اعتبر خبراء أن الإستراتيجية التي أعلنت عنها السعودية للنهوض بالصناعة تشكل تحولا جذريا نحو ترسيخ دور القطاع في خطط الإصلاح وسرعان ما ستنعكس على مجمل الاقتصاد. ومن المرجح أن يتزايد زخمها بينما ستكون البلاد على أعتاب طفرة في الاستثمار. الرياض – خطت السعودية خطوة كبيرة على طريق تنفيذ إستراتيجيتها الطموحة لتطوير قطاع الصناعة الذي سيكون في غضون سنوات أحد الأعمدة الرئيسية لنمو الناتج المحلي الإجمالي للبلد النفطي. وتسعى الحكومة من خلال إصلاحاتها المتواترة لجني ثمار برامج دعم الاستثمار في هذا القطاع من أجل النهوض بهذا المجال الحيوي ضمن برنامج التحول الموسع لتنويع مصادر دخلها، والذي يمتد حتى نهاية العقد الحالي. وأكد وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف أن الإستراتيجية ترتكز في سبيل تحقيق الأهداف على ثلاثة عوامل، يتمثّل العامل الأول في بناء اقتصاد صناعي محلي مرن وجاذب للاستثمار. الأمير محمد بن سلمان: لدينا كل الممكنات لبناء اقتصاد صناعي تنافسي ومستدام الأمير محمد بن سلمان: لدينا كل الممكنات لبناء اقتصاد صناعي تنافسي ومستدام أما العامل الثاني فيتعلق بالعمل على تكوين مركز إقليمي صناعي متكامل لتلبية الطلب العالمي، وأخيرا تحقيق ريادة في صناعة وتصدير منتجات عالية التقنية تسهم في تأمين سلاسل الإمداد العالمية. وقال الخريف في مقابلة مع تلفزيون “العربية” الأربعاء إن “الإستراتيجية الوطنية للصناعة، التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تعد أداة أساسية لتنويع القاعدة الاقتصادية للبلاد”. وكشف أن بلاده تستهدف رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 900 مليار ريال (239.5 مليار دولار). وأشار إلى أن “الإستراتيجية الجديدة تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي والدوائي والعسكري” وأن الحكومة “تعمل على مشاريع لتصنيع هياكل الطائرات”. وأطلق الأمير محمد مساء الثلاثاء الماضي الإستراتيجية التي حددت أكثر من 800 فرصة استثمارية بقيمة تريليون ريال (270 مليار دولار). ويأتي إطلاق الإستراتيجية متوائما مع التوجهات العالمية نحو تطوير القطاع، وجعله أكثر إسهاما في التنمية، مثل الثورة الصناعية الرابعة ومستهدفات السعودية. كما أنها تنسجم مع المزايا التنافسية التي يتمتع بها أكبر اقتصادات المنطقة العربية والمتمثلة في الموقع الجغرافي ووفرة الموارد الطبيعية ومصادر الطاقة والقدرات البشرية والقوة الشرائية والسياسات النقدية المستقرة. ويتزايد رهان السعودية على الصناعة لتوسيع آفاق سوق العمل ومواجهة تحديات البطالة، في ظل مناخ الأعمال المستقر وحزم الدعم التي تقدمها الحكومة لتعزيز برنامج التوطين في كافة المجالات. وتهدف الإستراتيجية الصناعية الجديدة إلى بلوغ اقتصاد صناعي جاذب للاستثمار يسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي، وتنمية الناتج المحلي والصادرات غير النفطية، بما يتماشى مع مستهدفات “رؤية 2030”. ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية عن ولي العهد قوله “لدينا جميع الممكنات للوصول إلى اقتصاد صناعي تنافسي ومستدام، من مواهب شابة طموحة، وموقع جغرافي متميز، وموارد طبيعية غنية، وشركات صناعية وطنية رائدة”. بندر الخريف: نريد زيادة محتوى القطاع إلى 239.5 مليار دولار سنويا بندر الخريف: نريد زيادة محتوى القطاع إلى 239.5 مليار دولار سنويا وأضاف “من خلال الإستراتيجية وبالشراكة مع القطاع الخاص ستصبح السعودية قوة صناعية رائدة تسهم في تأمين سلاسل الإمداد العالمية وتصدر المنتجات عالية التقنية إلى العالم”. ومن بين أهداف الإستراتيجية مضاعفة قيمة الصادرات الصناعية للبلاد إلى 557 مليار ريال (148.34 مليار دولار) بحلول نهاية هذا العقد. ومن أهداف الإستراتيجية كذلك الوصول بإجمالي قيمة الاستثمارات الإضافية في القطاع إلى نحو 1.3 تريليون ريال (346.2 مليار دولار). وكانت الحكومة قد أطلقت برنامج تطوير الصناعة المحلية والخدمات اللوجستية وأُنشئت وزارة مستقلة للاهتمام بالقطاع، وعدد من البرامج والكيانات الأخرى. ونتج عن ذلك تضاعف عدد المنشآت الصناعية التي لم يكن يتجاوز عددها 7206 منشآت تأسست خلال 42 عاما، ليقفز عددها بعد انطلاق الرؤية في 2016 بأكثر من 50 في المئة ويصل إلى أكثر من 10.6 آلاف منشأة صناعية في عام 2022. وستعمل الإستراتيجية الصناعية على دفع عجلة النمو في القطاع لتصل أعداد المصانع إلى نحو 36 ألف مصنع بحلول عام 2035 من 10.6 آلاف مصنع في الوقت الحاضر. وأوضح الخريف أن الإستراتيجية لا تقتصر على المجالات الصناعية التي يمكن للسعودية النجاح فيها فحسب، بل تجاوزت ذلك إلى تحديد مجموعة من السلع الصناعية ضمن القطاعات الصناعية التي يجدر تركيز الموارد المحلية عليها. وأسهمت الإجراءات التي نفذتها وزارة الصناعة والثروة المعدنية لتحسين بيئة الاستثمار الصناعي في النمو المتتابع لعدد التراخيص الصناعية الجديدة وحجم الاستثمارات. كما تم تطوير مبادرات جديدة لدعم المستثمرين، سواء المحليون أو الدوليون، والتركيز على الشركات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى تعزيز وتوسيع نطاق المبادرات الحالية القائمة في برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب). وقال الخريف “لقد تم العمل أيضا على تطوير مبادرات خاصة لاثني عشر نشاطا صناعيا، في مقدمتها الأغذية والأدوية والمعدات الطبية والصناعات البحرية وغيرها”. 3.2 تريليون دولار قيمة خطة استثمارية ضخمة لتعزيز قطاعها الخاص بحلول 2030 وعززت السعودية خطواتها في يونيو 2021 لزيادة دور قطاع الصناعة في الاقتصاد عبر إنشاء مجلس الاستدامة لمنظومة الصناعة والثروة المعدنية ضمن رؤية موحدة قادرة على استيعاب متطلبات هذين القطاعين الإستراتيجيين لضمان الانسجام مع خطط التنويع. وقبل ذلك بشهرين أعلنت الحكومة عن خطة استثمارية ضخمة بقيمة 3.2 تريليون دولار لتعزيز قطاعها الخاص بحلول 2030، في إطار الجهود التي تبذلها لتنويع اقتصادها الذي يعتمد بشكل كبير على النفط. وتعمل الرياض على تبني تقنيات الثورة الصناعية الرابعة والتحوّل الرقمي في القطاع الصناعي، حيث أطلقت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية “مدن” برنامج الإنتاجية الوطني بالشراكة مع صندوق التنمية الصناعية السعودي ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لمساعدة المصانع على تحقيق أعلى معدلات الكفاءة الإنتاجية. ولتحقيق ذلك تمت زيادة معدلات تغطية المدن الصناعية بالإنترنت عالية السرعة، وإيصال خدمات الجيل الخامس (5 جي) بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وشركات الاتصالات في السعودية.
مشاركة :