وجَّه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – لأعمال السنة الثالثة من الدورة الثامنة لمجلس الشورى الخطاب الملكي السنوي المفصل للسياستَيْن الداخلية والخارجية للدولة، فيما يأتي نصه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يسرُّنا أن نفتتح أعمال السنة الثالثة من الدورة الثامنة لمجلس الشورى لعام 1444هـ، سائلين المولى -عز وجل- أن يمدنا جميعًا بعونه وتوفيقه. أيها الإخوة والأخوات.. إن دستور المملكة العربية السعودية كتاب الله تعالى وسُنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وهو يعزز مبدأ الشورى، كما قال تعالى في كتابه الحكيم {وشاورهم في الأمر}، وتتخذ من هذا قولاً فصلاً، وعملاً في سياساتها، وتحقيقًا لمستهدفاتها وبرامجها وقراراتها.. وستظل متمسكة بهذا المبدأ. هذه الدولة منذ تأسيسها عام 1727م، وتوحيدها على يدَيْ جلالة الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، منذ ما يزيد على تسعين عامًا، أرست ركائز السلم والاستقرار وتحقيق العدل، ولا يسعنا إلا أن نحمد الله -عز وجل- على ما أسبغ على بلادنا من نِعَم كثيرة، وما بلغته بين الأمم من مكانة عليا ورفيعة، نفتخر بها جميعًا قيادة وشعبًا. سجَّل لنا التاريخ الحديث أعظم وأنجح وحدة جمعت الشتات، وأرست الأمن والاستقرار، ووجهت المقاصد إلى بناء دولة عصرية، دستورها كتاب الله تعالى وسُنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، زأساسها المواطن، وعمادها التنمية، وهدفها الازدهار، وصناعة مستقبل أفضل للوطن وأبنائه وبناته. ولقد شرف الله هذه البلاد بخدمة الحرمين الشريفين، وحرصت منذ تأسيسها على الاضطلاع بواجباتها بكل ما يخدم الإسلام والمسلمين، والعمل على إنجاز المشروعات التي تضمن التيسير والسلامة في المسجد الحرام والمسجد النبوي والمشاعر المقدسة، ومكَّنت في موسم حج العام الماضي مليون حاج من داخل السعودية وخارجها من أداء نسكهم، وأتاحت العمرة لجميع القادمين بأنواع التأشيرات؛ وذلك نتيجة للنجاح الكبير الذي حققته في مواجهة جائحة كورونا، وبذلت في سبيله جُل إمكاناتها وطاقاتها تجسيدًا لدورها الريادي في العالم. وتماشيًا مع خطط رفع الطاقة الاستيعابية لاستضافة 30 مليون معتمر بحلول عام 2030، تم إطلاق أعمال البنية التحتية والمخطط العام لمشروع “رؤى المدينة” في المنطقة الواقعة شرق المسجد النبوي، والعمل جارٍ على استكمال التوسعة السعودية الثالثة في المسجد الحرام، إضافة إلى العديد من المشروعات التي تهدف إلى الارتقاء بمستوى الخدمات المقدَّمة لضيوف الرحمن. وسنبذل كل ما في وسعنا لمواصلة الجهود ـ بإذن الله ـ من أجل استمرار توفير سبل الراحة والتيسير لقاصدي الحرمين الشريفين وفق أعلى المعايير العالمية. أيها الإخوة والأخوات. تشهد دولتكم حراكًا تنمويًّا شاملاً ومستدامًا وهي تسير في المرحلة الثانية من رؤية السعودية 2030، مستهدفة تطوير القطاعات الواعدة والجديدة، ودعم المحتوى المحلي، وتسهيل بيئة الأعمال، وتمكين المواطن، وإشراك القطاع الخاص بشكل أكبر، وزيادة فاعلية التنفيذ لتحقيق المزيد من النجاح والتقدم، وتلبية تطلعات وطموحات وطننا الغالي.. إذ تم إطلاق جملة من الاستراتيجيات الوطنية والبرامج بهدف تعزيز تنمية البنية التحتية في القطاعات الحيوية، والارتقاء بجودة الخدمات المقدمة للمواطنين، وأيضًا تأسيس صندوق البنية التحتية الذي سيسهم بشكل كبير في دعم مشاريع البنية التحتية في القطاعات الحيوية، كالنقل والمياه والطاقة والصحة والتعليم والاتصالات والبنية الرقمية، بقيمة إجمالية تصل إلى 200 مليار ريال على مدى السنوات العشر المقبلة – بمشيئة الله -. واستراتيجية صندوق التنمية الوطني الهادفة إلى تحفيز مساهمة القطاع الخاص بما يزيد على ثلاثة أضعاف من التأثير التنموي، والإسهام في نمو الناتج المحلي بضخ أكثر من 570 مليار ريال، ومضاعفة حصة الإنتاج المحلي الإجمالي غير النفطي بثلاثة أضعاف؛ ليصل إلى 605 مليارات ريال، إضافة إلى توفير فرص العمل بالسعودية، وذلك ضمن استراتيجية الصندوق بحلول عام 2030. ويأتي من ذلك ما أُعلِن من استراتيجيات، شملت استراتيجية برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، والاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، واستراتيجية تطوير منطقة عسير بهدف تحويلها إلى وجهة سياحية عالمية طوال العام، وبرنامج تنمية القدرات البشرية، وكذلك التطلعات والأولويات الوطنية لقطاع البحث والتطوير والابتكار للعقدين المقبلين بما يعزز من تنافسية وريادة السعودية عالميًّا، والاستراتيجية الوطنية للاستثمار، وإطلاق بنك المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتعزيز النمو وسد الفجوة التمويلية، والاستراتيجية الوطنية للمياه التي تضمنت تخصيص (105) مليارات ريال لمشروعات مائية لمنظومة البيئة والمياه والزراعة، والاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية، والاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي.
مشاركة :