يَشهد عاَلمُنا اليوم عدداً متزايداً من الصراعات، التي باتت تُشَكّلُ مصدرَ تهديد كبير للبشرية جَمعاء، في حاضرها ومستقبلها، حيث أصابت النزاعات المُستعِرة في أرجاء المعمورة سلاسلَ توريد الغذاء بالشلل، وفاقمت من تكاليف الإنتاج، وتسبّبت في زيادة أسعار المواد الغذائية، بشكل يفوق مقدرة الملايين، الأمر الذي دفع العديدَ من المنظمات العالمية إلى التحذير من أزمة غذاء تلوح في الأفق. وفي حين تُشير البياناتُ الصادرة عن الأمم المتحدة إلى أن نحو مليون شخص حول العالَم مهدَّدون بـ«مجاعة كارثية»، تأبى القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة إلا أن تَبُثَّ الطمأنينةَ في نفوس مَن يعيشون على هذه الأرض الطيبة، حيث أكّد صاحبُ السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أن دولة الإمارات تُولي الأمنَ الغذائي أولويةً كبرى ضمن خططها التنموية، ومن هنا يأتي اهتمامها بالزراعة، واستخدامها أحدث الأساليب العِلمية والتكنولوجية، للنهوض بها وزيادة إنتاجيتها. وبدوره، صرّح صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أثناء افتتاحه مؤخراً مشروع «بُستانك»، أكبر مجمّع زراعي رأسي في العالم، بأن «الأمن الغذائي، والاكتفاء الذاتي من الاحتياجات الغذائية، وتحقيق استدامة الموارد، أولويات استراتيجية ثابتة لدولة الإمارات». ومن جهتها، شدّدت «منظمة الأغذية والزراعة» (الفاو)، وهي تحتفل بـ«يوم الأغذية العالمي»، الذي صادف يوم 16 أكتوبر، على ضرورة بناء عالَم مُستدام، يتمكن فيه الجميع من الحصول بانتظام على ما يكفي من الغذاء، وفي كل مكان، لكنها أوضحت أن المشكلة الأساسية تَكمُن في إمكانية الوصول إلى الأسواق، وتوافر الأغذية، في ظلّ العديد من العقبات والتحديات التي تشمل جائحة «كوفيد-19»، والأزمة الأوكرانية، وتَغيّر المناخ، وانعدام المساواة، وارتفاع الأسعار، والتوترات الدولية. وطِبقًا لأحدث البيانات الصادرة عن «صندوق النقد الدولي»، فإن 48 دولة أصبحت «منكشفة» على تداعيات أزمة الغذاء العالمية، ومن المُرجّح أن تطلب نحو 20 دولة من دول القارة الإفريقية، خصوصاً الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى، مساعدات طارئة. أما عن منطقتنا العربية، فإن عدد المُعرّضين لانعدام الأمن الغذائي فيها يبلغ نحو 14 مليون شخص. وفي حين يُحذّر خبراء واقتصاديون من أن العالم لم يَصل بعد إلى قمة أزمة الغذاء، المتوقّعة عام 2023، فإننا جميعاً مَدعوّون إلى التكافل والتكاتف للحفاظ على ما حبانا الله به من موارد، وأن نُسْهم بوعي كافٍ في تنميتها واستدامتها، مع تعزيز مسيرتنا الوطنية بدعم منتجاتنا المحلية بأفكار ومبادرات ابتكارية. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
مشاركة :