لندن – (أ ف ب): دافعت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس أمس في البرلمان عن نفسها في مواجهة سيل من الانتقادات بعدما اضطرت للتراجع عن برنامجها الاقتصادي مؤكدة أنها «محاربة وليست شخصا ينسحب». تراس التي تراجعت شعبيتها أكثر من أي وقت وتواجه اعتراضات من داخل غالبيتها، كانت صامتة بعد ستة أسابيع على دخولها إلى داونينج ستريت. خرجت عن صمتها فقط لكي تعتذر في حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» بعد تراجعها المذل عن خطة خفض الضرائب الموعودة. واجهت اختبارا مهما خلال لقائها الأسبوعي في جلسة المساءلة في البرلمان. وقالت «أنا مستعدة للمواجهة، مستعدة لاتخاذ قرارات صعبة». وبنبرة تحد، حاولت الدفاع عن سياستها وسط صيحات الاستهجان والدعوات للاستقالة من المعارضة العمالية وإقناع المحافظين في حزبها بقدرتها على البقاء في داونينج ستريت. وتساءل زعيم المعارضة العمالية كير ستارمر «ما فائدة رئيسة وزراء لا تصمد وعودها أسبوعا؟ معددا كل الإجراءات التي اضطرت تراس للتراجع عنها بضغط من الأسواق ومعسكرها». وأضاف «كيف يمكن تحميلها المسؤولية عندما لا تكون مسؤولة؟». تعود الأزمة إلى تقديم «الموازنة المصغرة» في نهاية سبتمبر من قبل وزير ماليتها آنذاك كواسي كوارتينج والتي تتضمن خفض ضرائب بشكل كبير ودعما قويا لفواتير الطاقة، الأمر الذي أثار مخاوف من تراجع الحسابات العامة. سجل الجنيه الاسترليني تراجعا الى أدنى مستوياته وارتفعت معدلات الاقتراض الحكومي الطويل الأجل. واضطر بنك انجلترا للتدخل لمنع الوضع من التدهور إلى أزمة مالية. في محاولة لتهدئة العاصفة الاقتصادية والسياسية، اضطرت رئيسة الوزراء لتعيين وزير مالية جديد هو جيريمي هانت المكلف بإصلاح برنامجها الاقتصادي وطمأنة الأسواق حيال خطة موازنة الحكومة. وأعلن هانت العودة عن كل التخفيضات الضريبية التي وعدت بها رئيسة الوزراء وحذر من انه يجب الادخار في الإنفاق العام مثير شبح عودة التقشف كما حصل بعد الأزمة المالية في 2008. مع تسارع التضخم الى 10,1% في أيلول/سبتمبر، وهو أعلى مستوى منذ 40 عاما، «يجري التحضير لتمرد في صفوف المحافظين» بحسب صحيفة «ديلي تلجراف». من جهتها تطرقت صحيفة «تايمز» أيضا إلى هذا «التمرد» معتبرة في الوقت نفسه أن مثل هذا القرار الذي لا يحظى بشعبية غير مرجح. وحرص وزير المالية الجديد جيريمي هانت على الطمأنة صباح أمس قائلا «هذه الحكومة تعطي الأولوية للفئات الأكثر ضعفا مع تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاتجاه نحو نمو طويل الأمد يرغب فيه الجميع» وذلك في تعليق على بلوغ التضخم ذروة جديدة. وإذا كان الوضع السياسي لا يزال فوضويا، فإن ضبط الوضع الاقتصادي هذا يبدو انه طمأن الأسواق وصندوق النقد الدولي الذي رحب بالعودة إلى «الانضباط المالي» في وقت يلوح فيه الركود في الأفق. لكن الحركات الاجتماعية تواصل التزايد. فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد يوجوف أن بريطانيا من أصل عشرة لديه رأي إيجابي تجاه تراس، وواحدا من خمسة لدى ناخبي القاعدة المحافظة. واعتبر 55% من أعضاء الحزب ان ليز تراس يجب أن تستقيل فيما عبر 38% فقط عن رغبتهم في بقائها في منصبها. قبل سنتين من الانتخابات البرلمانية المقبلة، تتقدم المعارضة العمالية على المحافظين في استطلاعات الرأي. وحض خمسة نواب من حزب تراس، رئيسة الحكومة على الرحيل. وبسبب عدم وجود شخصية تخلفها بشكل واضح، يبدو المحافظون مترددين في خوض عملية تعيين جديدة وطويلة ويسعون الى توافق على اسم، لكنهم ليسوا قريبين من تحقيق ذلك. وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي لشبكة «سكاي نيوز» صباح أمس «لا أعتقد حقا أن بدء حملة جديدة للتخلص من رئيس وزراء آخر سيقنع البريطانيين باننا نفكر فيهم وليس في أنفسنا، ولن يقنع الأسواق بأن تبقى هادئة». لاحقا قالت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان أمس إنها استقالت بعد أن أرسلت وثيقة رسمية من بريدها الإلكتروني الشخصي في «انتهاك تقني» لقواعد الحكومة. وأضافت في رسالة إلى رئيسة الوزراء ليز تراس نشرت على تويتر «لقد ارتكبت خطأ أتحمل المسؤولية وأستقيل». كما قالت برافرمان إن لديها «مخاوف جدية» إزاء التزام الحكومة باحترام الالتزامات التي تعهدت بها للناخبين في الانتخابات الأخيرة.
مشاركة :