تيد كروز.. السيناتور الطموح في مواجهة التحديات

  • 1/10/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

برز اسم السيناتور تيد كروز، وهو جمهوري يمثل ولاية تكساس في مجلس الشيوخ الأميركي، خلال الأسابيع الأخيرة في استطلاعات الرأي، وبات المنافس الأقوى للملياردير اليميني المتطرف دونالد ترامب في سباق الظفر ترشيح الحزب الجمهوري لخلافة باراك أوباما في البيت الأبيض في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ويرى المراقبون أن كروز يتمتع بأفضليتين مهمتين عن معظم منافسيه، هما: أولاً تمثيله ولاية ضخمة هي تكساس، وثانيًا انتماؤه للأقلية الأميركية اللاتينية، أسرع الأقليات الأميركية نموًا وأوسعها حضورًا في الولايات الأميركية الكبرى الثلاث؛ كاليفورنيا، وتكساس، وفلوريدا. تتزايد سخونة النقاشات داخل الحزب الجمهوري الأميركي قبل بداية التجمّعات التمهيدية المعدّة لبدء مسار اختيار مرشح الحزب لانتخابات رئاسة الجمهورية في الخريف المقبل. ومن المقرر أن تشهد الأسابيع المقبلة سلسلة مهمة من المناظرات بين المرشحين الجمهوريين تبدأ في ولاية ساوث كارولينا يوم 14 يناير (كانون الثاني) الحالي، تليها مناظرة في ولاية أيوا في 28 يناير قبل أيام من التجمّع الجمهوري الأول في أيوا. ثم تحل وفق الروزنامة المعدة للحملة مناظرة في ولاية نيوهامشير يوم 6 فبراير (شباط)، يليها التجمع الجمهوري الثاني في 9 فبراير، ثم تأتي مناظرة جمهورية في ساوث كارولينا في 13 فبراير، يليها تجمع جمهوري تمهيدي في 20 فبراير وفي نيفادا يوم 23 فبراير، ثم مناظرة أخرى مهمة جدًا في تكساس يوم 26 فبراير. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن المرشح اليميني دونالد ترامب لا يزال متقدما عن بقية منافسيه في سباق الجمهوريين ويتقدم بشكل كبير في ولاية نيوهامشير، في إقليم نيو إنغلاند بشمال شرقي الولايات المتحدة. إلا أنه مع بداية العام الجديد، سطع نجم مرشح منافس لديه كل المؤهلات للسير بعيدا في المعركة الرئاسة هو تيد كروز، السيناتور من تكساس، الذي بات منافسًا جديًا لترامب وأخذ يجذب أنظار المجمع الجمهوري إليه بقوة، وبنتيجة هذا البريق المستجد لترشح كروز تنبه ترامب إلى خطره على فرصه، فبدأ يشن ضده حملات انتقادية مريرة. ويرى مراقبون أن وراء القلق ما يبرره، لا سيما أن كروز حقق بالفعل تقدما واضحا في عدد من استطلاعات الرأي على الملياردير المتطرف. إذ قد أظهر استطلاع للرأي لصحيفة «هيفينغتون بوست» تقدم كروز بنسبة 30.8 في المائة، يليه ترامب بنسبة 28.4 في المائة ثم السيناتور ماركو روبيو (ولاية فلوريدا) في المرتبة الثالثة بنسبة 12.5 في المائة، بينما تراجع كل من طبيب الأعصاب المتقاعد بن كارسون والحاكم السابق لولاية فلوريدا جيب بوش. أما بالنسبة لاستطلاعات المنافسة في ولاية نيو هامبشير فإنها ما زالت تظهر تقدمًا كبيرًا لترامب، مقابل إظهار استطلاعات الرأي الوطنية حتى الآن تقدم ترامب بنسبة 35 في المائة مقابل 18 في المائة لكروز مقابل 13 في المائة لروبيو، مع حصول بن كارسون على نسبة 9.7 في المائة، بينما يحصد بقية المرشحين على نسب لا تجاوز أصابع اليد الواحدة. المهم، أنه حتى الآن يقول الناخبون إن تيد كروز هو الخيار الثاني في اقتراعات الحزب الجمهوري أكثر من أي مرشح آخر. غير أن هذا المرشح الذي يرى كثيرون أن فرصته بعد تقدم المعركة في فصل الربيع ستكون أكبر من فرصة ترامب، يواجه مشكلة يحرص بعض منافسيه على استغلالها وتضخيمها واللعب على وترها. فلقد أثير جدل كبير حول أهلية السيناتور التكساسي للترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة لكونه ولد في كندا وليس على الأراضي الأميركية، كما أنه يحمل أيضًا الجنسية الكندية. وجدير بالذكر، أن القوانين الأميركية تنص على وجوب أن يكون المرشح لمنصب الرئيس مولودا على الأراضي الأميركية، حيث تنص المادة الثانية من مواد تشكيل السلطة التنفيذية بالدستور الأميركي أنه «لا يجوز لأي شخص سوى المواطن الأميركي المولد أو مواطني الولايات المتحدة في وقت إقرار هذا الدستور – أن يكون مؤهلا لمنصب الرئيس». ولقد ستغل دونالد ترامب هذه النقطة ليشن هجوما ضاريا على كروز مشككًا بأهليته في دخول السباق الرئاسي. كذلك هاجم السيناتور جون ماكين - وهو مرشح جمهوري رئاسي سابق - السيناتور كروز، وانتقد ترشحه خلال مقابلة مع شبكة «سي بي إس» التلفزيونية معتبرًا أن «حمل كروز الجنسية الكندية يشكل عائقا شرعيًا شرعيا أمام ترشحه للرئاسة الأميركية». * من هو تيد كروز؟ من جانبها، تقول شبكات الإعلام الأميركية إن كروز تخلّى عن جنسيته الكندية في وقت مبكر من العام الماضي قبل بدئه بداية حملته الانتخابية. ولكن الثابت أن السيناتور عن ولاية تكساس - واسمه الكامل رسميًا هو إدوارد رافائيل كروز (46 سنة) المعروف باسم تيد كروز - من مواليد مدينة كالغاري في ولاية ألبرتا بغرب كندا، يوم 22 ديسمبر (كانون الأول) 1970، ولكن لأبوين أميركيين. وإن أمه هي الأميركية إليانور دل من مدينة ويلمنغتون بولاية ديلاوير قرب مدينة فيلادلفيا، وأما أبوه فهو رافائيل كروز المواطن الأميركي الكوبي الأصل. تلقى تيد كروز تعليمه في جامعتين من أرقى جامعات أميركا والعالم، إذ تخرج بدرجة البكالوريوس من جامعة برينستون عام ثم في كلية الحقوق بجامعة هارفارد عام 1995. وبعد تخرجه منصب مدير مكتب تخطيط السياسات في لجنة التجارة الاتحادية بين عامي 1999 و2003 وعمل نائبا مساعدا للنائب العام في وزارة العدل الأميركية ومستشارا للسياسة الداخلية للرئيس جورج بوش في جملته الانتخابية الرئاسية في عام 2000. كذلك عمل كروز أستاذا للقانون من عام 2004 إلى عام 2009 في مدرسة القانون في جامعة تكساس بمدينة أوستن. وهو الأميركي من أصل كوبي صاحب المدة الأطول للخدمة في منصب النائب العام في ولاية تكساس، كما أنه اليوم واحد من ثلاثة أعضاء بمجلس الشيوخ من أصل كوبي. في مضمار السياسة، في يوليو (تموز) 2012 رشح كروز نفسه لمقعد مجلس الشيوخ وألحق الهزيمة بمنافسه الديمقراطي بول سادار في الانتخابات العامة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012. وهو يرأس اليوم اللجنة القضائية لرقابة داخل مجلس الشيوخ كما يرأس اللجنة الفرعية للتجارة والفضاء والقدرة التنافسية وفي نوفمبر 2012 تم تعيينه نائبا لرئيس اللجنة الوطنية الجمهورية بمجلس الشيوخ. وخلال عمله بمجلس الشيوخ بالكونغرس رعى كروز 25 مشروع قانون منها مشروع قانون للرعاية الصحية بأسعار معتدلة، ومشروع قانون لحظر استخدام طائرات من دون طيار لقتل مواطني الولايات المتحدة داخل الولايات المتحدة ومشروع قانون لمحاكمة المجرمين والخارجين عن القانون الذين يشترون أسلحة نارية بشكل غير قانوني. ومن أبرز مشاريع القوانين التي دعمها كروز داخل مجلس الشيوخ هي مشروع قانون للسماح للولايات إثبات محل المواطنة للتسجيل في التصويت في الانتخابات الاتحادية ومشروع قانون آخر لزيادة إنتاج الفحم والغاز الطبيعي، ووافق على مشروع خط أنابيب كي ستون الذي عارضه الرئيس أوباما. * فرصه الانتخابية الخبراء يرون أنه في حالة نجاح تيد كروز بالفوز بدعم الحزب الجمهوري والفوز بمنصب الرئاسة فإنه سيكون أول رئيس للولايات المتحدة تحمل شهادة ميلاده اسم دولة أخرى في محل الميلاد، بسبب مولده في كندا. ويتندر بعض المعارضين لكروز حاليًا في هذه المسألة متسائلين: «ماذا لو كان كروز مولودًا في كوريا الشمالية.. هل سيمكن قبوله في منصب رئيس الولايات المتحدة؟». يجزم الخبراء بأن هذا الأمر يشكل قلقًا كبيرًا داخل الحزب الجمهوري، ويثير مشكلة كبيرة في حال فوز كروز بترشيح الحزب الجمهوري. غير أن قادة حملة كروز، يدعمهم بعض الخبراء القانونيين، ولا سيما من الليبراليين، يصرون على أن القانون الأميركي يعطي الطفل المولود بالخارج لأبوين أميركيين، الجنسية الأميركية عند الولادة، لكن ما زال الجدل مستمرا حول أهلية كروز في حال فوزه بمنصب الرئيس لأنه يمكن لأي شخص أن يذهب إلى المحكمة الدستورية ويطعن في مؤهلات كروز. ثم إن الجمهوريين أثاروا عاصفة إعلامية بعد فوز باراك أوباما بالرئاسة طارحين عدة علامات استفهام حول أصله.. وما إذا مولودًا حقًا في الولايات المتحدة. إذ واجه أوباما بعد انتخابه رئيسا للولايات المتحدة حملة تشكيك واسعة قادها ترامب بالذات وشكك فيها بأن يكون قد ولد داخل الولايات المتحدة، وبعد عدة أشهر من حملات التشكيك المحمومة اضطر البيت الأبيض إلى نشر شهادة ميلاد أوباما الرسمية التي تؤكد ولادته داخل الأراضي الأميركية. في أي حال، يبدو أن الجدل سيستمر، بل ويتزايد خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، حين ترتفع حرارة المناظرات والتجمعات التمهيدية الجمهورية مع محاولات ترامب حماية نفسه بتوجيه النقد وحملات التشكيك ضد منافسيه الجمهوريين والديمقراطيين على السواء. وكذلك داخل صفوف تيار اليمين الجمهوري المحافظ الذي كان وراء التشكيك بـ«أميركية» أوباما، ما يمكن أن يهدد بانقسام بين المحافظين الجمهوريين الذين ينتمي إليهم كروز وترامب وروبيو، الذين يحتلون الآن المواقع الأقوى في المعركة الانتخابية. من ناحية أخرى، هناك بوادر أن خلفية كروز تثير حفيظة مرشحين آخرين من المحافظين الذين يتشددون كثيرًا في مسائل الهجرة والمهاجرين غير الشرعيين. ومن هؤلاء السيناتور اليميني السابق من ولاية بنسلفانيا ريك سانتورم، الذي يصف مواقف السيناتور كروز من قضايا الهجرة بـ«الضعيفة». ومن ناحية ثانية، لمح مرشح جمهوري يميني آخر هو مايك هاكابي (حاكم ولاية أركنسو السابق) إلى «افتقار كروز للخبرة التنفيذية». ولكن، بغض النظر عن تلك القضية الجدلية التي سيتابع الإعلام الأميركية أجواءها بسكاكين حادة فإن مساندي حملة السيناتور كروز يرون فيه مرشحا صاحب شخصية جذابة للغاية، ويستطيع التأثير على الناخبين وكسب ثقتهم. بل ويقر حتى خصوم كروز في تيار اليمين الجمهوري بأنه يتمتع بمستوى عالٍ من الذكاء وقوة الإرادة، وأنه سيتمكن من التغلب على منافسيه والفوز بدعم الحزب الجمهوري. وحاليًا يجد تيد كروز دعما قويا من الأصوات الدينية المحافظة داخل الحزب الجمهوري لمساندته للقضايا الاجتماعية والمواقف المعارضة لزواج المثليين وقضايا الإجهاض والموقف المتشددة من قضية الهجرة غير الشرعية. وكانت كلمات كروز الأولى في استراتيجيته خلال إطلاق حملته الانتخابية أنه يريد الحصول على الأصوات الدينية المحافظة. ولقد سبق أن ساند التيار الإنجيلي المتشدد ودعمت المجموعات المحافظة في الحزب الجمهوري في السابق كلا من الرئيس الأميركي السابق جورج بوش والحاكم السابق هاكابي والسيناتور السابق سانتورم في الانتخابات التمهيدية الرئاسية الثلاث السابق للحزب الجمهوري. غير أن المرشح بن كارسون يعتبر اعتماد كروز على المتشددين المتدينين هو «بمثابة اللعب بالدين»، وذهب كارسون أبعد من ذلك للتشكيك في مدى عمق الإيمان الإنجيلي المسيحي لدى كروز. وبجانب معارضو كروز الإجهاض وزواج المثليين والزواج المدني، وإيمانه بأن الزواج بين رجل واحد وامرأة واحدة مع قبوله بترك الزواج من نفس الجنس لكل ولاية لتتخذ قرارها في مدى شرعية هذا الإجراء، يعارض كروز مشروع الرئيس أوباما كير للرعاية الصحية. وبالفعل اعتمد موقفا متشددا في قضايا الهجرة كما يعارض تقنين الماريغوانا. وعلى صعيد السياسة الخارجية، انتقد كروز مرارا السياسات الخارجية للإدارة الأميركية، وشن هجوما ضاريا على الاتفاق النووي الذي أبرمته إدارة أوباما مع إيران. واتهم كروز أوباما بأن إدارته ستصبح الممول الرئيسي للإرهاب الإسلامي المتطرف. ومن ثم، اعتبره الجمهوريين الخصم العنيد لـ«خطة العمل المشتركة الشاملة».. أي الاتفاق النووي مع إيران. وعلى الرغم من كون كروز من أصل كوبي، فإنه عارض - مثل كثيرين من أبناء الكوبيين الأميركيين اليمينيين - عارض بشدة التقارب بين الولايات المتحدة مع الحكم اليساري في كوبا. ووصف كروز «ذوبان الجليد» في العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا بأنه «مظهر من مظاهر فشل السياسة الخارجية لأوباما وهيلاري كلينتون وجون كيري». وقال إن «التاريخ سيذكر ذلك بوصفه خطأ مأساويًا». وبالنسبة للأزمة السورية، يعارض كروز استقبال اللاجئين السوريين في الولايات المتحدة والسماح بحذر للاجئين بالدخول إلى الولايات المتحدة ويطالب بإعادة توطين اللاجئين السوريين في الدول العربية والإسلامية. ولا يدعم كروز تدخلا عسكريا أميركيا في سوريا، مع أنه يدعو لإقامة منطقة حظر طيران في شمال سوريا وتسليح الأكراد لمكافحة تنظيم داعش. * مواقف الليبراليين تجاهه وحسب المراقبين، فإن شعبية كروز لدى اليمين المسيحي المحافظ لا تضمن له أصوات كل أجنحة الجمهوريين، خاصة الجمهوريين الليبراليين الذين يطالبون بإصلاح شامل لقضايا الهجرة، بينما يعارضه كروز وتيار من المحافظين المتشددين. بل إن بعض المحللين يشيرون إلى أن السيناتور التكساسي ليس قادرا على جذب الناخبين المستقلين، علاوة على أن أصوات تيار المحافظين والدينين الإنجيليين باتت أكثر تعقيدًا بكثير مما كان عليه قبل عدة سنوات. ويتعقد الأمر مع مواقف كروز وخلافاته مع عدد من أبرز القادة الجمهوريين، فكثيرا ما اصطدم كروز مع السياسيين الجمهوريين الآخرين، بل إن الخبراء يشيرون إلى علاقاته المتوترة مع مختلف أعضاء الحزب الجمهوري داخل الكونغرس التي تعد مظهرا سلبيا ومؤشرا لما يمكن أن تكون عليه الخلافات في حال توليه لمنصب رئيس الولايات المتحدة. ولقد وصف كروز بعض الجمهوريين الذين يتشككون في مقوماته لمنصب الرئاسة بأنهم «تجمع الاستسلام». وراهنًا، يرصد الخبراء توترا كبيرا في علاقة كروز وبالسيناتور جون ماكين من جانب وتوترا آخر بينه وبين وزعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل. وفي خضم هذه التشابكات، ينتقد معارضو كروز تاريخه ويرشقه بعضهم بتهمة الانتهازية، وأنه يغير مبادئه ومواقفه وفقا للموقف ووفقا لجمهور المستمعين. ويدلل المعارضين بموقف كروز من قضايا الهجرة حين دافع في السابق عن زيادة برنامج منح التأشيرات للمهاجرين، لكنه بعد حادث إطلاق النار في مدينة سان برناردينو بكاليفورنيا غير موقفه وأصبح معارضا لبرامج الهجرة وأكثر تشددا في منح تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة.

مشاركة :