يرفض الكاتب الصحفي جهاد العبيد أن تجعل الولايات المتحدة من السعودية وقرارات أوبك+ شماعةً تعلّق عليها الإدارة الأمريكية أزمتها الداخلية، لتضعها المملكة دائمًا في وجه الانتقاد والهجوم، معتبرًا أنه الطريق الأسهل لإخلاء المسؤولية من فشل السياسات الداخلية الأمريكية، التي تعيش انقسامًا حادًّا، ومعارك سياسية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة. قرارات أوبك+ اقتصادية لا تتم إلا بإجماع وفي مقاله "عفوًا سيدي.. لسنا شماعة!" بصحيفة "الرياض"، يقول العبيد: "أقرّ تحالف أوبك+ تخفيض الإنتاج بمليوني برميل يوميًّا، كأكبر تخفيض منذ عامين، ومن المعروف أن هذه القرارات لا تتم إلا بإجماع 23 دولة هي أعضاء التحالف، وعادةً لا تتخذ أوبك+ أي قرار إلا بعد دراسة مستفيضة لأحوال الاقتصاد العالمي، والذي يرى المحلّلون أنها إحدى أصدق القراءات لمستقبل الاقتصاد؛ حيث يتوقّع أن يتباطَأ النموّ في عام 2023م؛ مما يهدّد بدخول كبرى الاقتصادات العالمية في مرحلة ركود، وبالتالي انخفاض الطلب على النفط، ولذلك كانت هذه الخطوة الاستباقية للحفاظ على استقرار الأسواق، ورغم الخلافات السياسية العميقة بين بعض أعضاء التحالف، والتي تصل أحيانًا حدَّ القطيعة، إلا أن الاتفاق والإجماع الحاصل هو دليل على أن القرار اقتصادي بحت، ولا تدخل فيه أي مكاسب وحسابات سياسية خاصة". أمريكا الفاشلة تلقي اللوم على السعودية ويرفض "العبيد" أن تلقي الإدارة الأمريكية الفاشلة مسؤولية فشلها على السعودية، ويقول: "رغم ذلك تأبى الساحة الأمريكية إلا بتحميل المملكة العربية السعودية مسؤولية هذا القرار وحدها، وتُلقي اللوم عليها بأزمتها الداخلية لتضعها دائمًا في وجه الانتقاد والهجوم، وهو الطريق الأسهل لإخلاء المسؤولية من فشل السياسات الداخلية الأمريكية، التي تعيش انقسامًا حادًّا، ومعارك سياسية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة؛ ولذلك نرى إزبادًا وإرعادًا من مسؤولين وسيناتورات وإعلام بسبب هذا التخفيض، مطالبين إما بعقوبات، أو تقليص تعاون، أو سحب قوات، أو وقف إمدادات عسكرية، وكأن المملكة تحصل على ذلك مجانًا وليس بمقابل، مصورين زورًا أنها طعنة في ظهر الولايات المتحدة، وأن الهدف منها دعم بوتين في حربه على أوكرانيا، والإضرار بالمصالح الغربية". لسنا شماعة ويضيف الكاتب: "المضحك في الأمر ليس اعتراضهم على التخفيض بحدّ ذاته، بل على توقيته الذي يسبق الانتخابات النصفية هناك، فلا مانع لديهم بأن يتمّ التخفيض بعد شهر من الآن لكي لا تتأثّر الانتخابات؛ فمن السخرية والغرور والغطرسة أن يظنّ المسؤول الأمريكي أن تخفيض أوبك+ لإنتاجها هو للتأثير على الانتخابات المحلية لولاية بنسلفانيا مثلًا، وهذا يثبت أن الساسة هناك إما يعيشون في فلكهم الخاص، أو أنهم يتخذون المملكة كشماعة سهلة عند كل أزمة، فلم يخرج أحد منهم ويطالب بإعادة تقييم العلاقة مع باقي الـ22 دولة التي أقرّت القرار، ولم يناقش أحد تفاصيل القرار وحيثياته ومسبباته ومبرراته، بل دخل الساسة الأمريكيون كعادتهم مؤخرًا في نفق الابتزاز السياسي، الذي أثبت فشله مرارًا". من حقّ كل دولة أن ترعى مصالحها وينهي "العبيد" قائلًا: "من حق كل دولة أن ترعى مصالحها الخاصة، وأن تسعى لحمايتها، وأن تتقبّل أن تفعل نظيراتها نفس الأمر، والمملكة العربية السعودية ليست استثناء، فكما قال سمو سيدي ولي العهد: "سياستنا هي مصالح المملكة العليا وأمنها القومي"، ولا عجب في ذلك من قائد تهمّه رفاهية بلاده ويسعى لرُقيّها، وستمضي المملكة في تحقيق مصالحها والعمل عليها، سواء أعجب ذلك العم سام أم لا".
مشاركة :