نحن وإيران..من أجل تفكيك صناعة التوتر وإثارة الغبار

  • 1/11/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ما الذي أوصل المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين تحديداً الى مرحلة قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران؟ لماذا بلغ الامر مداه الى هذه الدرجة؟ وماذا سيترتب على هذا الوضع الجديد في الإقليم المتسمم أصلاً بالتوتر بسبب إيران تحديداً وسياساتها العدوانية والتوسعية والتحريضية؟ الحقيقة التي لا مراء فيها تتجاوز سماح السلطة الإيرانية لجمهورها الهائج بحرق السفارة السعودية في طهران، والقنصلية السعودية في مشهد (فتلك مجرد القشة التي قصمت ظهر البعير). لأن مثل هذه الاعمال الهمجية الغوغائية كانت دائماً من الممارسات المعتادة في السياسات الإيرانية منذ ثورة الخميني في 1979، ولا داعي هنا لاستعراض الاعتداءات المماثلة في الداخل والخارج ضد السفارات والممثليات لعدد من الدول التي تختلف مع النظام الإيراني سياسياً، ومع ومفاهيمه المرفوضة لتصدير الثورة التي لم تتخلص منها ايران الى يوم الناس هذا، خصوصاً في ظل نظام تتداخل فيه الدولة بالثورة، وما هو نظامي بما هو ميلشياوي. فالمنطقة العربية بأكملها عانت وما تزال تعاني من التدخل الإيراني في شؤونها الداخلية ومحاولاتها المستميتة لتجنيد الاتباع بكل الوسائل، من الخليج العربي الى المغرب والمشرق، وتنفق في سبيل ذلك المليارات، هذا فضلاً عن استمرار احتلالها للجزر الإماراتية، وتبجح قادتها بأن إيران تحتل أربع عواصم عربية. المختصر المفيد أن إيران الخمينية، كانت ومازالت متواجدة بصوت عالٍ على صعيد التحريض السياسي والإعلامي، كما أن اسمها يتردد في كل اكتشاف للأسلحة والمتفجرات، ليس في البحرين فحسب، بل في أكثر من بلد عربي، ويرتبط اسمها باستمرار بالمليشيات والجماعات والخلايا النشطة والنائمة التي يتم اكتشافها وتفكيكها في أكثر من بلد عربي ومنها البحرين والكويت والسعودية. فالبحرين التي اضطرت قبل فترة الى اتخاذ خطوة سحب سفيرها واعتبار القائم بالأعمال الإيراني غير مرغوب فيه، اضطرت اليوم الى قطع العلاقات الدبلوماسية نهائياً مع ايران، لأنها كانت ومازالت الى اليوم ضحية مخطط طويل الأمد من التآمر والتدخل المباشر وغير المباشر بهدف اسقاط النظام واستبداله بنظام ديني - طائفي تابع لطهران، ذلك هو جوهر العملية كلها، وملخصها الجدي، وما عدا ذلك فخزعبلات سياسية وإعلامية لا علاقة لها بالحقائق على الأرض. هذا ما يدركه اليوم المواطن البسيط كما المثقف بل أن العديد من النشطاء في المجتمع السياسي من جميع الاتجاهات والطوائف يقرون بذلك، فالبحرين منذ العام 2011م واقعة تحت ضغوط إيرانية للتأثير على الحياة السياسية وعلى الاستقرار والتعايش القائم منذ قرون بين مكونات الشعب، حيث استنفرت أجهزة المخابرات والعلاقات العامة لديها، وامتلأت وسائلها الإعلامية بنقد البحرين ونظامها السياسي والتحريض عليه بكافة المسائل. وقامت الأجهزة العسكرية (الثورية) الإيرانية بوضع خطط للتدخل في البحرين، حشدت في سبيل ذلك ما حشدت من إمكانيات واموال ومحاولات متتالية لتهريب الأسلحة والمتفجرات وتدريب الافراد على القتال واستخدام الأسلحة وعلى صنع المتفجرات. ولقد حاولت إيران التشجيع بالفعل على تحشيد شعارات إسقاط النظام وإقامة نظام على النمط الإيراني، وتمت التغطية على هذا الهدف بشعارات الديمقراطية التي لا تطبق في الجمهورية بل وتعتبر كفراً يقاد الذي يرفع شعاراته الى الإعدام. وبالرغم من أن السياسة الخارجية في مملكة البحرين وفي المملكة العربية الشقيقة تتسم دائماً بالهدوء والحكمة والاتزان وعدم التسرع حتى في أحلك الظروف، فإن التصرفات الإيرانية واستمرار التدخل في الشؤون الداخلية للدولتين والتحريض العلني والمباشر، جعل استمرار العلاقات الطبيعية مع هذا البلد الجار مستحيلاً ولذلك فإن الوصول إلى مرحلة القطيعة في هذه العلاقات الدبلوماسية، قد جاء تعبيراً عن مستوى الغضب العالي والاحتجاج البالغ، بعد ان تجاوزت ايران كل الخطوط الحمراء، على صعيد الانتهاكات المتكررة والسافرة لسيادة الدول، سواء لجهة التدخل السافر والمستمر في شؤونها الداخلية، أو لجهة تجاوز الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية ومبادئ حسن الجوار، بتعديها المستمر على أمن واستقرار البحرين والسعودية بوجه خاص، واستمرارها في التحريض واثارة النعرات الطائفية ودعم عناصر الإرهاب والتخريب سياسياً واعلامياً ومالياً، بالأسلحة والمتفجرات والتدريب والرعاية والإيواء، حيث يأتي اكتشاف مخابئ الأسلحة والقنابل والمواد المتفجرة والذخائر، كامتداد لمحاولات مستميتة ومستمرة لتهريب وتخزين أدوات العنف والترهيب والقتل، وعند البحث والتحري يتبن في كل مرة ان العنوان واحد: وهو إيران التي لم تعد حتى تبذل أي جهد في إخفاء أو تمويه هذا التدخل، بل اصبحت تسنده بتصريحات لكبار مسؤوليها تعزز وتبرر هذا الانتهاك لميثاق الأمم المتحدة ولمتطلبات التعاون والسلام وحسن الجوار. إن إيران لا تتدخل في السعودية والبحرين والعراق وسوريا واليمن ولبنان فقط، بل هي تدعو وتطالب وتقترح وتعلن عن دعمها للثوار، وتنادي بإسقاط الانظمة ومقاتلتها، وتوفر لهم الدعم السياسي والإعلامي والعسكري والمالي، والأسوأ من ذلك كله، أنها تستدعي من أعماق التاريخ المعارك والصراعات الدموية الطائفية وتستحضرها أيديولوجيا وتبررها دينيا، من أجل تقسيم الناس واشعال نار الفتن، وتأجيج الاقتتال خدمة لمصالحها القومية، وليس حبا فيمن تسميهم الثوار ولا نصرة (للحق) ضد الباطل مثلما تدعي في بياناتها. ولذلك فإن إيران أصبحت الرقم الثابت في كل أمر يراد به شر ولبلداننا العربية، وفي كل فعل يهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، تضرب في كل اتجاه، وتهديداتها تجاوزت ثرثرة البيانات والتصريحات الى التورط المباشر في اعمال تآمريه للإخلال بأمن واستقرار المنطقة كلها، ولذلك وجب أخذها مأخذ الجد، لأنها أصبحت تمس سيادة واستقلال الدول العربية، ولعل هذا ما دعا المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين الى قطع علاقتها الدبلوماسية نهائياً مع نظام الملالي، وتبعتهما عدد من الدول الأخرى بالتعبير عن الاحتجاج الدبلوماسية بدرجات متفاوتة، تأكيداً على تضامنها مع البحرين والسعودية من ناحية، وعن قلقها من تصاعد مستويات التدخل الإيراني السياسي الفج في شؤون الدول ومحاولة فرض إرادتها على المنطقة. هنالك اليوم شكوك مشروعة حول التوجهات الإيرانية الرسمية وغير الرسمية تجاه بلدان الخليج، خاصة وأن إيران ما تزال تحتل الجزر الإماراتية وتستعدي الجوار العربي وتتدخل بشكل مباشر وفج، وما تزال في داخلها أصوات رسمية تتبنى مقولات عدوانية منافية لمقتضيات حسن الجوار ومتطلبات الأخوة والتعاون والسلام. إن تفكيك صناعة التوتر واثارة الغبار تبدأ من إيران، من توقفها عن منطق تصدير الثورة والعمل على تصرفها كدولة تحترم القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية.

مشاركة :