طهران - حذرت منظمات حقوقية الأحد من أن حياة سجناء في خطر في سجن إوين في طهران، بعدما اندلع حريق فيه على خلفية حركة الاحتجاج التي أشعلتها وفاة الشابة مهسا أميني مع دخولها أسبوعها الخامس. وسمعت طلقات نارية ودوي انفجارات خلال حريق السبت من داخل المجمع الكبير في شمال طهران الذي تصاعد منه الدخان، بحسب مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي. ويأتي الحريق الذي لم تعرف أسبابه مع مرور شهر على حركة الاحتجاج في طهران، التي أثارتها وفاة الشابة الإيرانية - الكردية مهسا أميني (22 عاما). واعتقلت شرطة الأخلاق أميني في الثالث عشر من سبتمبر في طهران لانتهاكها قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية، خصوصا ارتداء الحجاب. وأثار موتها في السادس عشر من سبتمبر بعد ثلاثة أيام على اعتقالها أكبر موجة تظاهرات في إيران منذ احتجاجات عام 2019 ضد رفع أسعار الوقود. وهذا السجن الواقع في شمال طهران معروف بإساءة معاملة السجناء السياسيين، كما أنه يضم سجناء أجانب، وقد أفادت تقارير بأن المئات ممن اعتقلوا خلال التظاهرات أودعوا فيه. وقالت مجموعة "حقوق الإنسان في إيران" التي يوجد مقرها في أوسلو إن "سجن إوين في طهران يشتعل ويمكن سماع طلقات نارية بوضوح. حياة كل سجين سياسي أو سجين عادي في خطر شديد". وأضافت أن السلطات أغلقت الطرقات المؤدية إلى السجن في محاولة واضحة لوقف الاحتجاجات أمامه. وتوجه البعض إلى هناك سيرا، فيما سمعت هتافات "الموت للدكتاتور"، أحد الشعارات الرئيسية للحركة الاحتجاجية، في مقاطع فيديو نشرتها قناة التواصل الاجتماعي "1500 تصوير". وقال هادي قائمي، مدير مركز حقوق الإنسان في إيران الذي يتخذ من نيويورك مقرا، "السجناء وبينهم السجناء السياسيون لا يملكون وسائل للدفاع عن أنفسهم داخل ذلك السجن"، معبرا عن قلقه من تعرضهم للقتل. وقالت مجموعة "حرية التعبير المادة 19" إنها سمعت بتقارير عن قطع اتصالات الهاتف والإنترنت في السجن، وإنها "قلقة جدا على سلامة سجناء إوين". وأفادت وسائل إعلام إيرانية رسمية الأحد بأن الحريق اندلع خلال "اضطرابات" في السجن تم إخمادها. وقال مسؤول أمني كبير، كما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، "شهد القسم المخصص للبلطجية اضطرابات ونزاعا بينهم أدى إلى اشتباك مع حراس السجن". وأضاف أن "الوضع الآن تحت السيطرة تماما والهدوء مستتب في السجن ورجال الإطفاء يعملون على إطفاء النيران"، مشيرا إلى أنه "تم فصل السجناء الذين تسببوا في الحادث عن السجناء الآخرين". ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن مدعي طهران أن هذه الاضطرابات "ليست لها علاقة بأعمال الشغب الأخيرة في البلاد". وقال أحد رجال الإنقاذ الموجودين في الموقع في تصريح أدلى به لوكالة "إرنا" إن "الحريق تم احتواؤه الآن وفرق الإطفاء تؤمن محيط الحادث". وأضاف "أصيب ثمانية أشخاص إلى غاية الآن جراء الحادث، ولم تكن هناك أي حالة وفاة". ويضم السجن في الغالب محتجزين يواجهون تهما أمنية، ومنهم إيرانيون مزدوجو الجنسية. ولطالما انتقدت جماعات حقوقية غربية السجن. كما أدرجته الحكومة الأميركية على قائمة سوداء في عام 2018 بسبب ما يشهده من "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان". ومن بين سجناء سجن إوين الأكاديمية الفرنسية - الإيرانية فاريبا عادلخاه والمواطن الأميركي سياماك نمازي، الذي قالت عائلته إنه أعيد إلى إوين هذا الأسبوع بعد فترة إفراج مؤقت. وفي رد فعل على الحريق، أعربت عائلة نمازي في بيان عن "قلقها العميق"، خاصة وأنه لم يحصل أي اتصال معه. وحضت العائلة السلطات الإيرانية على منحه وسائل "فورية" للاتصال بأسرته وإطلاق سراحه، "لأنه من الواضح أنه ليس آمنا في سجن إوين". وقالت شقيقة عماد شرقي، وهو مواطن أميركي آخر مسجون في إوين، إن عائلته "متشنجة وينتابها الخوف"، وذلك في تغريدة على تويتر. وقالت الأكاديمية الأسترالية كايلي مور غيلبرت، التي احتُجزت في إوين لأكثر من 800 يوم سجنت فيها في إيران، إن أقارب سجينات سياسيات معتقلات هناك أكدوا لها أن "كل النساء في جناح السجينات السياسيات في إوين سالمات وبأمان". وأعلن المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس في تغريدة أن واشنطن تراقب الوضع عن كثب، محملا "إيران المسؤولية الكاملة عن سلامة مواطنينا المحتجزين من دون وجه حق والذين يجب إطلاق سراحهم فورا". وأفادت تقارير بأن المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي صاحب الجوائز السينمائية الدولية والسياسي الإصلاحي مصطفى تاج زاده محتجزان أيضا في إوين. وأفادت مجموعات حقوقية بأن تظاهرات خرجت في طهران ليلا تضامنا مع سجناء إوين، بعدما نزل متظاهرون غاضبون إلى الشوارع السبت رغم انقطاع الإنترنت. وتتقدم الشابات الإيرانيات الموجة الحالية من احتجاجات الشوارع، وهي الأضخم من نوعها التي تشهدها البلاد منذ سنوات. وصرخت نساء غير محجبات السبت "على الملالي الرحيل" في كلية شريعتي التقنية والمهنية في طهران، وفق ما أظهر مقطع فيديو تم تداوله عبر الإنترنت على نطاق واسع. وغرب طهران، ألقى محتجون مقذوفات على قوات الأمن بالقرب من دوار رئيسي في مدينة همدان. وعلى الرغم من تعطيل شبكة الإنترنت على نطاق واسع وحجب السلطات تطبيقات مثل إنستغرام وواتسآب، تجمّع إيرانيون السبت في شوارع مدينة أردابيل في شمال غرب البلاد، وفق ما أظهرت مقاطع فيديو نشرت على تويتر. ونفّذ التجار إضرابا في مدينة سقز مسقط رأس مهسا أميني في محافظة كردستان (شمال غرب) ومهاباد (شمال)، وفق موقع "1500 تصوير". وكان هناك نداء من أجل المشاركة في الاحتجاجات السبت تحت شعار "بداية النهاية!". وأعلن نشطاء "علينا أن نكون حاضرين في الساحات، لأن أفضل "في.بي.أن" هذه الأيام هو الشارع"، في إشارة إلى الشبكات الخاصة الافتراضية المستخدمة للالتفاف على قيود الإنترنت. وقُتل 108 أشخاص على الأقل في الاحتجاجات منذ السادس عشر من سبتمبر، وفقا لمنظمة "حقوق الإنسان في إيران" ومقرها أوسلو. وأعربت منظمة العفو الدولية عن أسفها لمقتل 23 طفلا على الأقل "بأيدي قوات الأمن الإيرانية"، موضحة أن أعمارهم تتراوح بين 11 و17 عاما، بالإضافة إلى توقيف المئات من الأشخاص. ونقلت وكالة أنباء "إرنا" الرسمية عن قيادي في الحرس الثوري قوله خلال التجمّع إن ثلاثة من أفراد ميليشيا الباسيج شبه العسكرية قتلوا وأصيب 850 بجروح في طهران منذ بدء "الفتنة". وأثارت حملة القمع إدانات دولية وعقوبات على إيران من بريطانيا وكندا والولايات المتحدة. واتفقت دول الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع على فرض عقوبات جديدة، ومن المقرر أن تتم المصادقة على هذه الخطوة في اجتماع وزراء خارجية التكتل الاثنين في لوكسمبورغ.
مشاركة :