الطبيعة مصدر الحياة وأم الفن والجمال على مر العصور، والفنان ينطلق من رؤية الواقع وتأمل ملامحه وألوانه التي يسهم تفاعل الأضواء والظلال في تشكيل جمال كائناتها المعروضة أمام عينيه، ثم يضفي عليها مسحة من رؤاه ومشاعره، وهذا ما يوحي بروعة الفن وقوة تأثيره في نفوس مشاهديه. وقد افتتح خلال هذا الأسبوع معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، في متحف اللوفر أبوظبي، معرضاً دولياً بعنوان «الانطباعية: على درب الحداثة»، في إطار احتفالات المتحف بالذكرى الخامسة لتأسيسه، وسيستمر المعرض حتى 5 فبراير 2023، وهو الأول من نوعه في المنطقة، كما أنه واحد من بين ثلاثة معارض رئيسية ستقام على هامش فعاليات الموسم الثقافي للمتحف لعام 2022-2023. وقد تم تنظيم هذا المعرض بالشراكة مع متحف أورسيه ومؤسسة متاحف فرنسا، ويضم أكثر من 150 عملاً فنياً يسلط الضوء من خلالها على ردود فعل الفنانين تجاه التقلبات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدتها الفترة من منتصف خمسينيات القرن التاسع عشر وحتى نهاية ذلك القرن، وعلى هامش المعرض، سيقدم المتحف لزواره من هواة الفن ومحبيه برنامجاً ثقافياً حافلاً يتضمن جلسة حوارية يديرها أمناء معرض الانطباعية، إضافة إلى عروض موسيقية راقصة، والعديد من الفعاليات المتميزة. وهذا المعرض، الذي يعد الأول من نوعه في منطقة الخليج العربي، هو أحد ثلاثة معارض رئيسية من المقرر إقامتها على هامش فعاليات الموسم الثقافي للمتحف لعام 2022-2023. ويكتسي هذا الحدث الفني الكبير أهمية بالغة، وتتجلى فيه معاني الجمال والطموح بشكل خاص، حيث تجري الاستعدادات للاحتفال بالذكرى الخامسة لتأسيس متحف اللوفر أبوظبي، ولاسيما أن هذا المعرض يجسد حرص المتحف على طرح تصورات متجددة لتاريخ الفن، وتعزيز الوعي تجاه وجهات النظر الجديدة، وتعزيز التواصل والحوار الثقافي. نظرة تاريخية ولنلقي نظرة تاريخية على هذه المدرسة الفنية التي تركت تأثيراتها الجميلة في مسيرة الفن التشكيلي، نقتبس هذا الشاهد التاريخي من مدونات المعرض: «في عام 1874، نظمت مجموعة من الفنانين والفنانات بباريس معرضاً اتسم بأنه انطباعي، وكانت تلك نقطة الانطلاق للتجديد العميق في فن الرسم، وقد تردد صداه على مستوى العالم وظل تأثيره ملحوظاً حتى اليوم. فبعد غوستاف كوربيه، ثم إدوارد مانيه، رسام الحياة الحديثة الأول، أكد كل من: بول سيزان، وإدغار دوغا، وكلود مونيه، وبيرت موريزو، وكاميل بيسارو، وأوغست رونوار، وألفريد سيسلي، حاجة الفنانين الملحة إلى (أن يكونوا أبناء زمانهم). وإلى أن يمثلوا العالم الذي يحيط بهم، ولقد كان عالم القرن التاسع عشر يعيش مرحلة تحول بفعل تأثير التصنيع والتطور الحضاري وثورة المواصلات. وكان المجتمع آنذاك مجتمع تقدم ولكنه فقير أيضاً، ومجتمع حروب وتوسع استعماري. وكانت فرنسا إحدى القوى الأوروبية الكبرى وعاصمتها باريس مدينة النور وعاصمة الفنون. وفي مواجهة تناقضات ذلك العصر، قدم الفنانون الانطباعيون نظرة جديدة مفادها أن الحداثة في تحول مستمر. ويروي هذا المعرض، الذي يضم لأول مرة، العديد من روائع أعمال هؤلاء الفنانين المعروضة في متحف أورسيه بباريس، كيف قلبت الحركة الانطباعية طريقتنا التي ننظر بها إلى الواقع ونفهمه بها في حركته نفسها». أخبار ذات صلة «زراعة أبوظبي» تدعو إلى اعتماد الإدارة المتكاملة للذبابة البيضاء أبوظبي تستضيف «المؤتمر العالمي للتطوع» 24 أكتوبر الجاري استبعاد من الصالون والشروح المرافقة للوحات الفنية في المعرض تشير إلى أن «صالون الرسم والنحت»، وهو صالون رسمي، ظل، وبالرغم من انفتاح أذهان القائمين عليه، يجدد ملامح الحياة الفنية إلى حد بعيد، فكان للدولة التي كانت تحدد طلبات الرسم، وما يشترى من لوحات وما يمنح من مكافآت، نفوذ قوي على المعرض الذي يقام في كل عام منذ 1857، في أروقة قصر الصناعة بباريس المتبقي من منشآت المعرض العالمي في عام 1855، وكان الصالون يعرض مجموعة من الأعمال، على رغم صرامة لجنة الاختيار التي كانت بصفة عامة شديدة المناوأة للمبدعين الشباب. وقد عانى مانيه ورونوار وسيزان من عواقب ذلك. وكان ما يغضبهم أكثر هو أن الصالون لم يكن يعرف سوى اللوحات التاريخية ذات المثالية المصطنعة. ثم ساد بعد ذلك رسم المناظر الطبيعية ومشاهد الحياة اليومية والصور الشخصية. إن النظرة الجديدة التي أضافتها هذه الجماعة من الرسامين إلى هذه الأنواع الرائجة من الرسم هي ما يفسر استبعادها من الصالون. وهنا نستعرض بعض اللوحات المعروضة وشروحها ومنها «نساء في الحديقة» لكلود مونيه، حيث شرع في عام 1866، برسم لوحة ضخمة بألوان زيتية على القماش في حديقة المنزل الذي استأجره بضواحي باريس. كان التحدي مضاعفاً: العمل في الهواء الطلق، والرسم على لوحة بالمقاس الكبير المخصص عادة لرسم الشخوص الوجيهة، الدينية أو التاريخية. وقد اتخذت صديقة الفنان، كاميل دونسيو، موضعها أمام الشخوص الثلاثة عن يسار اللوحة. وهنا رسم الفنان الظلال وأشعة الضوء الملونة والثغرات التي تخترقها أشعة الشمس من خلال أوراق الأشجار كبقع على بياض الأثواب. وبعد أن أتم الرسم وأنهى اللوحة في المرسم، رفضت لجنة صالون الرسم والنحت في عام 1867 هذه اللوحة وذلك لأن الموضوع العادي وضربات الفرشاة المرئية والسريعة التي تبدو كأنها غير مكتملة، أثارا قلق المشاهدين وبشرت بطريقة جديدة في الرسم. لوحة «الشرفة» وننتقل إلى لوحة «الشرفة» التي رسمها إدوارد مانيه عام 1854، حيث يصور الفنان موضوع الشرفة على غرار فنانين آخرين فرنسيين وإسبان، وبدلاً من إظهار ما تراه الشخوص، جعل مانيه المشهد ذاته هو موضوع اللوحة، وقد صدم الأخضر الصارم لدرابزين الشرفة ومصراعي النافذة، وافتقار وجوه الشخوص إلى التعبير، النقاد في صالون 1865، ويقدم المشهد فنانين أصدقاء لمانيه بما في ذلك بيرت سويزو، المرأة ذات النظرة السوداء الجالسة متكئة على درابزين الشرفة، والتي قالت: إن لعمل مانيه نكهة «ثمرة برية أو غير ناضجة بعض الشيء». ويضم المعرض إضافة إلى اللوحات، 40 عملاً فنياً بين مرسوم ومطبوع، و20 صورة فوتوغرافية، و5 فساتين يعود تاريخها إلى تلك الحقبة، إضافة إلى عمل فني تركيبي معاصر يعتمد على تقنية الفيديو، وتشمل أبرز الأعمال المعروضة مجموعة مختارة من الأعمال الفنية من مجموعة مقتنيات اللوفر أبوظبي، بما في ذلك لوحتان لإدوارد مانيه هما: البوهيمي، 1861-1862، وطبيعة صامتة مع القفة والثوم، 1861-1862، إلى جانب لوحة درب لا فيريير للفنان ألفريد سيسلي، 1872، ولوحة لعبة الورق «البيزيغ» لغوستاف كايبوت، 1881. وتشمل أبرز الأعمال المُعارة من متحف أورسيه ما يلي: الشرفة لإدوارد مانيه، 1868-1869، والعقعق لكلود مونيه، 1868-1869، وقاشطو الباركيه لغوستاف كايبوت، وميدان سباقات الخيل.. خيالة هواة قربَ عربة لإدغار ديغا، 1876-1887، والمرأة ذات إبريق القهوة لبول سيزان، 1890-1895. وإضافة إلى ذلك، سيكشف اللوفر أبوظبي للمرة الأولى أثناء فعاليات المعرض أيضاً عن عملية استحواذ مهمة سيحصل خلالها على لوحة فنجان الشوكولا لبيير-أوغيست رينوار، 1877-1878. برنامج حافل وسيقدم متحف اللوفر أبوظبي لزواره برنامجاً ثقافياً حافلاً مستوحى من المعرض، يتضمن جلسة حوارية حول الانطباعية، وعروض أفلام تحت قبة المتحف الأيقونية، وعرضاً راقصاً معاصراً، إضافة إلى ورشة عمل تقدمها فرقة سمة للرقص المسرحي، وسيشهد زوّار المتحف انطلاق النسخة الثانية من أحد العروض الفنية الحية التي تقدمها راقصات باليه، حيث يُجسّدن لوحة إدغار ديغا «تمرين رقصة باليه على المسرح» على أنغام معزوفة بيانو مستوحاة من الحركة الانطباعية. وسيقدم المتحف أيضاً مجموعة من الأنشطة التعليمية للكبار، وطلبة المدارس، والعائلات، والشباب، تتضمن جولة سريعة في المعرض، وورشة عمل للتدريب على رسم اللوحات الزيتية تحت إشراف الفنان الإماراتي سقاف الهاشمي، إضافة إلى أنشطة «اصنع والعب» التي سيحظى الأطفال خلالها بفرصة لتعلم أساليب رسم مختلفة مستوحاة من الطبيعة والبيئة الخارجية، ودليل الزوار الشباب الذي يتيح للزوار الشباب فرصة لمعرفة روّاد الفن الانطباعي.
مشاركة :