وكانت حماس، التي تدير قطاع غزة المحاصر، تُعد من أوثق الحلفاء الفلسطينيين للأسد. وجعلت من دمشق مقراً لها في الخارج طوال سنوات، قبل أن تنتقد قمع السلطات للاحتجاجات التي عمّت البلاد بدءاً من منتصف آذار/مارس 2011. والتقى رئيس مكتب العلاقات العربية والاسلامية في الحركة خليل الحية الأربعاء الأسد ضمن وفد ضمّ عدداً من مسؤولي الفصائل الفلسطينية، في أول لقاء يجمع بين الطرفين منذ بدء النزاع. وقال الحية خلال مؤتمر صحافي إثر اللقاء "نعتقد أنه يوم مجيد ويوم مهم، نستأنف فيه حضورنا الى سوريا العزيزة ونستأنف فيه العمل المشترك... مع سوريا". وأضاف "نعتبره لقاء تاريخياً وانطلاقة جديدة متجددة للعمل الفلسطيني السوري المشترك". وفي وقت لاحق، أفادت الرئاسة السورية عن استقبال الأسد وفداً ضمّ قادة وممثلي الفصائل الفلسطينية، وجرى النقاش حول نتائج "حوارات المصالحة في الجزائر". ونقلت عن الأسد تأكيده أمام الوفد أنّه "على الرغم من الحرب التي تتعرّض لها سوريا، إلا أنّها لم تُغيّر من مواقفها الداعمة للمقاومة بأي شكل من الأشكال". ولم يتطرق البيان الى عودة حماس الى دمشق، لكن الرئاسة نشرت صوراً ظهر الأسد في إحداها وهو يسير جنباً الى جنب مع الحية وهما يتبادلان أطراف الحديث. ومدى سنوات، اعتبر مسؤولون سوريون في تصريحاتهم مغادرة حماس "ضربة قاصمة" للعلاقة مع سوريا، وبعضهم وصفها بـ"الخيانة". جاءت زيارة حماس الى دمشق بعد توقيع الفصائل الفلسطينية الخميس اتفاق مصالحة في الجزائر تلتزم بموجبه إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون عام. "نتجاوز الماضي" وتوتّرت العلاقات تدريجياً بين الطرفين إثر اندلاع النزاع في سوريا. وغادر قياديو الحركة وعلى رأسهم رئيس مكتبها السياسي السابق في الخارج خالد مشعل دمشق في شباط/فبراير 2012. وأغلقت الحركة كافة مكاتبها وأوقفت أنشطتها فيها. وقال الحية "أي فعل فردي هنا أو هناك هو فعل خاطئ لا تقره قيادة الحركة ولم تقره"، مؤكداً "اننا متفقون مع سيادة الرئيس على أن نتجاوز الماضي ونذهب الى المستقبل". وأضاف "نستعيد علاقتنا مع سوريا العزيزة بقناعة وبإجماع قيادي.. وبتفهّم من محبي حركة حماس"، مؤكداً رداً على سؤال صحافي، عدم تحفظ أي من حلفائهم أو داعميهم الإقليميين، خصوصاً تركيا وقطر، على هذه الخطوة. وأضاف "بل هم شجعونا على ذلك وقالوا نحن نؤيدكم". وجاءت زيارة حماس الى دمشق بعد إعلان قيادتها الشهر الماضي رغبتها باستئناف العلاقات مع دمشق، على ضوء "التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة التي تحيط بقضيتنا وأمتنا"، في إشارة ضمنية، وفق محللين، إلى تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين عدد من الدول العربية وإسرائيل واستئنافها بين إسرائيل وتركيا التي لجأ اليها عدد من قياديي حركة حماس بعد خروجهم من سوريا. وتأتي الزيارة في وقت برزت مؤخراً مؤشرات الى تقارب محتمل بين سوريا وتركيا، إثر تصريحات لمسؤولين أتراك دعت إلى "مصالحة" بين النظام السوري والمعارضة التي تعد أبرز داعميها، في تحوّل بارز في موقفها المعارض منذ بداية النزاع. كما شهدت السنوات الماضية استئنافاً للعلاقات بين سوريا ودول عربية أخرى، على رأسها الإمارات العربية المتحدة بعد قطيعة على خلفية النزاع. وقال الباحث في مركز سنتشوري انترناشونال آرون لوند لفرانس برس "يبدو أن عودة التواصل بين نظام الأسد ودول عربية أخرى سهلت المصالحة بين دمشق وحماس"، مشيراً إلى أن التغيرات الأخيرة في الموقف التركي أيضاً من دمشق "كانت مفيدة لحماس". وساطة حزب الله وأعلنت حركة حماس في العام 2017 فكّ ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين، المحظورة في سوريا منذ الثمانينات والتي تعد من أبرز مكونات المعارضة السورية إثر اندلاع النزاع. واضطلع حزب الله اللبناني بدور الوسيط بين حركة حماس والسلطات السورية، وفق ما قال مسؤولون في حزب الله والحركة لوكالة فرانس برس. وحافظت الحركة على علاقة جيدة مع حزب الله، المدعوم من طهران. ورغم خلافه معها حول موقفها من دمشق، لطالما اعتبرها جزءاً من "محور المقاومة" الذي يضم أيضاً دمشق وطهران وفصائل عراقية وحركة أنصار الله الحوثية في اليمن. ويتردد مسؤولون من حركة حماس بشكل دوري الى لبنان، بينهم رئيس مكتبها السياسي اسماعيل هنية. ويقول محللون إن بيروت باتت بمثابة "حاضنة" لقيادات حماس. وبحسب مصدر مطلع على الوساطة بين الطرفين، فإن دمشق ليست منفتحة في الوقت الراهن على إعادة فتح حماس لمكتبها على أراضيها. وكان مسؤول في حماس أبلغ فرانس برس في وقت سابق إن الحديث عن ذلك الأمر "لا يزال مبكراً". وقالت مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط مهى يحيى "يمكن أن يُعزى حرص قادة حماس (...) على التقارب مع إيران وحزب الله في هذه المرحلة الدقيقة إلى أن الحركة تجد نفسها معزولة بعدما طبعت دول عربية عدة علاقاتها مع اسرائيل".
مشاركة :