«ما ليس له أول ليس له ثاني»، وحين يتعلق الأمر بالأغنية الكويتية التي تربعت عدة سنوات على عرش الموسيقى والكلمات والأصوات الرائعة، فإن حالة التردي أو التراجع التي تشهدها في السنوات الأخيرة أصبحت أمراً مؤسفاً، ليس لصناع الأغنية والعاملين بالوسط الفني والموسيقي فقط، بل للمستمعين والجمهور، الذي أصبح يعاني في إيجاد عمل جديد يرضي ذائقته الفنية، فيعود أدراجه، ويبحث في مكتبته القديمة الأصيلة والأعمال التي لا تنسى، والتي تحمل من الذكريات والفن والإبداع والإحساس ما يجعلها عابرة للأزمان، وقادرة على مواجهة التحدي والتفوق على مخرجات ثورة التسجيل والتراكات، وتركيب الأصوات والألحان، بصورة تضاءل فيها العنصر البشري، وتضاءلت معه اللمسة الفنية والإبداع الإنساني، والحس المباشر العفوي الذي يتبادر إلى الأوتار بوحي من الإلهام والتدفق الإبداعي... «الجريدة» استطلعت آراء عدد من العاملين والمهتمين بالقطاع الموسيقي والغنائي بالكويت، حول واقع الأغنية الكويتية، وسبب أزمتها، وتراجعها، وأشارت أغلب الآراء إلى تراجع دور الدولة والقطاع الخاص في تحقيق المعادلة الممكنة التي تقول إن العمل القوي يحقق أرباحاً، بدلاً من الاستسهال وسياسة «تيك أواي» التي امتدت حتى نالت الفنون، وأفقدتها مشاعرها والحس الإبداعي بها، وفيما يلي التفاصيل: قال الفنان صالح عبدالله مدوه، المعروف بالشاعر الغنائي ساهر، إن الأغنية الجيدة لاتزال موجودة ولكنها تقاوم تيارا قويا من الهبوط، نتيجة اختلاف كبير في الجو العام اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا وثقافيا أيضا في الوطن العربي، وليس الكويت فقط. وأضاف ساهر أن الأغنية لم تعد مثلما كانت، من حيث الشكل مثلا كالأغنية التي تتضمن مقاطع أو «كوبليهات»، فنجد بعض الأغنيات التسجيل فيها سيئ وصوت المغني سيئ، ومع ذلك تخرج للناس وتحقق إقبالا، وللأسف لم يعد الصوت الجيد أحد عناصر الأغنية الناجحة، وفي هذا تشوه كبير في معايير الأغنية الجميلة. لقب مطرب وأكد ساهر أن القليل من المغنيين الآن من يحظى بلقب مطرب، لأن كثيرين يغنون وليس لهم علاقة بالغناء، كما أن هناك كتابا ليس لهم علاقة بالكتابة. وأرجع تراجع مستوى الأعمال الغنائية الجديدة إلى تراجع الدور الإنتاجي، وعدم وجود شركات الإنتاج الداعمة للأصوات الجميلة، بسبب مواقع التواصل الاجتماعي التي قضت على فكرة حقوق الإنتاج والملكية الفكرية، إذ أصبح كل شيء متاح للجميع، والحفاظ على الحقوق الإنتاجية لعمل ما أصبح أمرا أشبه بالمستحيل. شركات الإنتاج وقال ساهر: «إن شركات الإنتاج التي نلقي عليها باللائمة أحيانا في التخلي عن دعم الأغنية، هي أيضاً معذورة، لأنها من حقها أن تحقق الربح، أما البحث عن النجاح فهو دور الفنان لا المنتج، لذلك فإن الأغنيات التي تحقق أرباحا وملايين المشاهدات عبر اليويتوب ليست أغاني شارع يمكن سماعها في أي مكان كالمطاعم أو المقاهي أو الرحلات، وكأن هذه الأرقام بالملايين غير حقيقية وليس لها وجود على أرض الواقع، وهو تفسير سرعة زوال تلك الأعمال رغم مشاهداتها الهائلة على اليويتوب». وضرب مثالا بأغنية «برافو عليك» للمطربين الشباب بدر الشعيبي وعبدالعزيز لويس وحنين، مؤكدا أنها أغنية جميلة أعجبته، وأنها من الأغنيات التي يمكن أن يتقبلها أو يستمع لها، حيث تحمل مكونات الأغنية الناجحة مع بعض المبالغات في الآلات أو الصورة، ولكن هناك ألوان وأصوات أخرى غير مقبولة، مشيرا إلى إعجابه بأغنية «ستو أنا» التي يستمع لها كثيرا، رغم أنها تعتبر مونولوجا أكثر منها أغنية، موضحا أن بها جماليات عدة كجملة «فاتح شباكي فاتح شيشي» الغنائية، ولكن لا يوجد مقارنة بين هذه الأعمال رغم نجاحها والحالة التي نشعر بها مع أغنيات وردة، أو عبدالحليم حافظ، أو أم كلثوم. وأكد ساهر أن هناك مطربين يكافحون من أجل مواكبة التطور دون الهبوط بمستوى أعمالهم أمثال نبيل شعيل، وشيرين، وعبدالله الرويشد، ولكن لايزال قديمنا أفضل من حديثنا رغم تلك الجهود، كما أن الأصوات الجيدة تحتاج إلى دعم مادي كبير، نتيجة الزحام الكبير من الأصوات والأعمال التي يصعب معها أن ترى شيئا لامعا، كما أن المستمع لايزال يبحث عن العمل الجيد. وأعرب عن أسفه لتراجع دور الإذاعة في دعم الأصوات الجيدة والملحنين والشعراء من القدامى أو الشباب، من خلال تكلفهم بتنفيذ عدد من الأغنيات سنويا، وهو ما كان يحرك المياه الراكدة نوعا ما، أما الآن فالمطرب ربما يتكبد قرضا أو يصرف من راتبه ومدخوله لكي ينفق على انتاج أغنية ارتفع سعرها كثيرا، كما أن هناك ملحنين من الشباب موهوبين لديهم فرصة للتعاون معي أو مع غيري من شعراء كبار كبدر بورسلي أو عبداللطيف البناي، ولكن لا يستطيعون تقديم أعمالهم لأن المطربين الكبار أصبح انتاجهم قليلا بالعام لا تتجاوز «ميني ألبوم»، وهو ما يقلل عدد الفرص أمام المواهب. اللهجة البيضاء وقال الفنان الموسيقي فتحي الصقر، إن الأغنية الكويتية تغيرت على كل مستويات ومنها المفردة المحلية التي تلاشت للأسف، وحل محلها المفردة الخليجية البيضاء، وعلى مستوى الموسيقى أيضا أصبح هناك توجه من الملحنين والموزعين على أرتام موسيقية لدول خليجية أخرى، ما ضاع معه الهوية الكويتية للأغنية. وأضاف: «في السابق كنا نسمع اللحن فنقول هذا سعودي أو إماراتي أو بحريني أو قطري أو عماني، أما الآن فقد انطمست تلك الهويات التي متعتنا في السابق وصنعت ذائقتنا الموسيقية، وذلك نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات». وأشار إلى أن الكويت كان لديها فرقة موسيقية قبل الغزو الغاشم، وكانت داعمة للشباب والفنانين بالإذاعة، وعام 1991 اختفت الفرقة الموسيقية بالإذاعة، التي كانت تعتبر الجهة الولادة للملحن والمطرب والشاعر، ومع ضعف دور الإذاعة انتقل الإنتاج لسوق التجاري، كشركات النظائر، ورمكو، ودنون، وزيدفون، وكانت داعمة للفنانين، وبعد منتصف التسعينيات حتى الآن انتقل الإنتاج الفني من الكويت إلى خارجها مثل الإمارات، والمملكة العربية السعودية، التي تضم أكبر شركات الإنتاج حالياً. وأكد الصقر وجود العديد من المواهب الشابة بالكويت، والمتسلحين حاليا بأفضل وسائل التكنولوجيا الحديثة، مما يدعمهم بالمزيد من الفرص، ويسهّل عملهم، على عكس ما كنّا عليه نحن كموسيقيين وعازفين في السابق، حين كنّا نسجل الأغنية الواحدة بعد أشهر من البروفات الحية، حتى ظهرت التراكات الموسيقية في الثمانينات، وبعدها موجة التسجيل ديجيتال. وفي المقابل، أشار الصقر إلى أن تلك السهولة التي واكبت تطور عملية التسجيل الموسيقي والألحان كانت لها مساوئ عدة؛ أهمها فقدان الإحساس باللحن، إذ أصبحت الموسيقى معلّبة وجاهزة ومسجلة مسبقا بأحد استديوهات القاهرة التي تعتبر أم الفنون، ثم يتم إرساله إلكترونيا، ويتم تركيب الصوت عليه بالكويت، ثم يُعاد إلى القاهرة لإنهاء عملية التسجيل، ولذلك، فإن التكنولوجيا ما خدمتنا فيما يتعلّق بالإحساس والإبداع التي هي أهم مقومات العمل الفني. وعلى الرغم من ذلك، لفت الصقر إلى أن هناك بعض الفنانين متمسكون بالفن الحقيقي، يحافظون على اللحن والإيقاع الكويتي، ويعملون على تطويره ومواكبته العصر دون تخريب القديم، منهم الفنانون محمد المسباح، وسلطان مفتاح، وحمد المانع، لكنّ نظرا لأنّ العمل الفني أصبح مشتركا، فتجد الملحّن سعوديا أو الشاعر إماراتيا أو العكس، فقدنا مفرداتنا الخاصة بنا، ولم نعد نسمعها، ولذلك فإن الأعمال الجديدة عمرها قصير لا تتجاوز أياما، وبالأكثر عدة شهور ثم تختفي وتُنسى، لأنها لا تلمسنا ولا تقترب من بيئتنا، على عكس أغنياتنا التي مرّت عليها عشرات السنين ولا نزال نستمتع بها، حتى بدأ البعض يتجه إلى تجديد الأغنية القديمة، لأنّ «ما ليس له أول ليس له تاني». من جانبه، قال الملحن عبدالله القعود إن الأغنية تحدد بصناعها وليس بمحل إنتاجها، ومنها على سبيل المثال أغنية «ابعاد كنتم» للمطرب السعودي محمد عبده، لكنّها كلمات الشاعر فائق عبدالجليل وألحان الموسيقي يوسف المهنا، وكلاهما كويتي، ولذلك لا يمكن القول إنها أغنية سعودية، لكنها كويتية ناجحة وخالدة. مركز الفن وأضاف القعود أن الأغنية الخليجية لا تزال متألقة، ولها جمهورها العريض ليس في دول الخليج فقط، بل بالوطن العربي كله، ولكن بالتركيز على الأغنية الكويتية تحديدا، فصنّاعها موجودون وأقوياء، سواء الأصوات أو الألحان أو الكلمات، ولكن ما يلاحظ الحين أنها فقدت الدعم وكونها مركزا للفن، وفي السابق كان الخليجي الذي يريد أن يحقق الشهرة أو يحصل على فرصة يأتي إلى الكويت، نتيجة التوقف عن التطور ومواكبة التغيرات السريعة التي واكبتها بقية دول الخليج، وهذا ليس في الأغنية فقط، حيث فقدت الكويت مركزيتها في الرياضة والاقتصاد وفنون ومجالات أخرى. وأكد القعود أن التطور لا يمكن أن يحدث من دون تمويل ودعم، لمواكبة الحركة السريعة على مستوى العالم والدول المجاورة، أما الكويت فهي تشهد حالة من التوقف عن التطور، نتيجة عدم وجود شركات إنتاج خاصة تتبنى المواهب الجديدة، وهي مرحلة من المتوقع أن تمرّ قريبا لأن الكويت ولّادة، ولديها وفرة في العناصر الفنية التي تحتاج إلى احتضان وتواصل بين الأجيال وتبادل الخبرات لحدوث التطور المطلوب. استديوهات النظائر ووصف القعود الوسط الفني حاليا بـ «عدم الحميمية»، مشيرا إلى أنه في بداياته كان يذهب إلى استديوهات النظائر ومنطقة حولي التي كانت ملتقى الفنانين في السابق، ووجد هناك راشد الماجد وعبدالمجيد عبدالله وعبدالله الرويشد وغيرهم، مما سهل التواصل والتقرب بين عناصر الوسط الفني وخروج جيل قوي ومترابط، أما الآن فقد سيطرت العزلة على الوسط الفني، وأصبح كل فنان يسجل أعماله في استديو خاص بمنزله، مما عزز الشللية ودخول المادة في العملية الفنية ودعم أسماء محددة، وهو ما حرم أسماء جديدة من الفرصة التي يستحقونها. وحول دور الإذاعة في إعطاء تكاليف للفنانين، قال القعود إن الإذاعة منحت الفرصة لمواهب كثيرة، لكن المشكلة في رداءة تلك التكاليف، مما ينتج عنه أعمال غير جيدة، حيث صار التكليف نوعا من التنفيع وليس تقديم عمل قوي، مؤكدا أنه اقترح على الإذاعة أن يكون التكليف أغنيتين بدلا من 5، ولكن بنفس الميزانية حتى يستطيع الفنان تقديم عمل على أعلى مستوى، لكن مع الأسف لم تتم الاستجابة نتيجة التمسك بقوانين تم وضعها منذ الستينيات، لكننا نحتاج إلى مسؤول شجاع يحطم تلك القوانين البالية، ويضع قواعد تواكب العصر الذي يختلف كليا وجذريا عن فترة الستينيات. وطالب القعود القطاع الخاص بالتدخل وموازنة التخاذل الذي أصاب القطاع العام، بأن يتبنّى رجال الأعمال المواهب الجيدة، دون البحث عن الربح، بأن يكون دعم من أجل حب الفن، أو الرياضة، أو أيّ مجال آخر، لأنّه دور وطني واجب عليهم، لأنّ الكويت أصبحت أضعف جدا في حال تمت مقارنتها حاليا بدول الخليج في مواكبة التطورات السريعة بمجالات عدة. التراث الكويتي من ناحيته، أعرب الباحث بالتراث الفني فيصل خاجة عن أسفه لتخلّي الكويت عن دورها الريادي في مجالات عدة، وليس الفن فقط، منها الرياضة التي تفوقت فيها الكويت خلال الثمانينيات، والمسرح الذي لا يمكن مقارنته حاليا بمستوى وجودة مسرح السبعينيات والثمانينيات وصقر الرشود مثلا. تعالي الفنان وقال خاجة إن المعادلة الصحيحة أن الفنان لا يتعالى على الجمهور، سواء كان مطرباً أو ملحناً أو كاتباً للأغنية، بحيث يقول هذا فني الذي أقدمه وعلى الجمهور تقبله، وفي نفس الوقت لا ينغمس فيما يقبله الجمهور، لأن المستمع للعمل الفني أحياناً لديه ذائقة غير مكتشفة، وعلى الفنان أن يرتقي بذائقة الجمهور في الوقت الذي يلبي أذواقهم المختلفة، وهي خلطة تحتاج إلى الكثير من الحس والوعي والخبرة، وهذا هو الفرق بين الفنان الناجح وغير الناجح. وأكد أن الفنان عليه أن يكون راضياً عن عمله قبل أن يرضي الجمهور أو الجهة الإنتاجية أو الممولة لأعماله، من خلال الاقتناع بما يقدمه، نتيجة الحصيلة المعرفية التي تجتمع لديه من المكونات الموسيقية، من ألحان وكلمة وتوزيع وصوت وصورة. واقترح خاجة المزيد من الدعم للاجتهادات الشبابية في مجال الأغنية، سواء من الدولة مباشرة، أو من الشركات الخاصة، مع المزيد من الاجتهاد والإخلاص للقائمين على صناعة الأغنية، ضارباً مثالاً بأغنية نموذجية لشادي الخليج «يا سدرة العشاق» للملحن غنام الديكان، فاللحن كويتي مطور، والمفردة كويتية، والبيئة كويتية، حينما تغزل بالسدرة، وما أحوجنا اليوم إلى أعمال تحمل ذات الرسالة، وترسخ للهوية الكويتية بما يواكب العصر الحديث. من ناحيته، قال عميد المعهد العالي للفنون الموسيقية د. رشيد البغيلي إن الأغنية تعتبر قالباً فنياً بسيطاً، لكنه الأكثر قُرباً من الناس، نتيجة مواكبته المناسبات المختلفة في الأفراح والأحزان، مشيراً إلى أن المعهد منذ إنشائه بسبعينيات القرن الماضي قام بدوره في الحفاظ على التراث الكويتي، وتعليمه للدارسين، سواء على مستوى الألحان، أو الفنون الموسيقية المختلفة، أو حتى في اختيار الأصوات الجيدة، ودعمها من خلال مشاركتهم في الحفلات التي يقيمها المعهد ومهرجان الموسيقى. ولفت إلى أن المعهد ساهم في تخريج العديد من الأسماء المهمة في عالم الموسيقى، ولا يزال يواصل رسالته التعليمية من جهة، والوطنية من جهة أخرى، للحفاظ على التراث الكويتي، ومنهم «شيخ الملحنين» أنور عبدالله، والملحن د. عبدالله الرميثيان، ود. بندر عبيد، والراحل راشد الخضر، وغيرهم الكثير. انحدار الفن وأكد البغيلي أن جهود المعهد انعكست على الحركة الفنية والموسيقية بالكويت منذ إنشائه، حيث تحلَّت الكويت في السبعينيات والثمانينيات بعصر موسيقي مزدهر، وسطع فيه نجم الأغنية الكويتية في الخليج والمنطقة العربية، لكن في السنوات الأخيرة شهد الفن، بأنواعه المختلفة، تراجعاً، وربما انحداراً، نتيجة سوق المقاولات، أو الإنتاج التجاري، الذي يهدف إلى الربح أكثر من القيمة الفنية التي يقدمها. وأوضح أن حالة التردي التي يشهدها بعض أعمال السوق الموسيقي والغنائي حالياً لا تقلل من جهد المعهد كمؤسسة أكاديمية كويتية تحافظ على التراث وتعليم الدارسين أصول الغناء العربي السليم، من أغلظ الأصوات إلى أكثرها حدة، إلى جانب تعليم أصعب أنواع الأداء، لتخريج أصوات قوية ورائعة. وأضاف أن الموهبة الدارسة المتسلحة بالعلم ستحظى بالتأكيد بفرص أفضل من الفنان الموهوب الذي يفتقر إلى الدراسة العلمية، وبالتالي سينعكس ذلك على السوق ومخرجاته الفنية، وجودة ما يصل إلى آذاننا من أصوات وألحان ومفردات. حالة تردٍّ ولفت البغيلي إلى أن هناك عودة أخيراً للفنون الأصيلة، بعد حالة التردي التي شهدتها الأغنية في السنوات الماضية، وكعادة كل شيء أصيل وجيد، يعود له الناس ويبحثون عنه ويعيدون إحياءه من جديد، لذلك فإن المراقب الآن للمشهد الموسيقي يجد أن هناك حنيناً وعودة إلى الماضي وأعمال العشرينيات والثلاثينيات وحالة الرقي والأصالة التي واكبتها، وباستخدام التقنيات الحديثة التي توافرت في العصر الحالي والتعب على العمل سيكون من الممكن تقديم هذه الفنون بشكل أكثر تطوراً ومعاصرة، ليتذوقه الجميع، بعد انطفاء نجم الأعمال الضعيفة التي تتوهج للحظات كفقاعة الصابون، ثم تختفي للأبد، لأنها ليست حقيقية أو أصيلة إلى الحد الذي يجعلها تعيش وتصمد كأعمالنا القديمة التي عاشت لعشرات السنين. حالة ركود تتطلب انتفاضة لانتشال الأغنية قال الملحن والمنتج جاسم الخلف إن الأغنية الكويتية انطفأ وهجها، بعد أن تألقت وسطعت في السبعينيات، رغم وجود نجومها أمثال بدر بورسلي وعبدالكريم عبدالقادر ومصطفى أحمد ويوسف المهنا وغنام الديكان وأنور عبدالله وعبداللطيف البناي ويوسف ناصر وعبدالله الرويشد ونوال ونبيل شعيل ومحمد البلوشي، وكل هذه الأسماء اللامعة تحتاج إلى الدعم الذي يلبي طموح الفنان الكويتي. وأضاف الخلف أن «حالة من الركود سيطرت على الأوضاع في الكويت، بعد أن كان هناك تنافس مستمر لإنتاج الأفضل، وفي المقابل يحظى الفنانون بدول الخليج المجاورة في مجالات الموسيقى والدراما والمسرح بدعم أكبر، لذا يجب أن تنتفض الإذاعة ووزارة الإعلام لانتشال الأغنية من وضعها الحالي، بدلا من أن نسمع أغنياتنا الأصيلة القوية تتردد في إذاعات خليجية خارج الكويت، وإذاعتنا نحن لا تمنحنا الدعم الكافي للاستمرار على مستوياتنا المعهودة». وأكد: «أضطر إلى الإنفاق المجهد على الأغنية لإخراجها بأفضل مستوى ممكن، لأني غيور على صورة الفن الكويتي، ولكن إلى متى؟ فلابد من وجود دعم كاف من الحكومة، لا لتكوين ثروات، ولكن لأن الأغنية الكويتية الجميلة بإيقاعاتها وفنونها لا يمكن إنتاجها بفرقة فقيرة وكلمات فقيرة، وبالنهاية يلوموننا على المستوى الفني، لأنها لم تقم على ركائز سليمة، فأجور الشعراء زهيدة، حتى ان بعضهم يعكف عن العمل أحيانا»
مشاركة :