضعت عليه لافتة «الباب الأحمر»، التي من خلالها حافظت على خيالها وحبها في آن واحد». وترى د. نهاد أن إظهار بعض الكاتبات الرجل بسلبية، حتى لو كان أباً أو زوجاً أو حبيباً، «هي رؤية مثل موجة البحر، عديمة الملح، ليس لها طعم أو ذوق محتّمان». تابعي المزيد: في يوم المرأة الإماراتية الكاتبة أسماء المطوّع: أتصور أديبات المستقبل أكثر انفتاحاً     تتأجج عواطف المرأة تجاه الرجل، قد تكون معه أو ضده، تشعر بقيمته أو عبئه، حبه أو كرهه، نعيمه أو شقائه، هي تقلّباتٌ تمر بها أغلب الكاتبات، وتظهر خطوطاً من أحاسيس داخل رواياتهن أو قصصهن، ليضعن بها الرجل في صورة قد تكون عدائية، تميل إلى التظلّم والإحساس بالقهر.. لمَ كل هذا؟ هل هو تعبير عن فكرة قهر المرأة في الشرق، أم مجرد غرض لإثارة ضجة من دون رؤى فنيّة؟ كاتباتٌ وقاصّاتٌ وروائياتٌ وشاعراتٌ من الوطن العربي، يفسرن سبب انحياز أقلام بعض الكاتبات في هذا الاتجاه، ويحكين عن وجهة نظرهنّ.أعدّت الملف | لينا الحوراني Lina Alhorani تصوير | عبد الله رمّال Abdullah Rammal جدّة | فاطمة باخشوين Fatima Bakhashween - بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine المغرب | سميرة مغداد Samira Maghdad - تونس | الطّيب فراد Taieb Frad القاهرة | أيمن خطّاب Ayman Khattab أبعادُ الشخصيّة والعملُ الدرامي أمل الحجار أمل الحجار: إسناد مهمات ومناصب لها أزال الغبن الذي كانت تشعر به     لفترة زمنية مضت، كانت صورة الرجل نمطيةً تُخْتَزَلُ في الاستبداد والقهر لأسباب اجتماعية فرضتها قيودٌ متشددةٌ وراء هذه الصورة، لكن تجد أمل الحجار، سيناريست والمدير العام لشركة تنوين، من السعودية، أن الصورة اختلفت تماماً، فوجود المرأة إلى جانب الرجل على حدٍ سواء في جميع الأماكن والقطاعات؛ جعل نظرتها إلى الرجل تنافسيةً وتشاركيةً، تتابع أمل: «إسناد مهمات ومناصب لها أزال الغبن الذي كانت تشعر به؛ إذ كان يتم تحجيم دورها في المنزل وفي قطاعات محددة، لذلك فالحدة قد زالت في الأقلام النسائية، وهي تخط سطورها عن الرجل». وفيما يخص السيناريوهات فالأمر يختلف تماماً، كما تجد أمل؛ لأن أبعاد الشخصية المطروحة في أي عمل درامي تُلقي بظلالها على طريقة الكتابة، تعلّق أمل: «على الأغلب تلك الكتابة تكون شفافة وبعيدة عن الآراء الشخصية للكاتبة». تابعي المزيد: غزارة الإنتاج..هل تؤثر على مستوى الإبداع الأدبي؟     تيار من الغضب، التنفيس واللوم هبة قاضي هبة قاضي: على الكاتبات كسر سياق المظلومية!     الأب الحامي، والأخ المتسلط، والزوج المسيطر، والابن المعبود، هي صور نمطية تجدها هبة قاضي، كاتبة سعودية، في الكتابة العربية النسائية عموماً، تقابلها نماذج الأم المضحية، والأخت الخدومة، والزوجة المطيعة، والابنة الصاغرة. تتابع هبة: «هي سلبية أو إيجابية في سياقها، فالأب الحامي قد يكون مثال الرعاية والمعتمد عليه على الرغم من قسوته، والأم المضحية قد تكون مثال الحب والاحتواء على الرغم من ضعفها وقلة حيلتها، وتغيّر الظروف والتركيبة الاجتماعية، جعل الأسلوب الوصفي للرجل في قلم المرأة يتحول في تيار من الغضب، التنفيس واللوم». تعتقد هبة أنه علينا بوصفنا نساءً وكاتباتٍ كسر دائرة السياق المتكرر والمظلومية المتوارثة في كتاباتنا، سواءً عن الرجل أو المرأة، والنظر ملياً في واقعنا الحياتي الذي اختلفت تراكيبه وشخوصه، تعلق قائلة: «تلك هي مسؤوليتنا الفكرية نحو تشكيل المجتمعات وقناعات أفرادها».     كاتباتٌ صوّرن سلوكاً مررن به بأنفسهن الدكتورة ولاء الشحي الدكتورة ولاء الشحي: ما تم تصويره هو سلوك، يعتقد الناس أنّه حب!     بعض الكاتبات من النساء، كما تجد الدكتورة ولاء الشحي، كاتبة إماراتية، يكتبن انطلاقاً من تجاربهن العاطفية الخاصة، ويؤطرن صورة الرجل بالخائن والظالم، الذي يخذل المرأة، تتابع ولاء: «هذا موجود عندنا للأسف، لكن هناك بعض الأقلام التي تذكر الشوق، وحب السكون لهذا الرجل، وتصوره بأجمل الصور، على الأوراق، وأنا أصدرت في كتابي: «عذراً حبيبي»، هو ليس اعتذاراً للرجل، لكن خواطره كانت عتاباً حنوناً بين حبيبين». تجد د. ولاء، أن هناك قصصاً جميلةً أبدعت لأجله، تعلّق قائلة: «سبق أن كتبت مقالاً بعنوان: «تحيّة إلى الرجال»، لكن الإعلام أحياناً ركّز أكثر على الأدوار السلبية بين الرجل والمرأة، وفشل العلاقات، وجعل الحب محصوراً في الألم والخذلان والحرمان، مع أن الحب لا يمت إلى ذلك بصلة». «الحب مظلّة كبيرة من المشاعر»، كما تقول د. ولاء، و«ما تم تصويره هو سلوك، يعتقد الناس أنه حب، مرت به الكاتبات أنفسهن»، تعلّق: «لا أعمم، فهناك رجال قامة، ومثال للحب». تابعي المزيد: الكاتبات السعوديات وتسلط الرجل في الأدب العربي     لا وجود لصورة نمطيّة واحدة حنان جنان حنان جنان: المرأةُ لا تكتبُ عن الرّجل لتنتقم، بل تكتبُ عنه لتعيش     يعدّ الرّجل - حسب الدّكتورة والرّوائيّة وأستاذة القانون التونسية حنان جنان - مصدر إلهام لكلّ كاتبة نسائيّة. وهو أحد أبطال حكاياتها، يمنحها الفرصة لتتكلّم، وتحلم، وتعيش... ولا وجود لصورة نمطيّة واحدة للرّجل في الكتابات النسائيّة، فالرّجل محكيٌّ عنه بصيغة «رِجّال» يتنوّع حسب «الحكّاءة»، فتجعل منه محبّاً، وقويّاً، ومانحاً للحياة أحياناً، وتجعل منه خائناً، وضعيفاً، ومدمّراً للمرأة أحياناً أخرى، كما تجعل منه أيضاً جامعاً لكلّ هذه الأضداد. تعترف الرّوائيّة جنان أنّ المرأة تكتب عن رجل تحبّه، وتكتب أيضاً عن رجل تكرهه، وعن رجل تحترمه، وعن رجل تحتقره، وعن رجل تتمناه، وعن رجل تمقته، «فالأدب النّسائي ليس وسيلة المرأة للتشفّي من الرّجل، ووجود هذه النّماذج المتضادّة في الكتابات النّسائيّة هو رسمٌ لشخصيّاتٍ موجودةٍ فعلاً في مجتمعاتنا». وتضيف: «أنّ ما يشغل الكاتبة أوّلاً أن توفّق في إقناع القارئ عندما تحدّثه عن شخصيّاتها وأبطالها، وهذا يتطلّب منّها بحثاً معمّقاً في الجوانب النفسيّة والاجتماعيّة للشخصيّة».     الكتابة أحياناً وسيلة ثأر عن سبب الصورة السّلبيّة للرّجل في الكتابات النّسائيّة، تعتقد الروائيّة «أنّ الأمر يعود أحياناً إلى شخصيّة الكاتبة نفسها إذا كانت غير قادرة على التّعامل مع الرّجل في حياتها الشخصيّة بنديّة، أو غير قادرة على إعطاء رأيها بصورة مباشرة في الرّجل، فضلاً عن عدم قدرتها على المطالبة بحقوقها من الأب أو الأخ أو الزوج أو الزميل في العمل... فتتّخذ من الكتابة وسيلة «للثّأر» بكل ما فيه من تصعيد وتجنٍّ أحياناً، فيظهر الرجل في كتاباتها بصورة سلبية». تابعي المزيد: السّرقات الأدبية مؤلفات وأفكار ضائعة.. من يحميها؟ كاتبات يعترفن بدور الرجل نجاة رجاح أم سناء نجاة رجاح أم سناء: صورة الرجل في الكتابة النسائية تتفاوت وفق العلاقات الشخصية والاجتماعية     من المغرب أوضحت الكاتبة والشاعرة نجاة رجاح أم سناء أنها خلال ممارستها للكتابة، وقراءاتها لكتابات المرأة عموما والعربية على وجه الخصوص وجدت الصورة التي ترسمها الكاتبة للرجل في شعرها وسردها، كتجربة إبداعية وإنسانية تتفاوت بين كاتبة وأخرى. توضح قائلة: «هناك من تكتفي في كتاباتها على الذات الأنثوية البريئة، وتدين الرجل وتحاصره بصورته الوحشية كبطل شرير، كونه يضطهدها، ولا يعترف بحقوقها. وهناك كاتبات يعترفن بدور الرجل في حياتهن وإبداعه، كداعم ومشجع ورفيق درب وشريك فكر. وضمنياً هي دعوة للرجل لتبني هذه الصورة المثالية لتقدير كيان المرأة وإنسانيتها، استنادا للموروث الديني الإسلامي الذي يدعو إلى احترام وتقدير المرأة وحسن معاشرتها. ومن هنا نستخلص أن ثمة نموذجان لصورة الرجل في الكتابة النسائية: المتشح بثقافة ذكورية مستبدة وهي رمز للتسلط والهيمنة، والرجل الرومانسي، الأمين، المناضل، المحترم لعقل المرأة وإنسانيتها». وتضيف: «حضور وتمثل الرجل في الكتابة النسائية يعكس صورته في المتخيل النسوي؛ فنجد كلما صورت الكاتبة الرجل في تجليات الحنان والتفهم والاحتواء والبر تتكون صورة مثالية ينبغي أن يظهر بها الرجل في الواقع، أباً كان أو أخاً أو زوجاً أو ابناً. وصورة الرجل في الكتابة النسائية تتفاوت وفق العلاقات الشخصية والاجتماعية، فتبدو على عدة أوجه وتخرجها الكاتبة بأكثر من مظهر أو صورة. حيث تنفتح شخصية الرجل على رؤى متعددة. حيث نجد غالباً طغيان الجانب السلبي وبروز محتشم للجانب الإيجابي لصورة الرجل في العديد من الإنتاجات النسائية، علاوة على الصورة النمطية العادية. وهذا في نظري له مرجعية مرتبطة بتكوين وتركيبة المجتمع العربي، ورؤية الكاتبة وموروثها التاريخي والواقع الإنساني».     أجنح إلى الرجل المتفهّم د.ريما نجم الدكتورة ريما نجم: أكتب عن الإيجابيات ولا أغفل السلبيات لأن القضية قائمة     تعدّ الإعلامية الأديبة الدكتورة ريما نجم في حديثها أن «الكاتبات الإناث اللواتي يتمتعن بانحياز إلى المرأة أو النساء بصورة عامة، قد يجنحن من خلال كتاباتهن إلى اضطهاد الرجل، أو بمعنى آخر توريطه في مواقف وأمور مستقاة من الأمر الواقع. وهي موجودة وكلنا نشاهدها من خلال وسائل الإعلام، أو مواقع التواصل الاجتماعي؛ كتعنيف الرجل لزوجته أو شقيقته أو حتى والدته أحياناً... أي تسليط الضوء على قساوة وظلم الرجل تجاه المرأة من خلال كتاباتهن». وتضيف: «من وجهة نظري أنا أحترم وأقدّر الرجل لأن الرجل المتمثّل في حياتي هو رجل ذو مزايا، كريم النفس، متساهل، مرن، يحترم المرأة... لذلك عندما أكتب ويكون موضوعي عن الرجل فبالتأكيد لن أكون ضده، بل أكتب من زاوية تجاربي في الحياة، أي من خلال تجربتي مع والدي وتعامله مع العائلة، تعامل إخوتي معنا... هذه الأمور أكتب عنها لأنها قدوة في الاحترام والتقدير للآخرين بالإضافة إلى المحافظة على الحرية الشخصية لكل فرد. وهذا الأمر ينطبق على الرجال الذين قابلتهم في حياتي أيضاً، كانوا رجالاً محبين ومقدّرين للمرأة إلى حدّ ما، بالإضافة إلى مرونتهم في التعاطي معها». توضح د. نجم: «كل كاتبة تتمتّع بميزة تجعلها مختلفة عن كاتبة أخرى، وهذ الأمر يتعلق بخصوصيتها بالتطرّق إلى المواضيع ربما لجذب جمهور النساء إلى كتاباتها أو كتبها أو مقالاتها... أو بهدف تسليط الضوء على أمر واقع صعب وموجود في المجتمعات الفقيرة، أو حتى في بعض المجتمعات الراقية، كأن يلعب الرجل دور الديكتاتور تجاه زوجته وفرض أمور عليها القيام بها كبعض الواجبات الاجتماعية. أعود وأقول إنني أكتب عن الإيجابيات ولا أغفل السلبيات؛ لأن القضية قائمة وموجودة في بعض المجتمعات في العالم العربي، ولا أستطيع التغاضي عنها. كتاباتي مستقاة من صميم الواقع، ولكنني أجنح إلى الرجل المتفهّم الذي يساوي نفسه بالمرأة داخل وخارج المنزل. الموضوع ذو حدّين ومع هذا أنا دائماً أتعاطف مع المرأة المظلومة والمغبونة والمقتولة والمعنّفة». تابعي المزيد: أشهر الكاتبات العربيات     دور وسائل التواصل الاجتماعي د. نهاد إبراهيم الدكتورة نهاد إبراهيم: هي رؤية مثل موجة البحر، عديمة الملح، ليس لها طعم أو ذوق     تؤكد د. نهاد إبراهيم، شاعرةٌ وقاصّةٌ من مصر، أنّ وسائل التواصل الاجتماعي روّجت لمثل هذه الأفكار عن صورة الرجل النمطية، تستدرك قائلة: «هناك مبدعاتٌ يضعن الرجل وفق رؤية فنية درامية ليس لها علاقة إطلاقاً بفكرة قهر المرأة الشرقية، تتابع: «لي قصة قصيرة بعنوان «الباب الأحمر»، وهي لحبيبَيْن اتفقا على كل اشتراطات الزواج، إلى أن وصلا إلى باب شقتهما التي كانت مدهونة باللون الأحمر، والتي تعشقها الحبيبة، فيهرب الحبيب من تلك المشكلة، ويتخلى عن حبه بالارتباط، وقامت العروس بدهان باب الشقة بالأبيض، ووضعت عليه لافتة «الباب الأحمر»، التي من خلالها حافظت على خيالها وحبها في آن واحد». وترى د. نهاد أن إظهار بعض الكاتبات الرجل بسلبية، حتى لو كان أباً أو زوجاً أو حبيباً، «هي رؤية مثل موجة البحر، عديمة الملح، ليس لها طعم أو ذوق محتّمان». تابعي المزيد: في يوم المرأة الإماراتية الكاتبة أسماء المطوّع: أتصور أديبات المستقبل أكثر انفتاحاً    

مشاركة :